هل سيتحقق حلم إسرائيل وتطبع مع السعودية ؟

بقلم: أشرف صالح

اشرف صالح
  • اشرف صالح

تعتبر المملكة العربية السعودية من أكثر الدول التي تسعى إسرائيل بالتطبيع معها , وخاصة في ظل غضب المجتمع الدولي والأمم المتحدة على سلوكيات إسرائيل ونفوذها حول العالم  وخاصة سلوكياتها ضد الفلسطينيين , والغضب الذي يترجم عبر قرارات أممية لصالح الفلسطينيين بشكل دائم ,  يسبب إحراجاً لإسرائيل وعائقاً أمام تسويق روايتها التاريخية والدينية بما يخص إحتلالها  لفلسطين التاريخية , وذلك يتطلب من إسرائيل أن تحشد أكبر عدد ممكن من الدول في صفها سواء بالطبيع أو غير ذلك , وتعتبر السعودية من أكثر الدول التي تحاول إسرائيل التطبيع معها لأكثر من سبب , ومن أهم هذه الأسباب أن السعودية لها بعد قومي وديني وتاريخي بالنسبة للعرب والمسلمين , بالإضافة الى إمكانيتها الإقتصادية وتحالفاتها مع قوى عالمية وخاصة الولايات المتحدة .

عندما طلبت إسرائيل من السعودية  أن تطبع معها على غرار الإمارات والبحرين والمغرب والسودان , وافقت السعودية على ذلك بشرط أن تمنح إسرائيل للفلسطينيين دولة مستقلة على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية , وبالطبع هذا الطلب أصبح حلماً للفلسطينيين من الصعب تحقيقه , فلذلك كان شرط السعودية يعني أنه لا إمكانية للتطبيع مع إسرائيل , لأن إسرائيل لغت فعلياً حل الدولتين من أدبياتها السياسية , فلذلك كان الرفض السعودي الغير مباشر للتطبيع مع إسرائيل صادما ومؤثراً جداً , لأنها بذلك خسرت أهم دولة عربية تمتلك مركز القرار بجانب مصر والإمارات .

كان من الممكن أن تشترط السعودية على إسرائيل شرطاً تستطيع إسرائيل القيام به , كشرط الإمارات مثلاً عندما طلبت من إسرائيل قبل التطبيع أن تجمد تنفذي صفقة القرن ضد الفلسطينيين , وبالفعل وافقت إسرائيل على شرط الإمارات , ورأت أن التطبيع مع دولة غنية كالإمارات أهم من تنفيذ صفقة القرن , وخاصة أن الإنقسام الفلسطيني بحد ذاته هو يمثل جزء كبير من  صفقة القرن .

كان بإمكان السعودية أن تطبع مع إسرائيل بكل سهولة , وكان بإمكانها أن ترسل للفلسطينيين مساعدات نقدية بعد التطبيع بأيام كي يتحول الغضب الفلسطيني الى شهادات شكر , فمثلا لو أرسلت السعودية مليار دولار للضفة والقدس ومليار دولار لغزة , وذلك بعد التطبيع بأيام , لحصلت على شهادات شكر وتقدير من الفلسطينيين أنفسهم كما حدث مع الإمارت تماماً بعد تطبيعها مع إسرائيل , فعندما أرسلت الإمارات شاحنات أدوية لغزة قال لها الجميع شكرا وعلى رأسهم حماس , ولكن السعودية رفضت إستخدام المال كي تنسي الفلسطينيين غضب التطبيع , وقررت أن تضع شرطاً يقف حائلاً بينها وبين التطبيع مع إسرائيل , وهو منح الفلسطينيين دولة مستقلة على حدود 67 .

السؤال هنا , لماذا رفضت السعودية التطبيع مع إسرائيل وهي قادرة على فعل ذلك وقادرة على إمتصاص غضب الفلسطينيين بسهولة ؟ الجواب هو أن السعودية لن تسعى لإرضاء الفلسطينيين بقدر ما تسعى للحفاظ على مكانتها الدولية  والعربية  والإسلامية , فالسعودية اليوم تعتبر ذا مكانة دينية وتاريخية فهي تمثل جغرافيا مرجعية دينية لكل العرب والمسلمين في العالم , فهي عملياً ليس بحاجة الى إمكانيات إسرائيل التي تسعى إليها أي دولة عربية , فالسعودية دولة نفطية ومركزاً للحجيج وأصبحت مركزاً إقتصادياً هاما , وهذا يسمح لها بفتح علاقات مع قوى كبيرة في العالم وخاصة الولايات المتحدة , وهذا بحد ذاته يجعها في غنى عن خدمات إسرائيل التي ستكون مقابل التطبيع ,  وضف على ذلك أن تطبيع السعودية مع إسرائيل سيفقدها هيبتها بين العرب والمسلمين , تلك الهيبة التي تسبق المال بالنسبة لدولة كالسعودية والتي تتمسك بالفكر السلفي الوهابي والتي تضاهي فيه عالمياً طوائف ومذاهب ومعتقدات كثيرة , خاصة أن الفكر الوهابي السلفي يحمل راية السنة والجماعة على مدى عقود طويلة , وهو يعتبر صمام الأمان أمام الهجمة الشيعية الشرسة ضد السنة , وذلك تحرص السعودية على الحفاظ على هيبتها الدينية  , وحتى في وجود أخطاء هنا وهناك من الممكن الحديث عنها في مقالات لاحقة , ولكن ومن وجهة نظري لا زالت السعودية من أفضل النماذج التي قدمت الإسلام بشكله الصحيح , فهم ليس إسلام سياسي كالإخوان وأتباعهم , وفي نفس الوقت ليس إسلام متطرف كداعش وأتباعهم .

كاتب صحفي ومحلل سياسي  

 

 

 

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت