- بقلم: شاكر فريد حسن
شهدت تشيلي في التاسع عشر من شهر كانون الأوّل الماضي، جولة ثانية من الانتخابات الرئاسية، وكان الفوز فيها من نصيب مرشح اليسار الراديكالي غابرييل بوريك، على منافسه اليميني المتطرف خوسيه أنطونيو كاست. ويبلغ بوريك من العمر35 عامًا، وهو أصغر رئيس يتربع على عرش تشيلي، البلد الذي عانى خلال 17 عامًا من حكم الرئيس بينوشيه الدكتاتوري.
وهذا الفوز يمثل انبعاثًا كبيرًا لليسار التقدمي، ويُعد انتصارًا لفلسطين والجالية العربية الفلسطينية في تشيلي، التي احتفلت بهذا النصر المؤزر وسارعت إلى تهنئته، كذلك يشكل خبرًا سيئًا لإسرائيل وقلقًا لدى الأوساط السياسية فيها، لأنه يجسد نموذجًا لتعميم الكراهية العالمية لإسرائيل.
ويعرف عن بوريك دعمه القوي ومناصرته بلا حدود للقضية الفلسطينية ودفاعه عن حقوق الإنسان، التي يجري انتهاكها بشكل متواصل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكان قد وصف دولة الاحتلال بأنها دولة ترتكب الإبادة العرقية وجرائم الحرب.
وبوريك الرئيس التشيلي الجديد هو شاب يساري، نشأ وترعرع في أسرة يسارية داعمة للحزب الاشتراكي، آمن بأفكار اليسار وهو على مقاعد الدراسة الثانوية، وعمل على تأسيس اتحاد الطلاب الثانويين، وعندما التحق بالجامعة لدراسة الحقوق أصبح رئيسًا لمركز طلاب القانون، ومثل الطلاب كعضو في مجلس الجامعة، ثم انتخب رئيسًا لاتحاد الطلاب التشيليين.
إن فوز المرشح اليساري بوريك يشكل صفعة قوية لمحاولات أمريكا المستمرة منذ عشرات السنين خلق وزرع أنظمة موالية تبقيها على أوطنها مزرعة للمصالح الامريكية السياسية والاجتماعية، والشعب التشيلي قال في هذه الانتخابات طلمته الأخيرة لا لأمريكا. كذلك فإن فوز اليسار في تشيلي يشكل ضربة موجعة لليبرالية الجديدة في أمريكا اللاتينية، ومن الناحية الإقليمية يتوقع أن يمنح فوز بوريك هامشًا أوسع أمام الحكومات اليسارية التي تتولى السلطة في الارجنتين وفنزويلا والبيرو لإعادة ترتيب أوراقها، وسيشكل ذلك خيبة أمل بين أوساط البرجوازية في المجتمع التشيلي، وبالنسبة للحكومات الليبرالية المحافظة التي تتولى السلطة في البرازيل وكولومبيا والاورغواي والاكوادور، ويفرض تحديًا على الليبرالية الجديدة والقوى المجتمعية المصطفة حول المجابهة في المرحلة المقبلة والمستقبل القادم.
ولا ريب أن فوز اليسار ووصول بوريك غابرييل للرئاسة سيكون له الأثر الإيجابي على تشيلي من النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية، إذ أن الرئيس المنتخب وعد بسن سياسات اجتماعية أكثر إنصافًا للفقراء والشرائح الاجتماعية المستضعفة والفئات المنسحقة، الذين تضرروا نتيجة السياسات الليبرالية المنتهجة في عهد حكم أوغستو بينوشيه.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت