تداعيات قصف ميناء اللاذقية والإخلال بتوازن الردع

بقلم: علي ابوحبله

علي ابوحبله
  • المحامي علي ابوحبله

أجمع خبراء ومحللون سوريون أن عدوان إسرائيل الجوي المتكرر على ميناء اللاذقية يهدف لإخراجه من الخدمة عبر تنفيذ حصتها من استكمال حلقة الحصار الاقتصادي على الشعب السوري، وتعزيز سياسة الخنق الاقتصادي التي تعتمدها الولايات المتحدة الأمريكية، كما يهدف إلى دق إسفين بين الشارع السوري وبين التواجد الروسي والإيراني في سوريا .
"العدوان الإسرائيلي على مرفأ اللاذقية يمثل امتداداً للعدوان الصهيوني بأشكال عديدة ومركبة، وفي إطار متابعة العقوبات القسرية أحادية الجانب التي تفرضها الولايات المتحدة على سوريا لمحاصرة لقمة عيش المواطن السوري".
 تسعى حكومة الاحتلال الإسرائيلي من قصفها للمرة الثانية ميناء اللاذقية وقد بدا الامر مقلقا على الصعيد الرسمي ، باعتبار مرفأ اللاذقية المتنفسَ الأساسي لسوريا مع العالم، في ظل الحصار الخانق وخروج معظم المعابر الحدودية عن سيطرة الدولة، باستثناء نصيب – جابر مع الأردن، والبوكمال مع العراق، والمعابر مع لبنان.
كان ممكناً أن يمرّ التفجير، كما عشراتٌ غيره يومياً في مناطق محيطة بالعاصمة، لولا الجو العام المحتقن بعد أقل من ست ساعات على قصف إسرائيلي واسع، طال للمرة الثانية خلال هذا الشهر مرفأ الحاويات في اللاذقية ، سادت حاله من الرعب المدينة الساحلية جرّاء عنف الانفجارات وتحطُّم زجاج عشرات المنازل، على بُعد مئات الأمتار من المرفأ الذي لا يبعد أكثر من 150 متراً عن الأحياء الآهلة بالسكان.
 الانفجارات التي استمرت نحوَ ربع ساعة متواصلة، أتت على عشرات السيارات في المنطقة، واحتراق الحاويات، التي تقول البيانات الرسمية إنها "زيوت وقطع غيار للسيارات والآليات وأغذية". عاشت دمشق ليلة مرعبة ، وشُوهِدت ألسنة نيران الحرائق من على بُعد كيلومترات وسط ظلمة دامسة جراء غياب الكهرباء انتقادات صريحة وجهت ضد الروس بسبب "علمهم بالاستهداف" والقصف، على الأقل، كما تناقل آلاف المغردين والناشطين في صفحات التواصل الاجتماعي، مستندين إلى قدرات الروس الدفاعية، وأنه لا يُعقَل أن يجري هذا القصف وروسيا حاضرة بثقلها في قاعدة حميم يم. كما استندوا إلى التواصل الإسرائيلي الروسي، وكان آخره محادثات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، نفتالي بينيت، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في الـ 22 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي في موسكو، وبحثا بصورة خاصة في الملف السوري في ذلك اللقاء. ووفق الأرقام، يحمل قصف ميناء الحاويات في اللاذقية الرقم الـ 29 في قائمة القصف الإسرائيلي للأراضي السورية وطال القصف الصاروخي من خارج الحدود، مناطق شاسعة، من البوكمال عند الحدود مع العراق، إلى شرقي تدمر وجنوبي حلب واللاذقية وغربي حمص ومحيط دمشق الجنوبي والغربي والقنيطرة.
 مساحات واسعة تتذرّع "إسرائيل" بأنها استهدفت خلالها أسلحة إيرانية متطورة، أو مواقع لحلفاء دمشق، أو شخصيات مقاومة، كما جرى عند اغتيال الأسير السابق مدحت صالح في عين التينة على مشارف الجولان المحتل بالأسلحة الرشاشة، في تشرين الأول/أكتوبر الماضي ، منطقياً، ثمّة ما يشبه القناعة بأن وقف هذه الاستهداف، وخصوصاً استهداف الميناء، لن يتحقق من دون الرد المباشر، وليس إسقاط الصواريخ فقط؛ بمعنى أن تدفع " إسرائيل" ثمن كل هجوم تنفّذه ضمن معادلة ردع متوازن. ونظرياً، لا تبدو تلك المعادلة صعبة، بل جرّبتها الفصائل الفلسطينية في غزة ونجحت، على الرغم من فاتورتها الباهظة في لجم العدوان الإسرائيلي.
لكنها، في سياق الواقع، ترتبط أيضاً بمواقف قوى حليفة لدمشق لها دورها في قرار الحرب، مثل روسيا الاتحادية وإيران. تداعيات القصف الإسرائيلي لسوريا قد يعيد النظر بقواعد الاشتباك مع توقعات أن يكون هناك رد قوي ومؤلم للإسرائيليين على هذا العدوان وقد لا يكون رداً سورياً بالضرورة لأن سوريا هي جزء من محور إقليمي وأكثر من مرة حصلت ردود ضد القوات الأمريكية الموجودة بصورة غير شرعية في منطقة الجزيرة السورية (شرق نهر الفرات) أو حتى ضد قوات إسرائيلية سواء عبر قوى في العراق أو حزب الله ووفق التوقعات هناك رد على استمرار الاعتداءات الاسرائيليه بفعل تذمر الشارع السوري يخشى من تداعياتها وتدحرجها لحرب إقليميه

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت