- د.ماهر تيسير الطباع
- القائم بأعمال مدير غرفة تجارة وصناعة محافظة غزة
مع نهاية عام 2021 مازال اقتصاد قطاع غزة يعاني من سياسة الحصار التي تفرضها إسرائيل للعام الخامس عشر على التوالي، هذا بالإضافة إلى الحروب والهجمات العسكرية الإسرائيلية المتكررة والتي عمقت من الأزمة الاقتصادية نتيجة للدمار الهائل التي خلفته في البنية التحتية وكافة القطاعات الاقتصادية وأدت إلى تفاقم أوضاع وأزمات المواطنين.
و قدر تقرير صادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد" في فبراير 2021 ، خسائر اقتصاد قطاع غزة جراء عقد من الحصار الإسرائيلي، بنحو 17 مليار دولار ، مع تراجع إجمالي الناتج الداخلي للفرد في القطاع بـ27% ، وأشار تقرير "الأونكتاد"، إلى أنَّ معدل البطالة في غزة هو من الأعلى في العالم، إذ يعيش أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر، كما يفتقد معظم السكان إلى المياه الصالحة، والمأمونة، وإمدادات الكهرباء المنتظمة، ولا يتمتع حتى بشبكة صرف صحي مناسبة.
وجاءت الحرب الرابعة على قطاع غزة والتي بدأت في العاشر من مايو 2021 واستمرت على مدار 11 يوم ، حيث فاقمت من أزمات القطاع الاقتصادية والاجتماعية والصحية ، وكبدت القطاع خسائر وصلت إلى نصف مليار دولار في كافة القطاعات ، وحتي يومنا هذا لم تبدأ عملية إعادة إعمار وكل ما تم تنفيذه هو إزالة الركام الخاص بالأبراج و المنازل التي تم استهدافها.
وتضرر القطاع التجاري بشكل بالغ حيث تم استهداف منطقة الرمال شارع عمر المختار الذي يعتبر شريان الحياة التجارية والاقتصادية ومنطقة شارع الوحدة، حيث تعرضت المنطقة لدمار هائل وتم تدمير المئات من المنشآت الاقتصادية.
وشهد عام 2021 استمرار لحالة الركود التجاري التي لم يسيق لها مثيل وذلك نتيجة لاستمرار الحصار والحرب الأخيرة على القطاع وفرض قيود على الواردات استمرت لعدة أشهر أدت إلى انخفاض الواردات لعام 2021 بنسبة تجاوزت 25% عن العام السابق.
كما شهد عام 2021 استمرار الارتفاع في معدلات البطالة، حيث بلغ معدل البطالة في قطاع غزة 50% وتجاوز عدد العاطلين عن العمل حوالي ربع مليون شخص، وبحسب البنك الدولي فإن معدلات البطالة في قطاع غزة تعتبر الأعلى عالميا، وارتفعت معدلات البطالة بين فئة الشباب و الخريجين في الفئة العمرية من 20-29 سنة الحاصلين على مؤهل دبلوم متوسط أو بكالوريوس في قطاع غزة لتتجاوز 78%، وارتفعت نسبة الفقر في قطاع غزة لتصل إلى 64%، وبلغت نسبة انعدام الأمن الغذائي لدى الأسر في قطاع غزة حوالي 69%
وأدى تأزم الوضع المعيشي في قطاع غزة إلى انتشار العديد من الظواهر السلبية وأهمها انتشار حالات التسول في أماكن معينة كالمستشفيات والبنوك المساجد والكنائس والأسواق والمحال التجارية وجوانب الطرق وفي أماكن إشارات المرور والمطاعم والمقاهي والأماكن العامة بشكل ملحوظ خلال الفترة الأخيرة خصوصا بين فئة الأطفال، كما انتشر التسول الإلكتروني من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى انتشار العديد من المشاكل الاجتماعية وعلى رأسها ارتفاع معدلات الطلاق في قطاع غزة وزيادة ملحوظة في أوامر الحبس على الذمم المالية.
وفي النهاية فإن كافة المؤشرات السابقة تؤكد بأن قطاع غزة حاليا ليس على حافة الانهيار بل يدخل في الرمق الأخير من مرحلة الموت السريري، حيث أن قطاع غزة اصبح نموذج لأكبر سجن بالعالم، بلا إعمار، بلا معابر، بلا ماء ، بلا كهرباء، بلا عمل، بلا دواء، بلا حياة، بلا تنمية، ويجب أن يعلم الجميع بأن الخناق يضيق بقطاع غزة والانفجار قادم لا محال، وأصبح المطلوب من كافة المؤسسات و المنظمات الدولية و المجتمع الدولي الضغط الفعلي والحقيقي على إسرائيل لإنهاء حصارها لقطاع غزة وفتح كافة المعابر التجارية وإدخال كافة احتياجات قطاع غزة من السلع و البضائع وعلى رأسها مواد البناء دون قيود أو شروط.
ومن المتوقع أن تستمر حالة التراجع خلال عام 2022 في ظل المؤشرات المذكورة وغياب أي حلول سياسية تلوح في الأفق على صعيد المصالحة الفلسطينية أو على صعيد تحسن العلاقة مع إسرائيل، كما أن استمرار جائحة كورونا وإجراءاتها ستنعكس سلباً على الواقع الاقتصادي.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت