-
اشرف صالح
إن التيار السلفي في العالم وفي فلسطين ينقسم الى شقين "السلفية الدعوية والسلفية الجهادية" ومن يتحدثون دائما عن الجهاد في فلسطين ضد اليهود هم السلفية الجهادية , ويقولون أن الجهاد هو جهاد في سبيل الله وليس في سبيل وطن قومي ونظام ديمقراطي , وهذا في حال أن الجهاد في فلسطين موحد , فما بالكم أن الجهاد في فلسطين منقسم ومفرق , ففي هذه الحالة يتحول الجهاد في سبيل وطن قومي الى جهاد في سبيل حزب سياسي , ويقولون أيضاً أن الجهاد يجب أن يكون تحت راية واحدة وتحت قيادة خليفة واحد أو أمير واحد , ويقولون أن الجهاد في سبيل الله هو جهاد يشمل كل بقاع الأرض بهدف نشر دعوة الإسلام عالمياً , ويقولون أن الجهاد يجب أن يكون أولاً في تنظيف وتطهير المسلمين من الفساد والفسوق قبل أن يكون ضد الأعداء , ويقولون أيضاً أن الجهاد في سبيل الله هو جهاد يهدف الى إقامة خلافة إسلامية تحكم بالشريعة الإسلامية وتطبق الحدود , وليس بهدف إقامة دولة مدنية قومية ديمقراطية .
ومن السلفيين من يحرم العمليات الإستشهادية ويعتبرها إنتحار , ومن السلفيين من يحرم إضراب الأسرى عن الطعام ويعتبره إنتحار , وهناك الكثير من الأمور الجهادية الفرعية يحرمها السلفيين على إعتبار أنها لن تخدع لفقه الجهاد , وبالطبع وبناء على هذه الآراء نجد أن السلفيين أنفسهم منقسمين ويعيشون حالة تناقض كما هو حال جميع الأحزاب السياسية , بدليل أن القاعدة لها راية , وداعش لهم راية , وطالبان لهم راية , وتنظيم الجهاد في مصر لهم راية , وحزب التحرير لهم راية...إلخ , فكلامهم بالطبع ضد جهاد الفلسطينيين ينطبق عليهم جملة وتفصيلا , لأنهم من الأصل غير موحدين وغير متفقين على رأي واحد , وهذا لا يعني أننا كفلسطينيين لا نقع في اخطاء جهادية كبيرة من الناحية الفقهية , فهناك الكثير من الأخطاء الفقهية نقع فيها كفلسطينيين بما يخص الجهاد , ولكن هذا لا يعارض أننا كدولة تحت الإحتلال قد نتعرض للإنتهاكات بشكلها اليومي , ونضطر للدفاع عن أنفسنا بكل الوسائل المتاحة , ولأننا كفلسطينيين نعاني من "الإنقسام والإحتلال" فليس لدينا وقت أن نعود الى رشدنا في يوم وليلة , ونقرا فقه الجهاد من الألف الى الياء , ومن ثم نطبقه حرفياً , فصناعة سلاح نووي سيكون أسهل من ذلك علينا , لأننا وبإختصار لا نستطيع إنجاز مجرد مصالحة على مدار خمسة عشر عاماً , فكيف سنجاهد اليهود بفقه الجهاد !!
إن رأي السلفيين فيه الصواب وفيه الخطأ وهو لا يعني أن السلفيين على راي واحد , ورأينا أيضاً كفلسطينيين ممثلين بأحزاب سياسية ومجتمع مدني فيه الصواب وفيه الخطأ و وهو لا يعني أننا على رأي واحد , وهذا يعني أننا جميعاً كمسلمون مخطؤون وبحاجة الى مراجعات فكرية وفقهية , فنحن جميعاً مشتتون ومنقسمون سواء تنظيماً أو فكرياً , فمن الطبيعي أن نكون كفلسطينيين جزء من منظومة الخطأ الفكري والفقهي وخاصة بما يتعلق بالجهاد , وهذا لا يعني أننا صح لأننا جزء من منظومة فاسدة , ولكن هذا يتطلب منا أن ننظر الى تقييم الآخرين إلينا ونتعامل معه من باب الإصلاح وجلد الذات , وحتى لو كنا ننظر الى الآخرين أن عقيدتهم فاسدة أو فكرهم فاسد , فهذا لا يمنع أن ننظر الى أرائهم كما ننظر الى المرآة , لأن قضية الجهاد ليس سهلة وليس مقامرة أو مغامرة أو رحلة ترفيهية أو عقد عمل , ولذلك يتطلب منا أن نطبق على الأقل ما يتناسب معنا ومع واقعنا بما يخص فقه الجهاد , فإذا كان رأي بعض السلفيين من وجهة نظرنا يحمل بعض الشبهات , فهذا لا يمنع أن نجاهد على نهج كتاب الله وسنة رسوله , لأننا في الأصل كفلسطينيين مسلمين , وذلك بعيداً عن الإسلام السياسي , والإسلاموفوبيا .
أشرف محمود صالح
كاتب صحفي ومحلل سياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت