هل ينجح الرئيس تبون بتحقيق المصالحة واستعادة مركزية فلسطين

بقلم: علي ابوحبله

علي ابوحبله
  •  المحامي علي ابوحبله

احتضنت الجزائر الدورة الثامنة عشر للمجلس الوطني الفلسطيني في مدينة الجزائر، ما بين 20 و 25 نيسان/أبريل 1987، التي نجحت في استعادة وحدة الفصائل الرئيسية لمنظمة التحرير وكانت من العوامل التي مهدت لاندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى ، ولقد سبق عقد الدورة الثامنة عشرة حوار وطني شامل، شاركت فيه كافة الفصائل والفعاليات والشخصيات الوطنية الفلسطينية، وساده جو من الحرص المشترك على دعم وتعزيز الوحدة الوطنية لترسيخ ركائزها وأسسها، كما حظي بدعم إيجابي مخلص من جانب الأشقاء والأصدقاء معاً أدى إلى بلورة اتفاق وطني شكل أرضية راسخة لعقد الدورة الثامنة عشرة، دورة الوحدة الوطنية وصمود المخيمات ونضال الأرض المحتلة.
ينتظر أن يكتمل وصول الوفود المُمثّلة لكبرى الفصائل الفلسطينية إلى الجزائر العاصمة، في غضون هذا الأسبوع، بعدما وصل إليها، يوم السبت الماضي، وفد من حركة فتح برئاسة القيادي عزام الأحمد، لبدء مباحثات تُمهّد لعقد مؤتمر جامع. وسيكون هذا المؤتمر تجسيداً للاتفاق بين الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، خلال زيارة الأخير للجزائر في 6 كانون الأول الماضي، والتي أعلن فيها قرار بلاده احتضان مؤتمر للفصائل الفلسطينية من أجل " إنهاء الانقسام واستعادة الحوار والعمل المشترك بين الفلسطينيين»، وهو هدف تَعتبره الجزائر استراتيجياً، في ظلّ مساعيها إلى إحياء دورها عربياً وإقليمياً، خصوصاً أنها تستعدّ لاحتضان القمة العربية المرتقَبة في شهر آذار المقبل. التحرك الجزائري وفي هذا التوقيت يكتسب أهميه ضمن جهود تقود لاستعادة أهمية القضية الفلسطينية ، بعد أن تراجعت في سُلّم الاهتمامات ودخلت دائرة النسيان في دبلوماسيّات بعض الدول المؤثّرة، وفي الواقع، تميّزت الجزائر بمواقفها الرافضة للتطبيع وصفقة القرن واتفاقيات أبراهام ، الجهود الجزائرية تهدف إلى إعادة وضع القضية الفلسطينية في قلْب اهتمامات الجامعة العربية في خطوه تسبق انعقاد القمة العربية المقرر أن تنعقد في آذار المقبل وبدا أن هذه الجهود شكّلت انعطافة في النهج الدبلوماسي الجزائري، الذي أصبح مباشراً وهجومياً، ضمن الخطّ نفسه المُجاهِر بمساندة القضية الفلسطينية.
وفي هذا الإطار، يمكن قراءة الحفاوة التي حظي بها الرئيس عباس لدى زيارته الجزائر، حيث دُعي إلى استقباله كلّ السفراء المعتمدين في البلاد، كنوع من الإشهاد الدبلوماسي على الموقف الجزائري الرافض للتطبيع. وخلال تلك الزيارة أيضاً، أرادت الجزائر الانتقال إلى دائرة الفعل، عبر الدعم المادي المتمثّل في منْح السلطة الفلسطينية 100 مليون دولار، والدعم السياسي من خلال إظهار استعدادها لاقتحام ملفّ المصالحة الفلسطينية الشائك، وهو ما قابلته الفصائل بالترحيب. ولا يُستبعد أن يكون الحديث عن زيارة محتملة للرئيس الجزائري لمصر، بعيداً من السياق الفلسطيني؛ فالجزائر من وراء انخراطها في مسار المصالحة، لا تريد وفق بعض القراءات أن تكون مزاحِمة للقاهرة، بقدر ما تتطلّع إلى أن يكون دورهما متكاملاً، قبل أشهر فقط من استقبال القادة العرب على أراضيها.
 وتريد الجزائر، من وراء السعي لتحريك المصالحة الفلسطينية قبيل انعقاد القمة العربية، وفق المعطيات السياسية لموقفها، إعادة وضع القضية الفلسطينية في قلْب اهتمامات الجامعة العربية، وجعلها القاسم المشترك الأكبر بين العرب، وذلك من خلال إحياء منطلقات مشتركة مثل " المبادرة العربية للسلام" لقمة بيروت 2002، والتي تعيد الجزائر في كلّ المناسبات الدولية التذكير بها، على الرغم من أنها مبادرة لا تحظى لدى الطبقة السياسية الجزائرية بالإجماع؛ فبعض الأحزاب الإسلامية واليسارية ترفضها بقوة.
كما أن النجاح في تحقيق تقارب بين الفصائل الفلسطينية، سيعزّز، من وُجهة النظر الجزائرية، من مركز السلطة التفاوضي، على الأقلّ في الجامعة العربية، لوقف قطار التطبيع الذي يصبّ بالكامل في خدمة إسرائيل ولا يُحقّق أيّ مكتسب للفلسطينيين. نأمل أن يخرج حوار الجزائر بخطة وطنيه تأخذ بأبعادها المصلحة الوطنية الفلسطينية بعيدا عن الشخصنه والمحاصصه ، وتشتمل على برنامج وطني ، يتضمن إعادة ترتيب البيت الفلسطيني ، وتعالج كيفية إعادة بناء المنظمة، وتعريف السلطة وتغييرها، والانتخابات كمعركة ضد الاحتلال، إضافة إلى معالجة آثار وتداعيات الانقسام، ولا بد من وضع خطة للخروج من أوسلو والتزاماته وأن يسار إلى خطة واليه للتنفيذ .

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت