- د. فايز أبو شمالة
لم تأت استقالة سليم الزعنون رئيس المجلس الوطني الفلسطيني من باب التقدم في السن، كما يشاع، ولم تأت من زاوية الملل السياسي، استقالة سليم الزعنون من رئاسة المجلس الوطني جاءت من منطلق الاختلاف، وعدم قدرة الرجل على تحمل المسؤولية لما وصلت إليه الحالة الفلسطينية، ولاسيما بعد أن حدد سليم الزعنون رئيس المجلس الوطني تاريخ 20/1/2022 موعداً لانعقاد المجلس المركزي، جاء ذلك في تصريح صحفي صدر عنه بتاريخ 15/12/2021، قال فيه: إن رئاسة المجلس الوطني الفلسطيني واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية قررت دعوة المجلس المركزي الفلسطيني للانعقاد، لمناقشة الأوضاع التي تهم الساحة الفلسطينية والتصدي لما تتعرض له القضية الفلسطينية من هجمة استعمارية شرسة، وتعزيز الوحدة الوطنية، وتطوير وتفعيل دور مؤسسات ودوائر منظمة التحرير الفلسطينية، وتمتين الوضع الداخلي لمجابهة كل تلك الأخطار، وفي مقدمتها محاولات الاحتلال الإسرائيلي المتسارعة، لتنفيذ مشروعه الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية، وخاصة في مدينة القدس، وتنكره لكافة قرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة بالقضية الفلسطينية.
بعد شهر من هذا التصريح؛ تأكد لرئيس المجلس الوطني استحالة عقد المجلس المركزي، وأن هناك معيقات تحول دون كسر حالة الجمود والانتظار على الساحة السياسية الفلسطينية، لذك لم يجد الرجل من بد إلا الاستقالة، والنأي بنفسه عن هذا الوضع المأسوي، الذي وصلت إليه القضية الفلسطينية، فجاءت الاستقالة قبل يومين من الموعد الذي حدده لعقد جلسة المجلس المركزي.
وكان سليم الزعنون قد دعا في افتتاحية العدد (66) من مجلة المجلس البرلمانية التي صدرت بتاريخ 5/12/ 2021، إلى استثمار جلسة المجلس المركزي القادم لكسر محددات الوضع القائم وقيوده، فكتب يقول: إنه في ضوء سياسة كسب الوقت، وامتناع ومماطلة الدول الكبرى وفي مقدمتها ادارة بايدن، وتخلي مجلس الأمن الدولي عن تحمل المسؤولية، وعدم الاستجابة لنداءات الشعب الفلسطيني وقيادته لتنفيذ القرارات الدولية تجاه قضيتنا، والفشل في تحقيق السلام الذي ينهي الاحتلال لأرضنا، فإن كل ذلك يفرض علينا الإعداد لمواجهة شاملة مع الاحتلال على المستويات كافة، الداخلية والخارجية، لأن الانتظار أكثر من ذلك يعني المزيد من ضياع الحقوق، ويفسره العالم والعدو الاسرائيلي انه قبول وتعايش مع الوضع القائم.
هذه الافتتاحية مهدت للاستقالة، فالذي لا يقبل التعايش مع الوضع القائم يفتش عن البدائل، وقد وجدها الزعنون بحكم السن في الاستقالة، وقد وجدها غيره بتأييد تنظيمات المقاومة في غزة، كخير بديل لتنظيمات التنسيق والتعاون الأمني، التي تشارك في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وتتنافس فيما بينها على موقع رئيس المجلس الوطني، ونائب رئيس المجلس الوطني، وأمانة سر اللجنة التنفيذية.
لقد سبقت حنان عشراوي، واستقالت من عضوية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير؛ لأن المنظمة بحاجة إلى تجديد، ودماء شابة، ولأن القرارات تؤخذ بشكل فردي، ودكتاتوري، ولأن اللجنة التنفيذية تعاني التهميش، ولأن حنان امرأة لها موقف، وتؤمن بعدالة قضيتها، رفضت أن تكون إمعة، ورفضت أن تكون مجرد ديكور في قيادة منظمة التحرير، فاتخذت القرار الذي لا يجرؤ على اتخاذه من يدعون الرجولة والبطولة، ويوهمون الشعب بالانتصار، فإذا بحنان عشراوي تفضح ولاءهم لمصالحهم والدولار.
تأخير انعقاد المجلس المركزي يرجع إلى صراعات داخل اللجنة المركزية لحركة فتح على المناصب، وطالما قد اتفقوا في اللجنة المركزية لحركة فتح على تجديد الثقة لمحمود عباس رئيساً لمنظمة التحرير، ورئيساً للصندوق القومي، ورئيساً للسلطة الفلسطينية، واتفقوا على ترشيح روحي فتوح رئيساً للمجلس الوطني، واتفقوا على ترشيح حسين الشيخ عضوا في اللجنة التنفيذية للمنظمة، فإن انعقاد المجلس المركزي بات قريباً، فهذه القرارات لتؤكد أن منظمة التحرير الفلسطينية ليست إلا إحدى مؤسسات حركة فتح، تقدم إليها من آمن بالتنسيق والتعاون الأمني مع الإسرائيليين، وتبعد عنها كل من آمن بتحرير آخر شبرٍ من تراب فلسطين.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت