- بقلم/ نعمان فيصل
لا بدَّ للفن أن يُقام على قواعد الأخلاق، ويجسّد الجمال، ويحلّل العواطف البشرية بصدق، ومن باب أن المتلقي شريك وطرف آخر في القضية التي يعالجها أي معرض فني بما يخدم تنمية التفكير والتذوق الفني والإحساس الجمالي، ويمكن القول: إن ما تم عرضه من رسمات كاريكاتيرية مسيئة للرئيس ياسر عرفات في معرض "فلسطين وياسر عرفات" في مدينة رام الله كان بائساً بالمعنى المادي والمعنوي للبؤس، وإن هذه الصور لم تضفِ الرمزية اللازمة من خلال عرضها، وتبين ضحالة أفكار راسمي الكاريكاتير، وكان من الأوجب أن تدل هذه الرسوم على صورة الرجل الحقيقية التي اتصف بها طيلة حياته، وهذه هي المصداقية الفنية الذي يتحدث عنها النقاد مراراً، وما دامت هذه الرسوم تعتبر فناً، فالفن يخلد صاحبه ولا يحقره، وأنا شخصياً لم أشعر بأن هذه الرسوم استطاعت أن تخلد صاحبها، فأين صفات الشجاعة والإقدام من هذه الصور ؟!
وكشف هذا الموضوع عن سوء أداء للقائمين على المعرض، ومن المحزن أن تبرير مؤسسة ياسر عرفات كان مخالفاً للرأي العام، وكان ذلك التبرير مدعاة لتسفيه هذا الرأي ورفضه.
وفي هذا المقام يحضرني قول الزعيم نيلسون مانديلا: (ليس حراً من يُهان أمامه إنسان ولا يشعر بإهانة)، فكيف إن كان هذا الإنسان رجلاً يختصر قضية، وقضية تختصر رجلاً، وكانت كوفيته جواز السفر الفلسطيني إلى العالم؟!! إنها الثقافة العاجزة الكليلة التي تقلل من العقلية الفلسطينية والقدرات الوطنية التي تشيّد لأمثال هذه الشخصية تماثيل تخلد تاريخها وعطاءها.
وإنني أقرع ناقوس الخطر من مثل هذه الأعمال، وأحذر من تداعياتها لما قد يدبر الآن من إحداث خلخلة في الأوضاع بالضفة الفلسطينية لإحداث نوع من الفوضى الأمنية تأخذ بالأوضاع والمنطقة إلى جحيم يحرق كل ما هو مقدس، وتحاول إطفاء نيران أطول ثورة في التاريخ .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت