قالت وزيرة الصحة الفلسطينية د. مي الكيلة إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تُمعن في سياسة الإهمال الطبي بحق الأسرى المرضى والجرحى، قاصدة بذلك قتلهم ببطء.
وأضافت الكيلة، في مؤتمر صحفي عقد يوم الثلاثاء في مقر وزارة الصحة بمدينة رام الله، أن ما يحدث مع الأسير المريض بالسرطان ناصر أبو حميد، هو سياسة إسرائيلية ممنهجة وخطة مدروسة، وليس لها أي مبرر أو دواع أمنية، حيث لا يقوى على السير، ولا على تحريك أطرافه، فكيف سيشكل خطراً على دولة الاحتلال؟
وحذرت من انتكاسة صحية قد يتعرض لها الأسير ناصر أبو حميد في أي لحظة، فهو لا يتلقى العلاج اللازم، ولا يتواجد في بيئة صحية أصلاً، عدا عن تدمير الاحتلال لحالته النفسية التي هي من أهم خطوط الدفاع للمرضى.
وقالت "إن ناصر بحاجة إلى عائلته، وبحاجة إلى مستشفى مدني على الأقل لعلاجه في حال استمرار رفض الاحتلال نقله إلى مستشفى فلسطيني، حيث يعاني من السرطان، وتم استئصال النصف الأسفل من رئته اليسرى، ويخضع للعلاج الكيماوي، ومؤخراً تعرض إلى التهاب رئوي حاد أدى إلى انهيار الجهاز التنفسي لديه".
وأشارت إلى أن حالة الأسير أبو حميد في الوضع الطبيعي تحتاج إلى متابعة علاجية مستمرة مع طبيب خاص، إضافة إلى أنه بحاجة إلى رعاية على مستوى التغذية للحفاظ على جهازه المناعي قوياً حتى يتمكن من مقاومة المرض، وهذا ليس متوفراً أبداً في سجون الاحتلال، أو في ما تسمى عيادة سجن الرملة.
وحملت الوزيرة الكيلة إدارة سجون الاحتلال المسؤولية الكاملة عن استمرار مسلسل الإهمال الطبي بحق الأسرى. وطالبت المؤسسات الدولية ومؤسسات حقوق الإنسان والصليب الأحمر صاحب الولاية على أسرى الحرب بالقيام بدورها اللازم تجاه قضية الأسرى، بما تضمنته اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة، والعهد الدولي لحقوق الإنسان، والاتفاقيات الدولية ذات العلاقة.
بدوره، شدد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدري أبو بكر على أن الأسير ناصر أبو حميد نقل إلى "عيادة سجن الرملة" ومعه اسطوانة أكسجين ومعدات للتنفس الاصطناعي، وهذا يؤكد أن حالته الصحية ما زالت صعبة بما يتعارض مع ما تحاول سلطات الاحتلال ادعاءه بأن وضعه الصحي بدأ بالاستقرار.
وأضاف أن الأسرى يطلقون على هذا المستشفى "مقبرة الأحياء"، وهو مكان يتواجد فيه 16 أسيراً من أصحاب الأمراض الخطيرة والصعبة كغسيل الكلى والسرطان، وفيه عدد من الأسرى المقعدين.
وأكد أبو بكر أن نقل الأسير أبو حميد من مستشفى مدني إلى سجن الرملة يعني إعدامه بشكل بطيء لا سيما أنه بحاجة إلى عناية فائقة لا تتوفر في مكان غير مؤهل ولا يقدم فيه أدنى نوع من العلاج أو الرعاية الطبية التي تتطلبها الحالات الحرجة.
وأضاف: "سلطات الاحتلال ممعنة بسياسة الإهمال الطبي، وشاهدنا في السابق أسرى أصيبوا بالسرطان بعد اعتقالهم واستشهدوا نتيجة هذه السياسة، وحتى بعد ارتقائهم واصلت سلطات الاحتلال احتجاز جثامينهم. وهناك 8 جثامين لأسرى استشهدوا داخل السجون، وتواصل سلطات الاحتلال احتجازها في الثلاجات أو ما تسمى "مقابر الأرقام".
وبيّن رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين أن رسائل عدة وجهت من قبل الرئاسة ووزارة الصحة والمؤسسات التي تعنى بشؤون الأسرى كافة إلى المجتمع المحلي الدولي والمؤسسات الحقوقية، للعمل على إطلاق سراح الأسير ناصر أبو حميد، إلا أن سلطات الاحتلال لم تستجب لأي من البيانات والرسائل التي وجهت لها، بل ضربت بهذه المناشدات الإنسانية عرض الحائط.
بدوره، أكد رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس أن الإجراءات المتواصلة من أجل إطلاق سراح الأسير أبو حميد تشمل جهوداً سياسية في هذا الجانب، حتى تتوفر له فرصة علاج مناسبة"، مشيرا إلى أن العمل جارٍ على مسار قضائي، يشمل التوجه إلى "المحكمة العليا الإسرائيلية"، لاستصدار قرار بالإفراج عنه نظرا لخطورة المرض الذي يعاني منه.
وأوضح أن فرصة النجاح في هذا الإطار تكاد تكون معدومة، نظرا لأن إسرائيل أقدمت على تجميد العمل بأحد بنود القانون (البند السابع) الذي يتيح إطلاق سراح أسرى، واستثنت من ذلك الأسرى الأمنيين، في خطوة عنصرية أقدمت عليها الكنيست الإسرائيلية.
وأضاف: "حالة القلق على مصير الأسير أبو حميد تدفعنا للجوء للقضاء الإسرائيلي، إضافة لذلك فإن تجميد البند السابع لم يخضع إلى امتحان أمام المحكمة العليا الإسرائيلية، وفي حالة الأسير الشهيد حسين مسالمة، وحين وجدوا أن المحكمة يجب أن تتصدى لهذا الأمر وأن تعطي رأياً قانونياً؛ قامت سلطات الاحتلال بإطلاق سراحه".
وشدد فارس على ضرورة تسليط الضوء على الجريمة البشعة المتواصلة بحق الأسيرات والأسرى، والمتمثلة بالإهمال الطبي المتعمد، مؤكداً أن هذه القضية تحتاج إلى موقف وطني وسياسي وشعبي وعربي ودولي، يوقف تمادي إسرائيل للتوقف في هذه الجريمة.
وأوضح باسل أبو حميد، شقيق الأسير ناصر، أن سلطات الاحتلال ضربت بعرض الحائط توصيات الأطباء في مستشفى "برزلاي" بإبقاء شقيقه مدة أطول لتلقي الرعاية اللازمة، بداعي أنه استفاق من الغيبوبة.
وقال: "في 26 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، أكد لنا أطباء "برزلاي" أن وضعه، ورغم التحسن الطفيف الذي طرأ عليه، يبقى صعباً، الأمر الذي يتطلب إبقاءه لمدة أطول في العناية المركزة ثم نقله إلى قسم الجراحة، إلا أن إدارة سجون الاحتلال نقلت ناصر في نفس اليوم الذي استفاق فيه من الغيبوبة إلى سجن مستشفى الرملة الذي يفتقر لأدنى المستلزمات الطبية الضرورية للأسرى المرضى المتواجدين فيه".
وأوضح أن المحامية بثينة دقماق والتي زارته قبل يومين في "الرملة"، ذكرت أنه أُحضر للزيارة على كرسي متحرك حيث لم يكن يقوى على الحركة، وكان يتحدث ببطء نظراً لما يسببه له ذلك من تعب.
وأكد أبو حميد أن شقيقه الأسير الذي يعاني من مرض السرطان، أقرت له في مستشفى "برزلاي" 12 جلسة علاج كيماوي، تلقى منها اثنتين فقط، وتبقى 10 جلسات، مشيرا إلى أن وجوده في مستشفى سجن الرملة لن يمكنه من استكمال الجلسات العلاجية.
وبيّن أن أفراد العائلة يواجهون رفضاً مستمراً من قبل سلطات الاحتلال لمنحهم تصاريح تمكنهم من زيارة الأسير ناصر كحالة إنسانية، رغم أن بعضهم يمتلكون تصاريح لزيارة الأشقاء الأسرى في سجن عسقلان.