- المجلة العدلية العثمانية هي عبارة عن قانون لأحكام الفقه الإسلامي، بلغة حقوقية تسهل رجوع القضاة إليها، تشمل مجموعة من أحكام المعاملات والدعاوى والبينات صدرت أواخر القرن 13 هجري.
- الشيخ محمد سرندح للأناضول:
- - جميع الأحكام الشرعية التي نصدرها تتبع نظام قانون الأحوال الشخصية الأردني
- - مسوخ الحكم النهائي لا يخالف أي بند من بنود مجلة الأحكام العدلية.
- - هذه المجلة هي السابقة الأولى في العصر الإسلامي التي يتم فيها تفريغ المواد الفقهية إلى مواد قانونية.
تستأنس المحكمة الشرعية في مدينة القدس الشرقية ببنود "مجلة الأحكام العدلية" العثمانية في جميع قراراتها التي تتبع نظام قانون الأحوال الشخصية الأردني.
والمجلة العدلية هي عبارة عن قانون لأحكام الفقه الإسلامي، بلغة حقوقية تسهل رجوع القضاة إليها، تشمل مجموعة من أحكام المعاملات والدعاوى والبينات، متضمنة أحكاماً شرعية لمختلف المعاملات المدنية، وضعتها لجنة علمية مؤلفة من ديوان العدلية بالأستانة (الاسم القديم لإسطنبول).
ففي أواخر القرن 13هجري أنشئت في تركيا المحاكم النظامية ونقل إليها بعض اختصاصات المحاكم الشرعية، وحينها لم يكن قضاتها من الفقهاء المتمرسين بالفقه، ولعدم استطاعتهم أخذ الأحكام من الكتب الفقهية؛ بسبب اختلاف أساليبها وكثرة الآراء فيها، اقتضى الأمر جمع أحكام المسائل وصياغتها على هيئة قانون يسهل الرجوع إليه.
وحينها أصدرت السلطنة قرارا إبان عهد السلطان عبدالعزيز بن محمود الثاني 1869م بتأليف لجنة من الفقهاء برئاسة وزير العدلية، وأتمت عملها في 8 سنوات ما بين (1285إلى عام 1293هـ)، بعد أن انتقت مجموعة من الأحكام من فقه المذهب الحنفي، ثم فصلتها بمواد ذات أرقام متسلسلة، ليسهل الرجوع إليها.
وبهذا الصدد، قال الشيخ محمد سرندح، قاضي القدس الشرعي وخطيب المسجد الأقصى، في حديث لوكالة الأناضول إن "مسوخ الحكم النهائي الصادر عن المحكمة الشرعية لا بد وأن يكون متوافقا بشكل كامل مع قانون الأحكام الشرعية وأصول المحاكمات الشرعية الأردنية ولا يخالف أي بند من بنود مجلة الأحكام العدلية".
ومحكمة القدس الشرعية التابعة لدائرة الأوقاف الإسلامية في القدس تتبع لوزارة الأوقاف الأردنية.
وأضاف سرندح: " المحكمة الشرعية في مدينة القدس تتبع للمملكة الأردنية الهاشمية وهي تحت الوصاية الهاشمية منذ بداية الحكم الأردني في هذه البلاد وحتى هذا اليوم".
وأوضح أن "جميع الأحكام الشرعية الصادرة عن المحكمة الشرعية الأردنية في القدس تتبع نظام قانون الأحوال الشخصية الأردني ودائما وأبدا يستأنس القاضي ويعتمد على كثير من بنود مجلة الأحكام العدلية فيما يتعلق بالبينات والشهود وفي اليمين ورد اليمين والدعاوى والبينات وترجيح البينات".
وأشار سرندح إلى أن "الحكم الصادر عن المحكمة الشرعية الأردنية يتضمن دائما بنود القانون الأردني المتعلق بالأحوال الشخصية كما يتضمن البنود الخاصة بالإثبات والبينات وطريقة اثبات الدعاوىـ، فيستأنس دائما بالحكم بأرقام المواد المتعلقة بقانون الأحوال الشخصية وأرقام المواد التي وردت في مجلة الأحكام العدلية".
وذكر في هذا الصدد أن "كل حكم يصدر عن المحكمة الأردنية له كفتي ميزان، ما يتعلق بقانون الأحوال الشخصية وما يتعلق بقانون أصول المحاكمات الشرعية".
ومن الاستحالة، وفق سرندح، أن يصدر حكم عن المحكمة الشرعية دون أن يعتمد على كفتي الميزان، كما لا يمكن أن يستغني القاضي عن الثوابت العامة الواردة في المجلة العدلية.
وتابع: "الحكم الصادر عن المحكمة الشرعية هو عبارة عن أركان ممزوجة من قانون الأحوال الشخصية وقانون أصول المحاكمات الشرعية وبنود المجلة التي لا بد من الرجوع والاستئناس بها".
ويحتفظ الشيخ سرندح بمكتبه في المحكمة الشرعية في حي واد الجوز بالقدس الشرقية بنسخة من مجلة الأحكام العدلية التي شرحها الأستاذ علي حيدر باشا وترجمها الأستاذ فهمي الحسيني.
وقدم الشيخ سرندح شرحا لآلية صدور مجلة الأحكام.
وبيّن أنه "من المعروف والمتعارف عليه على مر العصور الإسلامية بأن المرجعية دائما هي للفقه الإسلامي سواء في الأحوال الشخصية مثل الزواج والطلاق أو أي معاملة من المعاملات اليومية التجارية أو ما نطلق عليه نظام المعاملات".
وذكر سرندح: "مع تقدم العصور واتساع الدولة، كان لا بد في فترة الدولة العثمانية أن يتم ترتيب المرجعية الفقهية لجميع الأماكن التي يقضى فيها بين الناس، بمعنى أن تكون هناك مرجعية فقهية في كل مدينة وقرية ودولة، وذلك لاتساع رقعة المسلمين على هذه البسيطة".
وتابع: "حتى تضبط الأمور من ناحية إدارية عامة تم تفريغ جميع الأحكام الشرعية المتعلقة بالمعاملات في الفقه الحنفي بمواد نصية بلغت حوالي 1800 قاعدة تعتبر المرجعية للفقه الحنفي".
وبالتالي، فإن مجلة الأحكام العدلية هي عبارة عن تفريغ الفقه الحنفي من ناحية المعاملات إلى 1800 قاعدة في 16 بابا بما فيها الكفالات والبيوع والشفعة والإقرار والبيانات وغيرها من القضايا التي تتعلق بالقضاء بين الناس في الأمور المالية سواء عناوين فقهية أو طريقة الإثبات لهذه الحقوق، بحسب سرندح.
وبذلك أصبحت مجلة الأحكام العدلية أول قانون في العصر الإسلامي يتم فيه تفريغ المواد الفقهية إلى مواد قانونية، بحسب قاضي القدس الشرعي.
ولفت سرندح إلى أنه "تم تفريغ الفقه الحنفي كاملا في مجلة الأحكام العدلية العثمانية"، موضحا أن صياغة المجلة تم في ديوان العدلية في الأستانة عام 1286 هجري، حيث تم إيلاء هذه المهمة لمجموعة من القانونيين الذين صاغوا 1800 قاعدة.
واستطرد: " كتبت المجلة باللغة العثمانية وتم ترجمتها إلى العربية من قبل فهمي الحسيني وقام بشرحها بشكل تفصيلي علي حيدر باشا وهو من تركيا لأن كل قاعدة منها يطرأ عليها تفسيرات وقواعد فرعية تابعة لها ويطرأ عليها استثناءات".
وقال قاضي القدس الشرعي: "بناء على ذلك أصبحت جميع المعاملات المتعلقة بإثبات الحقوق العامة بالفقه الإسلامي المعتمدة في جميع المحاكم والمحافل الحقوقية هي مجلة الأحكام العدلية".
وأردف أن المجلة "انتشرت في جميع أنحاء الدول الإسلامية التابعة للدولة العثمانية وأصبحت مرجعية عامة موحدة في جميع الأماكن التي يتم فيها القضاء بين الناس".
واستدرك سرندح: " لكن عندما انفصلت الدول عن الدولة العثمانية وأصبح لكل منها قانون يحكمها أصبح للمحاكم الشرعية تفريعات فهناك محاكم شرعية تختص بالزواج والطلاق ومحاكم تختص بالأمور المدنية ومحاكم تختص بالأمور العسكرية ولكن المحاكم الشرعية تعتمد على القانون".