- بقلم عدنان الصباح
لا احد في فلسطين معني على الاطلاق بوضع تصورات او رؤى استراتيجية للعام الحالي ولا ما سبق من اعوام منذ زمن طويل ورغم ان لدينا مراكز بعدد ايام العام بأسماء براقة الا ان أيا منها لم يصل الى مستوى اصغر مركز لدى عودنا الجاثم على صدورنا والتي تقدم في كل عام لصانع القرار لديهم كل القراءات والتصورات الضرورية وعلى جميع الاصعدة داخليا وخارجيا وفي كل مناحي الحياة والسياسية منها على وجه التحديد وتعقد هذه المراكز مؤتمرات يحضرها ويشارك بها صانعي القرار لديهم بل ويأخذون بما تحتويه من توصيات ما ظهر منها وما بطن في حين تنشغل مراكز البحث لدينا بقراءات لا يصدر عنها شيء سوى همهمات ومقالات وقراءات لا يطلع عليها أيا من المعنيين وان فعل ليراقبها لا ليستفيد منها.
ليس لدينا ما لديهم ولكن الاسهل لنا ان نمسك بما يرشح عن تقاريرهم هم لنرى ان كان بإمكاننا الرد عليها او التعاطي معها على قاعدة افشالها او التصدي لها ومنعهم من النجاح في مخططاتهم وتحديدا في ما يخصنا ففي تقارير معاهدهم البحثية التي قدمت رؤيا للعام 2022 تم عرض الكثير من القضايا التي تخص امنهم ومستقبل دولة الاحتلال ومنها مثلا
1- رؤيتهم لآليات التعاطي مع العدو الفلسطيني في الضفة وغزة فهم يقدمون مقترحات واضحة بضرورة تعميق وزيادة التنسيق الامني في الضفة الغربية مع السلطة الفلسطينية لمنع تصاعد المقاومة مما يعني بوضوح لا شك فيه ان الاحتلال يرى في السلطة الفلسطينية اداة امنية لمصالحه ولقمع المقاومة بكل اشكالها مما يضع على عاتق السلطة ( ان ارادت ) مسئولية تغيير صورتها هذه التي يحاول الاحتلال ترسيخها ليس لديه وانما لدى الشعب الفلسطيني ووضع السلطة في حال لا يمكنها ان تفلت من هذه الاغلال التي يريدها لها وقد يكون ذلك هو التحدي الاستراتيجي الاول للسلطة الفلسطينية اذا ارادت ان تضع لنفسها استراتيجية وطنية وتتخلص مما يرسم لها الاحتلال من دور الوكالة الامنية الحصرية في الضفة الغربية.
2- ترى التقارير ان غزة تشكل خطرا حقيقيا على امن اسرائيل وان قوتها تتعاظم مما يعني ان علينا ان ندرك اهمية ذلك في حسابات دولة الاحتلال وكيف يمكننا تطوير اداءنا وتلافي نقاط العجز او الاخفاقات التي حدثت او قد تحدث هنا وهناك وتطوير مكامن القوة فتجربة الاسر لدى المقاومة أثبتت جدواها وقدمت صورة عجز حقيقية لدى دولة الاحتلال وساء في تجربة شاليط او ما بعدها ظهرت القوة العسكرية الصهيونية عاجزة عجزا تاما وتقدمت المقاومة الصفوف كقوة قادرة على فرض ارادتها.
3- يقول التقرير الصادر عن معهد دراسات الامن القومي " "تمثل الساحة الفلسطينية تحديًا خطيرًا للغاية لرؤية إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية وآمنة وأخلاقية، خاصة بسبب الانجراف نحو واقع الدولة الواحدة، وهذا يشكل مخاطر ملموسة على إسرائيل في شكل تصعيد أمني، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الضعف المتزايد للسلطة الفلسطينية، إلى درجة شبه عجز عن العمل وانعدام الحكم، بالتوازي مع ذلك، فإن الوضع في هذه الساحة يشكل تحديا للموقف السياسي والقانوني الدولي لإسرائيل" وهذا ايضا يبين بوضوح ان شعار الدولة الواحدة هو الشعار الاكثر قدرة على تحييد قدرات دولة الاحتلال العسكرية فالفلسطينيين لا يريدون تمزيق بلادهم بل وحدتها ومطلب الدولة الواحدة هو المطلب الاكثر انسانية واستجابة لرؤى الحديثة لوحدة ومساواة البشر وحقوق الناس وحرياتهم وبذا تصبح العنصرية الصهيونية معزولة ومكشوفة كليا امام المجتمع الدولي ويصبح شعار الدولة اليهودية الاكثر عنصرية على مستوى العالم في القرن الوحد والعشرين مما يضعف اسرائيل داخليا وخارجيا.
4- التحدي الداخلي بالنسبة لدولة الاحتلال هو التحدي الاخطر بالاستقطاب بين المجموعات الدينية والعرقية والقومية وسواها الى جنوب ضعف الحكم في بعض الجيوب وانعدام السيطرة وهنا تقسم اسرائيل تحدياتها الاقرب الى جيوب مختلفة في الداخل وفي الضفة وفي غزة بينما يلغي شعار الدولة الواحدة قدرتها هذه على فرض التقسيم وتسهيل السيطرة على المقسم وحين يصبح شعار الدولة الواحدة هو شعار الكل الفلسطيني تذوب التمايزات بين الجليل والمثلث والنقب وغزة والضفة بل وسيجد اليهود الليبراليين ضالتهم في هذا الشعار.
5- التقرير المذكور قدم عشر توصيات لصانع القرار تبدا بضرورة وضع وتحديث الاستراتيجية في المواجهة مع ايران وسائر التحديات الخارجية وكذا تقوية الحكم الداخلي ومحاربة الجريمة وتشير الى اهمية تقوية السلطة الفلسطينية والتركيز على اهمية وجودها وحمايتها ويؤكد التقرير بالحرف على " تجنب الخطوات التي يمكن أن تعجل الانزلاق إلى حالة الدولة الواحدة، وخلق الظروف للانفصال والترويج المستقبلي للخيارات الأخرى " مما يؤكد بما لا يدع مجالا للشك على اهمية شعار الدولة الواحدة فلسطينيا ويجعل السلطة نفسها تدرك اهميتها
وبالتالي فهي مطالبة بالاستفادة من ذلك لتحقيق تقدم حقيقي وملموس على صعيد انجاز الاستقلال خصوصا وان ذلك مطلب رئيسي لدى دولة الاحتلال ومخططيها الاستراتيجيين. المطلوب اليوم في ظل غياب دراسات استراتيجية فلسطينية ان نستخدم استراتيجية عدونا وان نشرب من نهره نفسه مام نهرنا قد جفت مياهه لنتمكن من مواصلة الحياة وفهم اليات مناكفته والاستفادة من نقاط ضعفه " خوفه من الدولة الواحدة وحرصة على الانفصال وحاجته الملحة لسلطة فلسطينية قوية " مما يعني ان لدينا نقاط قوة حقيقية تعتمد على نقاط ضعفه وهذا يكفي حاليا الى ان نجد مراكز فلسطينية قادرة على اعداد البحوث الاستراتيجية وتقديمها لصانع القرار الفلسطيني.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت