رجل والرجال قليل

بقلم: هادي زاهر

هادي زاهر
  • هادي زاهر

اغفروا لي حزني الشديد.. اغفروا لي ضعفي هذا الأسبوع فقد ذرفت دموعًا غزيرة، لقد فقدنا رجل ليس ككلّ الرّجال فقدنا المغفور له يوسف قبلان، تعرّفت عليه من خلال مسيرتي الصحفيّة، انهالت عليَّ الذكريات بكثافة، تذكّرت مواقفه العمليّة الّتي تنبع في قحط وجدانه الّذي يتدفّق حرارة على مصلحة مجتمعه، كان المرحوم يتدفّق ثقة بالنّفس ليدفعه ذلك إلى الوقوف بثبات على هذه الأرض الّتي أحبّها بعمق فبادلته هذا الحبّ، يوسف كان قائدًا استثنائيًا في (مجتمعنا الصغير)

كان يقول أن استحقاقاتنا يجب أن نحصل عليها بحق وليس بمنّة، لم ينتظر الوعود إلى اجل غير محدود، ولم يشعر بالنّقص امام أيّ مسؤول مهما علت وظيفته، كان يندفع ويفرض هيبته، كيف لا وهو المحامي والمفكّر الّذي يتفوّق على المسؤول السياسي الحكومي ادراكًا ومعرفة لذلك فهو لم يخاطبه بعبارة سيّدي كما يفعل الكثير من رؤساء المجالس عندنا، وكان عندما يرفض المسؤول الاستجابة لحقوقنا العادلة يتحداه، وعندما يمارس العنصري عدوانا علينا يقف في وجهه اسدًا لا يهاب الثعالب ابدًا، عندما ارادت سلطات الاستيلاء على أراضي المتبقيّة لأهلنا في بيت جن قال للأهل هناك.. الهلاك الهلاك لمن يعتدي علينا ويريد أن يسلب أراضينا هلّموا للتصدي ولا تخشوا، حطّوها في ظهري فانا صاحب القرار، أن هذه السلطة لا تفرّق بين الاغيار، وهذه حقيقة واضحة وضوح الشمس في وسط النهار، فتعالوا لنتكاتف مع شعبنا فالمشكلة واحدة والمظالم واحدة والجراح واحدة، والنّار الّتي نكتوي بها جميعنا نفس النّار، والمسمار الّذي يبغي فقأ عيوننا نفس المسمار.

 والحقيقة اغرب من الخيال، لقد فضّلت السلطات الإسرائيليّة الزواحف علينا، لمن لا يعرف او يواكب الاحداث، زعمت السلطات بأن حراثة الأرض تؤدّي إلى تخريب البيئة الملائمة للزواحف الّتي ستموت بسبب ذلك، يعني الحرباء والببريص والافاعي أفضل من البشر، استطاع يوسف الّذي يتميز بصفات القائد أن يدب الحماس في نفوس النّاس الّذين اندفعوا وكانت معركة دحرج المواغير سيارات الشرطة إلى أسفل الوادي.

عندما اراد اهلنا في بيت جن التواصل السهل مع أهلنا في عين الأسد وحرفيش

منعت السلطات شق الشوارع، يوسف يدرك بحسه ووعيه الحقيقة وهي أن في كلّ بلد لا بد من وجود السفلة الفسّادين، وكخطوة احترازية قام بسدّ منافذ القرية والعمل على شقّ هذه الشوارع للقريتين المذكورتين ليلًا، وهكذا كان يفرض الامر الواقع، ولمثل هذا الرّجل يتم الانحناء وترفع القبعات، ذكراك يا ابى القاسم ستبقى تعبق اجوائنا بالياسمين، انت النموذج الإيجابي للقيادة الحسنة، أنت خسارتنا الّتي نأمل أن تعوّض، رحمة الله عليك واسكنك فسيح جنانه.

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت