- بقلم: واصف عريقات
- خبير ومحلل عسكري واستراتيجي
من يتابع وسائل الاعلام الامريكية والغربية يعتقد بأن الحرب على الأبواب لا سيما وأن البنتاغون اعلن ان لديهم معلومات تفيد بأنه من المرجح أن يلجأ الروس الى اختلاق ذريعة لغزو اوكرانيا، وفي نفس السياق جاء تصريحا وزير الخارجية الامريكي بلينكن ومستشار الامن القومي الامريكي سوليفان اكثر وضوحا حيث قالا غزو اوكرانيا قد يبدأ بأي لحظة حتى خلال الألعاب الاولومبية الشتوية في بكين ولاحقا حددا الغزو قبل 20 شباط، ولدعم الادعاءات اشاعوا بان روسيا نشرت 100 الف جندي على الحدود مع اوكرانيا، ومثلهم فعل رئيس وزراء بريطانيا ما حدا بوزارة الخارجية الروسية دعوته بالكف عن نشر أخبار كاذبة حول عزم روسيا على غزو لاوكرانيا، وقد استخدمت امريكا وبريطانيا وبعض دول الاتحاد الاوروبي ومنظمات راديكالية هذه الحملة لدعم اوكرانيا بالمساعدات العسكرية والمدربين والاسلحة المتطورة الفتاكة بما فيها صواريخ "جافلين" الامريكية وحركت الالاف من جنودها وكتائبها العسكرية الى مناطق قريبة من حدود اوكرانيا في دول الناتو خاصة بولندا، وسمحت امريكا لكل من ليتوانيا ولاتفيا واستونيا بارسال صواريخ امريكية الصنع واسلحة اخرى الى اوكرانيا، في حين دعمت المانيا اوكرانيا بخمسة الاف خوذة واقية لانها لاتريد تاجيج الموقف كما قالت حكومتها وكذلك فعلت لوكسمبورغ .
يتزامن ذلك مع وصول قاذفات اميركية لبريطانيا والاف الجنود لبولندا من اجل المشاركة في مناورات الناتو استعدادا لدعم اوكرانيا.
بالمقابل ترفض موسكو الاتهامات بانها تخطط لغزو اوكرانيا وتصف الهجمة الاعلامية الامريكية بالهستيرية وتهدف لتشويه مطالب موسكو حول الضمانات الامنية، وعن انتشار جنودها قالت انهم يتحركون ضمن حدود روسيا، واعتبرت ان طلب كييف تبرير انشطة روسيا الحدودية غير مبرر، ودعت الخارجية الروسية اوكرانيا ان تتخلى عن تبعيتها للناتو ودعتها للمضي قدما في الحوار من أجل الوصول الى حل سلمي.
وتعتبر موسكو الحملة الاعلامية الغربية للتغطية على تعزيز حلف الناتو والوجود الغربي داخل اوكرانيا والدعم العسكري لها وهذا سيضطر روسيا لاخذ اجراءات مقابلة تلغي هذه التهديدات القريبة على روسيا كما قالت، ودعمت موقفها حين اعلنت وزارة الدفاع الروسية عن مناورات وتدريبات منفصلة لسفن انزال حربية روسية في البحر الابيض المتوسط وبحر الشمال والبحر الاسود والمحيطين الاطلسي والهادي، كما اعلنت عن نقل طائرات مقاتلة الى بيلاروسيا ونفذت مناورات معها ومع دول المنظومة السوفياتية ومنظمة الامن الجماعي.
بالمقابل على الصعيد السياسي عقدت اجتماعات قمة بين الرئيس الروسي بوتين والرئيس الصيني بينغ توافقا فيه على معظم القضايا واكدا عزمهما على مقاومة اي تدخل للقوى الخارجية تحت اي ذريعة في الشؤون الداخلية للدول، كما ابدى الرئيس الصيني تاييده لروسيا في ازمته مع اوكرانيا بشكل عام وطلب موسكو الضمانات الامنية بشكل خاص، بالمقابل اعتبر الرئيس الروسي بوتين تايوان جزء من الصين وابدى معارضته استقلال الجزيرة باي شكل من الاشكال، كما حذر الرئيسين بأن الانشطة البيولوجية الامريكية تشكل خطر على الدولتين، كما جرى توقيع اتفاقية للغاز بين البلدين. وهو ما ضاعف من قلق الرئيس الامريكي بايدن.
وتوالت الوفود والقيادات على روسيا واوكرانيا في (مسعاهم) للوساطة او ربما (لجس النبض واستطلاع المواقف)؟؟!!!، ومنها المستشار الالماني والرئيس الفرنسي ووزيرة خارجية بريطانيا ووزير دفاعها، وقبل اعلان موسكو وكييف عن فشل المساعي الدبلوماسية صرح الرئيس التركي اردوغان بأن الغرب لم يساهم في حل التوتر الروسي الاوكراني بل يعرقل الوضع، وأضاف أن الرئيس الامريكي بايدن لم يظهر حتى الان نهجا ايجابيا لحل التوتر .
بايدن الذي يتصدر الحملة الهستيرية كما وصفتها موسكو تحت الذريعة المعلنة غزو روسي لاوكرانيا ما هي الا غطاء للذريعة الاكبر وهي فك التحالف الروسي الصيني، يدعمه في ذلك البيت الابيض والبنتاغون وبريطانيا وكثير من دول الاتحاد الاوروبي، ولتأجيج الصراع وتهيأة أجواء الحرب طلب من الامريكيين مغادرة اوكرانيا فورا، وكذلك فعلت كل من بريطانيا ولاتفيا وكندا واستراليا ونيوزيلندا، وربما ستحذو بقية الدول حذوهم، واسرائيل اجلت عائلات دبلوماسييها وموظفي سفارتها من اوكرانيا ما يعكس عمق الازمة. ويبقى السؤال هل يضحي بايدن بهذا الحشد المضاد وهذه الفرصة لاضعاف روسيا، وهل يرضخ بوتين للاملاءات الامريكية التي وصلت حد غير مقبول وآخرها اعطاء اوكرانيا لموسكو مهلة 48 ساعة لتوضيح موقفها من الحشودات العسكرية، الشواهد التاريخية لمواقف روسية مماثلة في جورجيا والقرم وكازخستان والشرق الاوسط وغيرها تقول ان موسكو لن ترضخ، يدرك بوتين تماما أن خضوعه للاملاءات سيعرض روسيا وأمنها القومي للخطر حين تصبح قوات الناتو وصواريخ امريكا والغرب على حدوده مما يشجع اوكرانيا للانضمام للناتو وللاتحاد الاوروبي وستكون كلفة ذلك أضعاف كلفة توجهه للمواجهة العسكرية، اجواء اوكرانيا اجواء حرب وامريكا تتوقع اجتياحا روسيا خلال ايام بل ومنهم من حدد يوم 16 شباط، ودول تطالب رعاياها بالمغادرة وموسكو تتهم امريكا والغرب وحلف الناتو بالتضليل وتأجيج المواقف.
روسيا وامريكا في سباق لحشد القوات، والحلول الدبلوماسية بشكل عام ومباحثات رباعية النورماندي بشكل خاص تفشل والتصعيد العسكري هو الغالب، الكرة في ملعب موسكو والمفتاح بيد بوتين، والصين تراقب عن كثب وتضع امريكا تحت الاختبار لقادم الايام في تايوان، والعالم يحبس انفاسه مع نذر حرب عالمية ثالثة.
فهل سيشهد العالم مواجهة بين صواريخ الدرع الامريكي وصواريخ اسكندر وتسيركون وداغر الروسية؟؟؟ وما تأثير ذلك على الشرق الاوسط؟؟؟
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت