- د. طلال الشريف
قليل من العدل والمساواة والأخلاق يا دول أوروبا فكلنا بشر.
ما كان يتغطى به الأوربيون من اتساع اهتمامهم بحقوق الإنسان بدا وكأنه إدعاءات صورية منذ ظهور شرعة حقوق الإنسان التي كشفته أزمة أوكراينا أثناء عملية نزوح اللاجئين أو الفارين من الحرب بالمعنى الأدق من الأوكران لدول الجوار الأوروبي حين ظهر التمييز بين هؤلاء الفارين من الحرب بإزدواجية معايير المعاملة والتسهيلات التي فرقت بين الأوكران وزملائهم من دول أفريقيا والشرق الأوسط خاصة بأن غالبيتهم طلاب دارسون في جامعات ومعاهد أوكراينا وقليل جدا من السواح والعائلات من الشرق وبعد الشكوى من هؤلاء الفارين من الحرب وهم في الأصل ليسوا طالبي لجوء لتبدأ عمليات التمييز بين البشرات السوداء والسمراء والبيضاء من دول أوروبا التي تدعي الحرية والديمقراطية وتدعي الحرص على حقوق الإنسان وعدم التمييز خاصة في زمن الحروب لتنكشف عورة أوروبا والإتحاد الأوروبي والاعلام الأوروبي الذي تغنى في فضائياته بجمال البشرة الأوكرانية ومقارنتها باللاجئين الآخرين المقصودين بلاجئي الشرق الأوسط.
تبجح الأوربيون وعلى رأسهم بريطانيا ورومانيا وبولندا بترحابهم بلاجئيي أوكرانيا وهذ لاعيب فيه بل نحن مع هذا الحس الانساني ولكن عندما يصبح هذا التصنيف البغيض بين لاجيء من بلد ما ولاجيء من بلد أو جنسية أخرى يصبح هذا مخالف ومعادي للإنساية وخطأ عنصري بحق الآخرين.
هذه العنصرية الأوروبية مورست على اللاجئين الفلسطينيين قديما وحديثا ومورست على السوريين والعراقيين والليبيين واليمنيين والصوماليين والسودانيين ومواطنين من دول أمريكا اللاتينية والأتراك في موجات الهجرة لأوروبا في العقد الأخير حتى أنه مازالت أعداد كبيرة بالآلاف من مهاجري دول الشرق الاوسط في مخيمات الاستقبال في دول المرور أو دول الوصول منذ سنوات يعانون من البرد القارص وشح الغذاء والمال وعدم احترام آدميتهم ومنهم من طٌلِبَ منهم المغادرة والعودة لبلادهم بعد سنوات قضوها في تلك الدول أو مخيمات اللجوء ولم يمنحوا اقامة أو جنسية ولكن لأنه لم يكن بينهم مهاجرين من دول أوروبا لم تظهر التفرقة العنصرية الأوروبية بالشكل الذي فضح أوروبا التي تدعي الحضارة وحقوق الإنسان في قضية اللاجئين من أوكراينا ... وللتذكير أيضا وبشكل خاص باللاجئين الفلسطينيين الذين طردوا من ديارهم الأصلية ومازالوا يسكنون مخيمات اللجوء منذ العام 1948 في الضفة الغربية وفي قطاع غزة ودول عدة ينتظرون عودتهم لديارهم الأصلية في فلسطين المحتلة.
إن تصريحات مسؤولي الأمم المتحدة والمتابعين لشؤون اللاجئين في العالم حين سارعوا للطلب من دول استقبال الفارين من الحرب في أوكراينا بعدم التمييز بينهم وجنسياتهم هو شيء جيد ومقدر ولكن سيكون أكثر تقديرا عندما يتدخل هؤلاء المسؤولين في المؤسسات الدولية والمهتمين بقضايا اللاجئين بالطلب من دول اللجوء في أوروبا تصحيح الأخطاء السابقة والمستمرة في إعادة أو طرد أو عدم منح اللاحئين المقيمين على أراضيهم منذ سنوات ولا يزالوا يقيمون في مخيمات في دول كثيرة دون تسوية أوضاعهم ومنحهم الإقامة والجنسية والعمل وإلا سيظل هؤلاء اللاجئين وصمة عار في جبين كل أوربا بدأ من إيطاليا واليونان واسبانيا ومرورا ببريطانيا وفرنسا وألمانيا وبلجيكا وهولندا وليس انتهاء بالدول الاسكندنافية.
ناهيك عن نوعية وكم المساعدات والأموال وتسهيلات الحركة وسرعتها التي خصصتها المؤسسات الدولية والدول الأوروببة والتي نراها الآن للأوكرانيين ولم نراها على سبيل المثال مع لاجئي دول الشرق وافريقيا وعلى رأسهم الفلسطينيين والسوريين والعراقيين من الأمم المتحدة ودول أوروبا سابقا وحتى الآن.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت