شيعت جماهير فلسطينية غفيرة في محافظة نابلس، يوم الخميس، جثمان الشهيد أحمد حكمت سيف (23 عامًا) إلى مثواه الأخير.
وانطلق موكب التشييع بجنازة عسكرية من مستشفى النجاح بالمدينة، إلى مسقط رأس الشهيد في قرية برقة شمال غرب نابلس، وألقيت نظرة الوداع عليه في منزل عائلته، قبل أن يُصلى عليه في مسجد القرية، ليتم بعدها مواراته الثرى في مقبرتها.
ورفع المشيعون، العلم الفلسطيني، ورددوا الهتافات والشعارات الغاضبة والمنددة بالجريمة، واستمرار جرائم الاحتلال والمستوطنين بحق شعبنا.
يذكر أن الشهيد سيف ارتقى فجر اليوم متأثرًا بجروحه التي أصيب بها خلال مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في الأول من آذار الجاري، حيث أصيب بثلاث رصاصات في البطن والظهر إثر قمع قوات الاحتلال مسيرة دعم واسناد للأسرى في برقة، وأدخل الى المستشفى بحالة حرجة.
فرحة قتلها ثلاث رصاصات
وكانت الفرحة تملأ منزل عائلة حكمت سيف في بلدة برقة، قبل أربعة أشهر، بعد عقد قران نجلها البكر أحمد، لتبدأ التحضيرات لتحقيق حلمها بإتمام زفافه خلال العام الجاري.
حلم العائلة باغتته ثلاث رصاصات أطلقها جنود الاحتلال الإسرائيلي، لتستقر في جسد أحمد (23 عاما)، يوم الثلاثاء الماضي، خلال مشاركته في مسيرة دعم وإسناد للأسرى في سجون الاحتلال، على أرض برقة.
قمع الاحتلال المسيرة واستهدف المشاركين فيها بالرصاص الحي والمعدني المغلف بالمطاط وقنابل الغاز، ما أدى لإصابة أحمد سيف بثلاث رصاصات في البطن والظهر، نقل على إثرها إلى مستشفى النجاح في مدينة نابلس، وأعلن عن استشهاده متأثرا بإصابته فجر اليوم الأربعاء.
تعاني قرية برقة من حصار وتصاعد انتهاكات الاحتلال واعتداءات المستوطنين، منذ منتصف كانون الأول العام الماضي؛ عقب مقتل أحد المستوطنين في المنطقة، حيث أصيب أكثر من 15 مواطنا برصاص الاحتلال الحي، والعشرات بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط.
ومنذ عقد قرانه، كان الشاب أحمد يسابق الزمن لتجهيز بيت الزوجية وإنهاء التحضيرات لإتمام زفافه خلال العام الجاري، وفق ما أكدت مصادر العائلة لوكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا".
وأشارت المصادر ذاتها في تقرير كتبه " بسام أبو الرب " عبر الوكالة الرسمية، إلى أن الشاب أحمد لم يغب عن ميادين المواجهة مع الاحتلال، والمسيرات المناهضة لاعتداءات المستوطنين، وكان مواظبا على المشاركة فيها بشكل دائم.
ينحدر الشهيد أحمد من عائلة قدمت الشهداء والجرحى خلال مقارعة الاحتلال والمستوطنين في الانتفاضتين، وأصيب والده بجروح خطيرة خلال انتفاضة 1987، إثر إطلاق جنود الاحتلال الرصاص عليه خلال مواجهات شهدتها القرية، فيما استشهد خاله قبل سنوات.
وفي العام 2015، كتب الشهيد سيف منشورا على صفحته في "فيسبوك": "مش خايف من الرصاصة تعالوا طخوني.. شهيد بجنة خلي الشباب يزفوني".
وأعلنت الفعاليات والقوى الوطنية في قرية برقة الإضراب الشامل حدادًا على روح الشهيد أحمد.
ويؤكد مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة الغربية غسان دغلس، أن المشهد الذي تعيشه قرية برقة منذ 80 يوما، يعيد إلى الأذهان أيام انتفاضة الحجارة، من مشهد الاقتحامات المتكررة للقرية وعمليات الاعتقال والتصدي للاحتلال والمستوطنين.
ويوضح في حديث نشرته الوكالة الرسمية "وفا": "أنه عقب مقتل أحد المستوطنين في المنطقة تصاعدت اعتداءت الاحتلال والمستوطنين الذين يحاولون العودة إلى أراضي مستوطنة "حومش" المخلاة منذ عام 2005، المقامة على أراضي القرية والقرى المجازرة لها".
ويضيف دغلس، "أن قوات الاحتلال تعزل البلدة عن محيطها؛ من خلال تجريف الطرق المؤدية إليها وإغلاق مداخلها، ومنع الأهالي من الوصول إلى مدينة نابلس، وإعاقة حركة المواطنين على الطريق الواصلة بين جنين ونابلس".
"أكثر من 35 منزلا في القرية تعرضت لاعتداءات المستوطنين، فيما أصيب نحو 18 مواطنا بجروح عقب استهدافهم من قبل المستوطنين، منذ منتصف كانون الأول العام الماضي"، يتابع دغلس.
يشار إلى أن قرية برقة التي تقع على أطراف جبال نابلس الشمالية الغربية، لم تعرف الهدوء يوما منذ بداية الاستعمار للأرض الفلسطينية، وكان لها أثر كبير في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي والانتداب البريطاني في معركة أطلق عليها اسم "معركة برقة"، بقيادة عبد الرحيم الحاج محمد، الذي عين قائدا لعموم الثورة، وتنحدر أصوله إلى آل سيف من برقة، وقدمت أكثر من 59 شهيدا منذ بداية الثورة، وكان أول شهيد عام 1929، وهي من أوائل القرى التي تعرض أهلها للاعتقال، وهدم المنازل في اليوم السابع من احتلال الضفة الغربية في العام 1967.