- جهاد حرب
(1) الواجب الوحيد للجاليات الفلسطينية في الدول الأوروبية
أحدث الغزو الروسي للجمهورية الأوكرانية مسألتين هامتين للنضال الفلسطيني في داخل الساحة الأوروبية كأحد الأدوات الضرورية لمساندة الشعب الفلسطيني في نضاله المستمر لنيل حريته وإعمال حقه بممارسة تقرير المصير وإزالة الاحتلال الإسرائيلي عن أراضيه. المسألة الأولى تتعلق باستثمار الجاليات الفلسطينية للخطاب الأوروبي الحديث حول الحق بمقاومة الاحتلال ودعمها للشعوب بالوسائل القتالية، أي ما يؤكد حق الشعب الفلسطيني بالمقاومة المسلحة وغيرها من الأشكال التي يراها وفقا للظروف والقدرات والإمكانيات التي يتمتع بها دون فرض أي شكل من الأشكال دون غيره من طرف أو أطراف خارجية.
والمسألة الثانية خلق حالة للتشبيه بين حقوق الشعب الأوكراني والشعب الفلسطيني باعتبار أن حقوق الإنسان حقوق عالمية ولا يمكن تجزئتها أو منحها لذوات البشرة الشقراء ونزعها عن ذوات البشرة الحنطية أي أنسنة الحقوق ووضع الحكومات الأوروبية التي ترفض استخدام أدوات القوة "المادية والمعنوية" في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي؛ الذي وصفته منظمة العفو الدولية بأنه نظام عنصري بما يخالف قواعد القانون الدولي والمواثيق الموقعة عليها الدول الأوروبية ذاتها.
الجاليات الفلسطينية مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بتوحيد جهودها في النضال نحو فلسطين قبلتهم وتاجهم الأبدي ومطمع وجدانهم وروحهم وجامع قلوب وأفئدة الفلسطينيين جميعهم بلا تفرقة أو اختلاف. أي أن الواجب الوحيد للجاليات الفلسطينية هي نصرة فلسطين بالكلمة وبحشد الجهود لنصر فلسطين داخل أروقة البرلمانات الأوروبية والعمل مع الأحزاب والنقابات والرابطات الشعبية بما ينسجم مع أدوات العمل المتاحة في بلدانها، وهذا الهدف لن يتم دون وحدة الجاليات والتخلي عن الانخراط في الصراع الداخلي على السلطة في أراضي الدولة وعلى مؤسساتها لصالح هذا التنظيم أو ذاك الفصيل.
(2) صالون هدى... الحقيقة وصورتها
يعالج فيلم صالون هدى وقائع وحقائق حاصلة في عملية المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي، وهذا الفيلم تمثيل لوقائع جرت ومستوحى من روايات عديدة ومن كتيبات الوعي بأساليب أجهزة المخابرات الإسرائيلية للإيقاع بالشباب والشابات في حبائلها لخيانة الوطن والشعب الفلسطيني.
في ظني الاختلاف هنا ليس على الحقيقة ذاتها بل على الصورة؛ أي أن الاختلاف على المعالجة الدرامية أو الفنية أو السنيمائية وهنا يأتي دور المتخصصين بالنقد الفني الأكثر قدرة على محاكمة الأبعاد الفنية للفيلم بمجمله أو بعض اللقطات الواردة به سواء كانت تحتاج مثل هكذا معالجة أم لا؟ لتوضيح ما أراد هذا الفيلم أو يرنو إليه لرفع الوعي بوسائل الاحتلال وأساليبه الخبيثة وآثارها على الواقع الاجتماعي والنضالي الفلسطيني.
إن معالجة ما تمت إثارته في وسائل التواصل الاجتماعي تأتي في إطاره الصحيح وهو النقد الفني، وليس في التشويه للمخرج أو المنتج أو للممثلين والممثلات، وحتى لا نقع من جديد في القمع الاجتماعي واضطهاد أي محاولات للاجتهاد، وبتراجع الحركة الثقافية والفنية في السينما والمسرح والتلفزيون والرسم والكتابة، وبوضع قيود لا محدودة على الابداع وتقييده في قالب واحد لا يمثل الاختلاف الثقافي والاجتماعي والتصورات عن الواقع؛ إنما يمثل توجه واحد للتحكم في كيفية تفكير المواطنين ووضع رقيب "عسكري" على ما يقدموه من كتابة ورسم وتمثيل، وإتاحة الفرصة لسلطات الحكم التحكم بأدوات التفكير والتصور والإبداع ما يعزز قمعهم للحرية الفكرية والاجتماعية.
المطلوب اليوم من المكونات الثقافية والاجتماعية والمؤسسات الحكومية المعنية بالثقافة؛ المسرح والسينما والكتابة والصحافة والابداع، الدفاع عن الفن وحرية الاختلاف، بغض النظر عن الاختلاف في معالجة الواقعة في هذا الفيلم وغيره من الاعمال الفنية، وعدم التخلي عن الأشخاص من ممثلين أو ممثلات وتوفير الحماية لهم، ووقف أي ملاحقات قانونية محتملة إثر المطالبات للبعض عبر شبكات التواصل الاجتماعي كما شاهدنا ذلك مع بعض الروايات سابقا.
(3) اضراب المعلمين يثير الرعب
يثير اعلان الاتحاد العام للمعلمين عن اضرابهم الأسبوع القدم الخوف والذعر والرعب ليس فقط على مستقبل الطلاب في الصفوف المختلفة، الذي تراجع وضعهم المدرسي والتربوي والعلمي بسبب جائحة كورونا وعدم القدرة على استدراك تلك الظروف وآثارها، بل لطريقة تفكير قيادة الاتحاد ورجاحة الخطوات للمطالبة بدفع كامل الرواتب خاصة في ظل أزمة مالية ناجمة عن التراجع الاقتصادي، والاقتطاعات الإسرائيلية من الأموال الفلسطينية عبر المقاصة، وانخفاض كبير في الدعم المالي الدولي. الأمر الذي يفقد الحجية بمثل هكذا مطلب خاصة أن جميع الموظفين بمن فيهم المتقاعدين يتم خصم من رواتب بنفس النسبة.
(4) الغلاء اللعين ورهاب المستهلكين
على الرغم من أن واجب الحكومة اتخاذ إجراءات صارمة للجم التلاعب في الأسعار، واتخاذ إجراءات لتخفيف الأعباء على المواطنين سواء لأسعار المواد التموينية أو غيرها كمواد البناء، وعلى الرغم من الإدراك الواسع لموجة الغلاء العالمي وارتفاع تكاليف النقل، وآثار الحرب الروسية - الأوكرانية على الجانب الاقتصادي وبخاصة ارتفاع أسعار البترول والغاز، وموجة التضخم التي تضرب اقتصاديات دول العالم، إلا أن فاعلا أساسيا يمكن أن يحدث نقلة نوعية في الحد من التلاعب بالأسعار وارتفاعها الجنوني في هذه البلاد ألا وهو المواطن الذي يمكنه التوقف عن النمط الاستهلاكي وعن رهاب الجوع، ويمكنه التحكم برغباته من خلال وقف الشراء وعدم التهافت خوفا من انقطاع المنتجات أو المواد، وذلك لوقف استنزاف جيوب المواطنين.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت