- 58% من الأطفال الذين تم اعتقالهم خلال الست سنوات الماضية ووثقتهم الحركة العالمية تعرضوا لعنف لفظي وإذلال وتخويف
- 75% تعرضوا لعنف جسدي و83% جرى تجريدهم من الملابس خلال التفتيش
وثقت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال- فلسطين حالتي طفلين تعرضا للتهديد والتعذيب من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال اعتقالهما.
وقالت الحركة إن الطفل "ف.ع" البالغ من العمر 13 عاما وهو من إحدى قرى محافظة نابلس، تعرض للتهديد من قبل ضابط في جيش الاحتلال بإطلاق النار صوبه أو شنقه لانتزاع اعترافات منه حول ملقي الحجارة.
وذكر الطفل، في إفادته للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، أنه اعتقل خلال شهر شباط الماضي أثناء عودته من "سوبرماركت" إلى منزل عائلته في حوالي الساعة السابعة مساء، وقال: "خلال سيري أنا وصديق لي وعمره 13 عاما، سمعت صراخا من أحد الشبان بوجود جيش الاحتلال في المنطقة، وبعدها رأيت أحد الجنود يلحق بنا ركضا وبدأ بإطلاق النار في الهواء وكان يصرخ باللغة العربية وقف وقف، ولكن من خوفنا هربنا، لكنه تمكن من اللحاق بنا وأمسكني من كتفي فيما استطاع صديقي الفرار".
وأضاف الطفل: بدأ الجندي بشتمي وشتم الذات الإلهية، وركلني بقدمه عدة مرات وسحبني مسافة 30 مترا تقريبا حتى وصلنا الشارع الرئيسي، حيث كان يتواجد 4 دوريات عسكرية والعشرات من جنود الاحتلال، وهناك ركلني على ركبتي وأجلسني بوضعية القرفصاء على الأرض، وطلب الجنود مني رفع يداي للأعلى وبقيت بهذه الوضعية حوالي 10 دقائق".
وتابع: "وصل العديد من المواطنين للمكان وحاولوا تخليصي من الجنود، لكن الجندي الذي أمسكني ويقف حارسا عليّ أطلق عدة أعيرة نارية في الهواء من أجل ترهيب المواطنين، وكانت مغلفات الرصاص الفارغة تسقط على قدمي، وشعرت بخوف شديد في هذه اللحظات، كما أطلق الجنود حوالي 8 قنابل غاز مسيل للدموع صوب المواطنين الذين تجمعوا من أجل تفريقهم".
"سحبني الجندي نحو إحدى الجيبات لونه أبيض وعلى نوافذه شبك حديدي وقام بتربيط يداي بمربط بلاستيك للأمام وأجلسني على كرسي بلاستيكي داخل الجيب خلف كرسي السائق ومن ثم تحرك الجيب من المكان، وخلال سيرنا هددني الجندي الذي يقود الجيب بإطلاق النار ورفع سلاحه وهو يقود وقال لي باللغة العربية (بدي أطخك بهاي لما نوصل) وأخذ يشتم الذات الإلهية وكان يتكلم معه جندي آخر يجلس بجانبه باللغة العبرية وعندما كان يذكر اسمه كان يقول له (مجدي) وهو السائق الذي هددني بإطلاق النار علي"، قال الطفل في إفادته.
وأضاف: حقق معي الجنديان داخل الجيب وقال لي السائق باللغة العربية (إما أن تخبرنا من يقوم بضرب الحجارة أو جهز حالك للشنق) فقلت له وأنا أرتجف من الخوف إني لا أعرف وأقسمت يمينا على ذلك، وبعد عدة دقائق وصلنا معسكر حوارة العسكري وأعرفه جيدا لأنني أسكن قريبا منه، ووضعوني في ساحة كبيرة وكان البرد شديدا، وقام جندي بسحبي بقوة من بلوزتي وأجلسني على الأرض لمدة 10 دقائق تقريبا وقام بتعصيب عيني بقطعة قماش وكنت أستطيع الرؤية من خلالها بشكل بسيط، فلاحظت أنه أزال مخزن الرصاص من السلاح ومن ثم قام بتجهيز السلاح أمام رأسي من أجل إخافتي، وبعدها أحضر كرسيا بلاستيكيا وأجلسني عليه".
وقال: هددني الجندي بإطلاق النار علي إذا لم أخبره من يضرب حجارة وزجاجات حارقة نحوهم واستمر بالتحقيق معي تحت التهديد والتخويف عدة دقائق، وحضر عدة جنود وقاموا بشم يداي عدة مرات إذا ما كانت رائحتهما مواد مشتعلة، وهددوني بالاعتقال عدة سنوات إذا لم أعترف، وطلبت الذهاب للحمام وبعد 6 محاولات وافقوا على ذلك وفكوا يداي وتوجهت للحمام وقضيت حاجتي بعد فك العصبة عن عيناي كذلك، وبعدها أعادوا تربيط يداي للأمام وشدوا المربط بقوة حتى أنني صرخت من شدة الألم، وكنت أقول لهم إني أشعر بالبرد ولكنهم لم يكترثوا لي واستمروا بمحاولة انتزاع اعتراف مني حوالي ساعتين، وكان الجندي يضع سلاحه على رأسي خلال التحقيق معي، وبعدها فكوا يداي وأعادوا تكبيلي بشكل خفيف وأجلسوني على مقعد أمام غرفة، وخلال ذلك فتح جندي باب الغرفة فضرب بظهري وتألمت كثيرا جراء ذلك".
وأشار الطفل في إفادته إلى أنه بقي محتجزا حتى حوالي الساعة 11 ليلا، حيث أفرج عنه جنود الاحتلال على مدخل معسكر حوارة، وقد كان عدد من المواطنين وأقربائه في انتظاره. "ما زلت في حالة خوف شديد من أن يتم اعتقالي مرة أخرى" قال الطفل.
وفي حالة ثانية، تعرض الطفل "م.ي" البالغ من العمر 16 عاما، إلى إطفاء سيجارة في يده خلال التحقيق معه من قبل أحد الضباط في قوات الاحتلال الإسرائيلي.
والطفل "م.ي" من إحدى قرى محافظة جنين، اعتقل في شهر شباط الماضي كذلك، خلال تواجده وصديق له في أرض زراعية يملكها والده قريبة من جدار الفصل العنصري المقام على أراضي القرية.
وقال الطفل في إفادته للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال إن جيبا عسكريا إسرائيليا لاحقه وصديقه خلال تواجدهما في الأرض التي تبعد عن جدار الفصل العنصري حوالي 200 متر، "شعرنا بخوف الشديد وهرب كل منا في اتجاه، بقي الجيب يلاحقني مسرعا واقترب مني وحاول دهسي، حينها قفزت إلى أرض على يمين الطريق وتابعت الهروب حتى وصلت إلى بداية طريق زراعية ثانية تؤدي إلى منزلنا، وخلال سيري شاهدت جيبا عسكريا إسرائيليا آخر يتجه نحوي بسرعة، حاولت الهروب لكنه اقترب مني كثيرا وحاول دهسي، فتوقفت واختبأت خلف صخرة كبيرة تقع على جانب الطريق، فترجل جندي منه وتمكن من رؤيتي، حينها حاولت الهروب مجددا إلا أن الجندي ضربني بحجر على ظهري من مسافة 5 أمتار تقريبا فسقطت أرضا"، أضاف الطفل.
وتابع: "أمسكني الجندي وانهال علي بالضرب بيديه على وجهي ورأسي لحوالي 5 دقائق، بعدها اقتادني نحو الجيب الذي كان يبعد عنا حوالي 15 مترا، حيث قام بتكبيل يداي بواسطة كلبشات حديدية إلى الأمام وتعصيب عيناي بقطعة قماش ودفعني إلى داخل الجيب وأجلسني على أرضيته، وسار بنا الجيب لحوالي 10 دقائق تعرضت خلالها للضرب من قبل أحد الجنود بواسطة يديه على وجهي ورأسي".
وأضاف الطفل: "وصلنا إلى مكان أعتقد أنه معسكر وأوقفوني في ساحة حسب اعتقادي لأنني كنت معصوب العينين، لحوالي ساعتين، بعدها اقتادوني إلى داخل غرفة وهناك أجلسني الجندي على مقعد حديدي، مكثت داخلها حوالي 4 ساعات، وخلال تلك الفترة سمح لي جنود الاحتلال بالذهاب إلى الحمام".
تم نقل الطفل "م.ي" بواسطة جيب عسكري وهو معصوب العينين ومكبل اليدين بكلبشات حديدية ويجلس على أرضية الجيب إلى سجن "مجدو" وقد استغرقت المسافة حوالي 8 ساعات، تخللها وقوف أكثر من مرة، حيث وصله في حوالي الساعة السادسة والنصف صباح اليوم التالي، حسبما أفاد الطفل.
ويقول الطفل: "تم إدخالي الى غرفة صغيرة طولها حوالي 2 متر وعرضها كذلك 2 متر داخلها ثلاث كاميرات مراقبة بالإضافة إلى مقعد حديدي، لا يوجد فيها أغطية أو فراش أو إنارة، مكثت فيها حتى حوالي الساعة العاشرة صباحا، بعدها تم اقتيادي إلى غرفة يوجد فيها محقق بعدما تم تكبيل يداي وتعصيب عيناي، وفور وصولي قام المحقق بفك القيد عن يداي والعصبة عن عيناي، ووجه لي تهمة إلقاء الحجارة تجاه الجنود بالقرب من جدار الفصل العنصري، فأنكرت التهمة فأخذ بالصراخ علي وصفعني على وجهي عدة مرات، وضربي بيديه على رأسي وظهري، وقد استمر التحقيق معي حوالي ساعة، بعدها تم نقلي إلى داخل غرفة في قسم الأشبال بسجن "مجدو"، كان فيها طفلان وقد علمت منهما بمكان تواجدي".
وفي اليوم التالي ظهرا اقتيد الطفل "م.ي" إلى غرفة أخرى داخلها شاشة حيث خضع للمحاكمة عبر "الفيديو" وتم تمديد توقيفه أربعة أيام، وخلال ذلك نقل مكبل اليدين بكلبشات حديدية ومعصوب العينين إلى أحد مراكز التحقيق، وفق ما أفاد به الطفل للحركة العالمية.
وقال: "وجه لي المحقق نفسه التهمة ذاتها فأنكرتها مجددا، حينها بدأ بالصراخ وقام بإطفاء سيجارة مشتعلة في يدي اليمنى، ثم غادر الغرفة، وبعد لحظات قصيرة وصل إلى الغرفة محقق آخر، وقبل أن يبدأ بالتحقيق معي سمح لي بتلقي استشارة قانونية من محام، ومن ثم بدأ يحقق معي حول التهمة ذاتها إلا أنني أنكرتها مجددا، واستمر التحقيق معي حوالي ساعة كان خلالها يسجل أقوالي طباعة على الحاسوب، وبعد الانتهاء قمت بالتوقيع على إفادة باللغة العربية، بعدها تم اقتيادي مجددا إلى المركبة التي أقلتني، التي سارت لساعات طويلة تخللها وقوف متكرر، وفي حوالي الساعة الرابعة من فجر اليوم التالي وصلت إلى سجن مجدو وتم وضعي في غرفة الأشبال".
خضع الطفل لمحاكمة ثانية عبر الفيديو تم خلالها تمديد توقيفه سبعة أيام ومن ثم خضع لمحاكمة ثالثة تم خلالها إخلاء سبيله مقابل غرامة مالية قدرها ألف شيقل.
وأكدت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال أن قوات الاحتلال تُعرض الأطفال الفلسطينيين المعتقلين لضروب من التعذيب الممنهج، مشددة على أنه لا يجوز احتجاز الأطفال إلا عند الضرورة القصوى ولأقصر مدة زمنية ممكنة، كما يجب ألا يتعرض الطفل للتعذيب أو سوء المعاملة تحت أي ظرف من الظروف.
وفي هذا السياق، أشارت "الحركة العالمية" إلى أنها وثقت 681 طفلا تعرضوا للاعتقال من قبل الاحتلال الإسرائيلي في الفترة ما بين 2016 -2021، حيث تبين أن ما نسبته 58% منهم تعرضوا لعنف لفظي وإذلال وتخويف، و59% تم اعتقالهم خلال الليل، و97% تعرضوا لتكبيل الأيدي، و88% تعرضوا لتعصيب الأعين، و75% تعرضوا لعنف جسدي، و54% تم نقلهم على أرضية المركبات العسكرية، فيما تعرض 83% للتجريد من الملابس خلال تفتيشهم، و67% لم يتم تبليغهم بحقوقهم.
وأضافت أن 74% من الأطفال الذين تعرضوا للاعتقال ووثقتهم الحركة العالمية خلال الفترة المذكورة لم يسمح لهم بأخذ استشارة قانونية من محام قبل التحقيق معهم، فيما تعرض 25% للشبح، و58% لم يتم إخبارهم بسبب اعتقالهم.
ويقبع في سجون الاحتلال الإسرائيلي حوالي 4400 أسير بينهم نحو 160 طفلا. وتعتبر إسرائيل الدولة الوحيدة في العالم التي تحاكم بشكل منهجي ما بين 500 و700 طفل فلسطيني أمام المحاكم العسكرية كل عام، بشكل يفتقر إلى الحقوق الأساسية للمحاكمة العادلة.