- فاضل المناصفة
خلال زيارته الأخيرة الى غزة، أعلن السفير محمد العمادي رئيس اللجنة القطرية لإعمار غزة، عن اعتماد تجديد المنحة القطرية لقطاع غزة، والمقدرة بـ 360 مليون دولار سنويا، وللتذكير فان قطر قد قدمت أيضا مساهمة في مشروع إعادة الاعمار بمبلغ 500 مليون دولار كما ساهمت في تعبيد الطرقات، ورصدت غلافا ماليا لبناء مدينة سكنية ومشفى متخصص.
لقد أصبح العمادي بالنسبة لحماس بمثابة " البابا نويل " الذي يأتي ليرسم البهجة على غزة بحقيبة مليئة بالأموال، كما تعتبره الوسيط الموثوق الذي لا يتجه الى إسرائيل الا ويعود منها بأخبار سارة عن زيادة تصاريح العمل او الموافقة على تسهيل الإجراءات الخاصة بالتجار والبضائع: كل ما يقوم به السفير القطري يستحق أن يوصف من خلاله بأنه سفير حماس مع العالم الخارجي ووسيطها مع دولة الاحتلال، كما أن دور لجنة الاعمار يحظى برضى الولايات المتحدة التي تصنف حماس في الأصل كمنظمة إرهابية.
في الوقت الذي تقف فيه حماس عاجزة عن حل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية تلعب قطر منذ سنوات دورا كبيرا في منع انهيار الوضع الإنساني داخل القطاع، الا انها وبسياستها هذه لا تضع يدها على المشاكل العميقة في القطاع، فضخ المال ومساعدة الحكومة في بناء المستشفيات والبنية التحتية وإعادة الاعمار، ان ما تقوم به قطر هو بمثابة اعطاء مسكنات لا تعالج المرض بل تقلل من أوجاعه: غزة في الواقع محتاجة الى تتوقف عن استعمال الاحتلال كشماعة الفشل، وأن تتعلم كيف تصطاد السمكة لا أن تنظر السمكة القطرية.
صحيح ان اعانات قطر المالية لها دور كبير في عملية إنعاش القطاع، وضرورة ملحة لاستمرار الحياة فيه، وحفظ ما تبقى من كرامة الأسر المتعففة الا أنها قد عودت حماس على كسب المال السهل وحل اخفاقاتها المتكررة، اعتمادا على المساعدات الخارجية بالإضافة الى الجباية التي تفرضها على مواطنين، من دون أن تقدم تقارير مالية ترفع عنها الشبهة عن مصير الأموال أو اقتطاع أجزاء منها لأغراض غير التي تم رصدها لها.
ثمة هناك جانب مظلم في تحركات قطر داخل القطاع فهي لا تخلو من أجندات سياسية، تلعب في الأساس على الامتداد الاخواني في منطقة حساسة من الشرق الأوسط، فالدعم القطري لا يبحث عن لعب دور في تحقيق المصالحة الفلسطينية وانهاء الانقسام، بل انه يهدف الى ابقاء الوضع على ماهو عليه، ولكن هذا في الحقيقة يخدم الاحتلال بشكل غير مباشر : لا ترفض إسرائيل مساعي قطر لانقاد القائمين على شؤون غزة، لأن حماس تقدم خدمة جليلة للسياسيين الإسرائيليين في حملاتهم الانتخابية التي تركز على تقديمها كخطر وجودي وبالتالي يتم توظيفها في الخطاب السياسي للظفر بالانتخابات، ومن ناحية أخرى فان وجود حماس هو استمرار لحالة الانقسام الفلسطيني، الذي يضعف الموقف الفلسطيني على الساحة الدولية، ويشتت حتى الصف العربي في دعمه للقضية .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت