تقوم القصائد في مجموعة "نخب هابيل" للشاعر الأردني ماهر القيسي، على مجموعة من المفارقات التي ينقل الشاعر من خلالها حالات وجدانية، تجمع بين الشخصي والعام، في تفاصيل حياته.
وجاءت المجموعة الصادرة عن "الآن ناشرون وموزعون" في الأردن في 160 صفحة من القطع المتوسط، وقدَّم القيسي المفارقة فيها للقارئ منذ صفحة الإهداء قائلًا:
"مرّة حين قرّرنا الرّحيل
نظرنا إلى البيوت.. وبكينا
مرّة حين قرّرنا المكوث
نظرنا إلى البيوت.. وبكينا"؟
وتنوعت مواضيع القصائد ما بين رصد ظواهر اجتماعية بعينها، ونقدها بلغة شعرية تكثف الفكرة وتقدمها في صورة ساطعة لا تخطئها عين القارئ. يقول في إحدى القصائد:
"التلّة التي كانت ملاذًا في الصبا
أقاموا عليها برجًا للطنين
بيتنا.. صار لأبناء إخوتي
دروب الطفولةِ.. خرّبتها بلديةُ الحيّ
اللطفُ الذي كنتُ أعتمدُ عليه
ضيّعتهُ الرجولة
والأصدقاء.. تفرّقوا
مرّروا حقائبهم من خلف ظهري
ومشوا من أمامي مصطنعين مكالمةً هاتفية!".
أو نقل حالات وجدانية، تخبر عن اهتزازات قلب الشاعر التي تبعثرها الكلمات حارَّة شديدة الصدق والوضوح فوق الصفحات، كما يقول في أحد النصوص الذي يسترجع فيه اسمًا قد يرمز لحبيبة أو ذكرى ما زالت ماثلة في قلب الشاعر:
"تخطرين في بالي يا ميسون
ماشيةً فوق الرّبى في ظلال الغيم
حيث الأطفال يفتّشون عن الفطر
في غير موسمهِ ويعثرون عليك
هنا كان النسيمُ يهزُّ شجرة الرمّان
هنا كنت أنتظرُكِ يا ميسون!
راحت السنين!
والعمرُ ولّى وراء التلال
مَن خرّبَ الطريقَ نحو البستان؟!
مَن أشعلَ النارَ بالشجرة؟!".
ويقول في نص آخر يخاطب به أباه (الليل) في رمزية تولد مزيدًا من طاقة التأويل:
"أيها المبجّل يا ليل
يا سيدي الصموت
دعك من الدخلاء عليك
فكلهم كما يقولون أبناء نُور..
كلهم في غفوةٍ على شراشف الكرى فيك
وأنا وحدي هنا.. أمسك ردْنَ ثوبك
أنا ولدك.. «ماهر المعتم»
وأريد قصيدتي منكَ يا أبَتِ!".
ومن الجدير ذكره أن القيسي المولود عام 1987 عضو في الهيئة الإداريّة للمركز الثقافيّ العربيّ، ويعمل طيّاراً في "الملَكيّة الأردنيّة"، وصدر له قبل هذا العمل مجموعة شعرية بعنوان "كاهن الطّين"، 2012.