“إننا ننزلق نحو الظلام”

بقلم: علي ابوحبله

تشييع جثمان احمد السعدي لمثواه الأخير في جنين
  • المحامي علي ابوحبله

يستحضرني في هذا الموضوع وهذا الاقتباس لما آلت وستؤول إليه الأوضاع في المنطقة وبخاصة على المسار الفلسطيني  في ظل تصاعد عمليات المقاومة وفي عمق الكيان الصهيوني تصريحات الملك عبد الله الثاني لصحيفة هارتس  في تموز 2011 حول المستقبل والانزلاق نحو الظلام ما حذر منه الملك عبد الله الثاني وسببه السياسات الإسرائيلية التي لم تعد تخدم إلا السياسة الإسرائيلية المتطرفة ولا علاقة لها بكل ما يقال حول السلام والتفاوض.

وها هي القدس في محور الصراع  بفعل التطرف الصهيوني الذي ينسف ما تبقى من عملية السلام ، يمارس من خلالها  المتطرفون الصهاينة من عبدة الهيكل وشبيبة التلال والتلمودين  استفزاز الفلسطينيين و العرب والمسلمين عبر الإجراءات المتطرفة تجاه القدس والمقدسات، عندما يتحدث الملك ويقول إن ما يجري في القدس لا يؤثر فقط على العلاقة الأردنية الإسرائيلية بل يهز العالم العربي والإسلامي ويشعله فان هذا القول يجب أن  يردع الكيان المحتل ويجعله يدرك أن ما يفعله وفق منطق القوة والصلف له آثار وخيمة ولو بعد حين . وتأتي تصريحات وزير الحرب بني غانتس في سياق منطق القوه والصلف بقوله  اعتقلنا ٢٠٠ شخص واذا اضطررنا سنعتقل الآلاف وهي بمثابة صب الزيت على النار وتصعيد يقود لرد فعل ضمن ما شرعته الشرعية الدولية وأعطت للإقليم المحتل  شرعية مقاومة الاحتلال

إن  استخدام  سياسة القوه وترهيب  الشباب الفلسطيني وبث الرعب في نفوسهم" وسياسة الاقتحامات للمدن والريف الفلسطيني وممارسة الاغتيال والقتل  لن تجدي نفعا وكل الحكومات الاسرائيليه تدرك ذلك وتعلم علم اليقين أن الشعب الفلسطيني لا يستسلم ، وأن جيش الاحتلال الصهيوني  مهما حاول  إظهار نفسه أنه القوي والمُسيطر لردع الشباب والأطفال عن المشاركة في الفعاليات والأنشطة الرافضة لاستمرار الاحتلال فلن يتمكن من إطفاء جذوة النضال لدى الشباب الفلسطيني لتحقيق الاستقلال وحق تقرير المصير .

 ومهما كانت  القوة الإسرائيلية، في ظل الإصرار الفلسطيني على التحدي ومواجهة الاحتلال" لن تجدي نفعا  و أن كل العقوبات التي فرضها الاحتلال لم تنجح في وأد مقاومة الشعب الفلسطيني  بالقوة الإسرائيلية، وان القوه الغاشمة أيضا لن تنجح في إخماد مطالبة الشعب الفلسطيني في حق تقرير المصير

نعم  المنطقة تنزلق  نحو الظلام ” تقييم جاد وعميق لآثار السياسة الصهيونية بحسب تشخيصات الملك عبد الله الثاني في الماضي وفي الحاضر وهي تقوض في كل خطوة لها فكرة السلام، ولهذا عندما سأل الصحافي الإسرائيلي الملك عن تقييمه للعلاقات الأردنية الإسرائيلية في تموز 2011  بعد  توقيع المعاهدة كانت الاجابة “انها تزداد برودا”، والسبب هو ما تفعله الحكومات الاسرائيلية التي تقتل فكرة اقامة دولة فلسطينية مستقلة وتمارس العدوان والحصار وهي اليوم تمارس التطرف تجاه القدس وهي تحت الإشراف الأردني وتحديدا المقدسات وتقدم  كل ممارسة متطرفة.

تعود القدس لتتصدر محور الصراع وبحسب غلاة المتطرفين من الصهاينة، فإن عيد البيساح يعتبر واحداً من أهم المواسم الكبرى لاقتحام المسجد الأقصى المبارك، وتثبيت أمر واقع جديد فيه، يتجاوز قضية التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، إلى العمل للسيطرة الكاملة على المسجد المبارك، وبناء الهيكل المزعوم الثالث على أنقاضه ، يرى المتطرفون فرصتهم في ظل حكومة نفتالي بينت الضعيفة - للذهاب بعيداً في اقتحامهم المتوقع للمسجد الأقصى، وبالتالي نستطيع القول إن المسجد الأقصى قد دخل فعلياً في صراع التجاذبات السياسية الداخلية الإسرائيلية، وهو ما يمثل خشيةً ورعباً إسرائيلياً لما تحمله الأيام القادمة من مفاجآت خاصة وأن المساعي الصهيونية لاقتحام المسجد الأقصى في منتصف  الشهر الفضيل ، تتركز في الذهاب إلى أبعد مدى ممكن، لتنفيذ رؤيتها باقتطاع مساحة دائمة لصلاة اليهود في المسجد الأقصى، وفرض طقوسهم الدينية بالقوة، وبالتالي فإننا أمام تحدٍ جديد على المستوى الفلسطيني والعربي، قد ينذر بانفجار كبير سياسياً وأمنياً وعكسريا، والمطلوب عدم السماح بتنفيذ فكرة السيادة الاعتبارية اليهودية على الاعتبار الإسلامي في المسجد الأقصى.

وهنا تستحضرنا تصريحات الملك عبد الله الثاني " على اسرائيل ان تدرك انه لاسلام في المنطقة من دون اعطاء الشعب الفلسطيني حقه كاملا وان المعاهدات القائمة مع الاردن ومصر والسلطة ليست حماية للسياسة الاسرائيلية بل تتأثر بكل اجراء صهيوني؛ ففكرة السلام ليست معاهدات بل اعطاء حقوق وهذا ما تمارس نقيضه الحكومة الصهيونية يوما بعد يوم.

ليس هنالك المزيد من الوقت لمزيد من التطرف الصهيوني لانها اليوم لاتعطل عملية السلام ولا تقوض جهود استئنافها فقط بل تقتل اي قناعة لدى كل من يؤمن او لايؤمن بالسلام ان فكرة السلام ممكنة، ، فاسرائيل تعزز القناعة  اليوم بممارسات المتطرفين وغلاة المتدينين  انها تمثل العدو الحقيقي للسلام

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت