- فهد سليمان
- نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
■ نلتقي هنا في دمشق العروبة وقلبها فلسطين، كي نحيي مناسبتين وطنيتين غاليتين على قلوب الشعبين السوري والفلسطيني: الأولى هي جلاء قوات المستعمر الفرنسي عن أراضي سوريا، والثانية هي يوم «أسير فلسطين»، وليس الأسير الفلسطيني فحسب، فكل من قاتل وناضل وضحى وسُجِنَ من أجل فلسطين، أيا كانت جنسيته ينتمي إلى أسرة أسير فلسطين.
في هذه المناسبة، التي تجمع بين إحياء ذكرى الجلاء ويوم أسير فلسطين، رُبَّ سائلٍ يتساءل ما الذي يجمع بين هاتين المناسبتين؟! الإجابة واضحة وبسيطة، ما يجمع بينهما هو الحرية ولا شيء أقل من الحرية، فالبلاد عندما تدحر قوات الاحتلال وتستعيد سيادتها على كامل أراضيها، تصبح حرة، وهذا ما يرمز إليه يوم الجلاء للشعب السوري ولكل الشعوب التي حققت استقلالها وحررت أراضيها، وبسطت سيادتها عليها؛ وبالمقابل فما يرمز إليه يوم الأسير، إنما يُختزل بإعلاء مكانة الحرية، بما هي هدف لإعادة الحرية إلى من سُلبت منه بسبب من نضاله من أجل حرية الوطن، أي بما يشمل الحرية للحركة الأسيرة وللوطن في آن معاً.
إذن التمايز بين المناسبتين ليس إلا في خط الزمن، فعيد الجلاء السوري يشير إلى من قاتل وناضل واستشهد من أجل انتزاع حرية وطنه، وقد حقّق هذا الهدف في العام 1946؛ أما الأسير خلف زنازين دولة الاحتلال والإستعمار الاستيطاني، والحركة الأسيرة عموماً، فما زالت تسعى إلى هذا الهدف، وتقدم أعلى التضحيات في سبيله، من الموقع المتقدم الذي تحتله هذه الحركة في النضال الوطني التحرري الفلسطيني والعربي في آن ■
■ ■ ■
■ يعيش شعبنا في كافة بقاع تواجده زمن المقاومة والانتفاضة على الاحتلال والاستيطان، وحركتنا الاسيرة هي جزء أصيل وموقع متقدم بالصدام اليومي مع الاحتلال، ما يملي علينا توجيه تحية الاكبار والاعتزاز والفخر إلى4500 أسير منهم 500 محكومون بالمؤبدات، وترفض سلطات الاحتلال إدراجهم في صفقات التبادل التي نجحت مقاومتنا في إنجازها؛ إلى كل هؤلاء نتوجه معاهدين أن قبضات شبابنا وبنادق مقاومينا وإرادة شعبنا سوف تحطم في يوم قريب أسوار المعتقلات والأقبية وقضبان الزنازين، مستذكرين بكل فخر إرادة الحرية كما تجلّت من خلال نفق الحرية الذي وفرَّ لستة من أسرانا الابطال الإرادة والشجاعة لاختراق أسوار معتقل جلبوع.
شعبنا الآن يعيش في زمن الانتفاضة والمقاومة، وقد استعاد أبطاله أمجاد العمل الفدائي من النقب إلى تل أبيب إلى القدس، إلى جنين، إلى بيت لحم، وكل شبر من أرضنا الفلسطينية في الضفة والقطاع وفي قلب اسرائيل أيضاً.
يحلو للعدو الإسرائيلي لا بل يستسهل وصف أبطالنا المقاومين الذين يتصدون لجنوده بالذئاب المنفردة، لسنا أمام ذئاب منفردة بكل تأكيد، بل نحن في واقع الحال أمام جيش من المناضلين، نحن أمام مقاومين أشداء أخذوا على عاتقهم الدفاع عن أراضي وحقوق شعبهم وكرامته الوطنية، وهم أبناء المجتمع الفلسطيني بمختلف قطاعاته الموحد على خيار المقاومة، وهم الحالة الوطنية الناهضة في عموم فلسطين وهم أبناء للانتفاضة الفلسطينية المتجددة منذ العام 2015 وواصلت رغم الحصار المفروض عليها نضالها بتعبيرات مختلفة كان ذروتها هبّة بوابات الأقصى عام 2017، وهبّة مصلى باب الرحمة عام 2019، وهبة القدس وسيف القدس في أيار 2021، الخ ...
■ وإذا كان النداء الأول هو نداء المقاومة، فالنداء الثاني هو نداء الوحدة لأن شعبنا بالوحدة وبالوحدة فحسب، يستطيع أن يتقدم على طريق الانتصار. شعبنا قادر على الانتصار على العدو الاسرائيلي الغاشم من خلال تعبئة وتحشيد طاقاته، فنحن 14 مليون فلسطيني، نصفهم موجود على أرض الوطن، والنصف الآخر في الشتات. وبحشدنا لهذه الطاقات، تتعاظم قدرتنا وعزيمتنا على المواجهة الشاملة للعدو الإسرائيلي، وهو الأمر الذي يتطلب أن نكون موحدين، فالوحدة هي طريق النصر، والوحدة هي التي تسمح بتحشيد قوانا وهي التي تستدعي وتحفّز الدعم من الآخرين أشقاء وحلفاء وأحرارا، الوحدة الفلسطينية، هي الوحدة التي تتجسد في إطار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
أما النداء الثالث الذي نتوجه به من هذا اللقاء، هو نداء مطالبة الأخوة العرب وكل الأحرار في العالم أن يقفوا وقفة رجل واحد فيما سمي زوراً وبهتاناً بالتطبيع، فما يجري بالمنطقة العربية من أقصاها إلى أقصاها ليس تطبيعاً يرمي إلى الإيحاء بأنه يقتصر على إقامة علاقات عادية بين دولتين كانتا متجافيتين، بل هو عبارة عن تحالف استراتيجي، أمني، عسكري، اقتصادي، ثقافي، يتبنى السردية الصهيونية، ويعمل تحت سقف الاستراتيجية الأميركية – الإسرائيلية، وبما يخدم أغراضها، وبالتالي – وفي حقيقة الأمر - ما يسمى بالتطبيع، وهو تطبيع غير مشروط إلا بما يستجيب لمصلحة العدو، بكل ما يلحقه من أضرار وكوارث ليس للشعب الفلسطيني فحسب بل لمجمل الشعوب العربية.
■ بهذه النداءات الثلاثة نتوجه إلى القيادة السياسية الفلسطينية، مطالبين بالمعاجلة إلى التئامها الفوري، حتى لا تبقى خلف الحركة الجماهيرية، وندعوها إلى تحمل مسؤوليتها الوطنية كاملة، ورفض الاستجابة للضغوط الخارجية التي تحثّ وتدعو إلى التمهل والتأني وعدم التسرّع فيما يتعلق بتنفيذ قرارات المجلس المركزي، بل نؤكد بالمقابل على ضرورة الشروع فوراً بتنفيذ هذه القرارات، مدركين أن المصلحة الوطنية باتت تتطلب أكثر من أي وقت مضى تنفيذ هذه القرارات، بما في ذلك الإعلان الرسمي بانتهاء المرحلة الانتقالية وما ترتب عليها من التزامات، ووقف التنسيق الأمني، والتحرر من كافة قيود واستحقاقات اتفاق أوسلو بما فيه «بروتوكول باريس الاقتصادي».
هكذا نستعيد وحدتنا، هكذا نحشد قوانا، هكذا ننظم صفوفنا هكذا نفرض ارادتنا على العدو الإسرائيلي، وبهذا نطيح بكافة المشاريع البديلة لمشروعنا الوطني في العودة وتقرير المصير والسيادة والاستقلال ■
(1) ألقيت باسم منظمة التحرير الفلسطينية في مهرجان دعت له حركة فتح والحزب الشيوعي السوري الموحد في دمشق 17/4/2022.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت