بوتين يلغي خطة اقتحام آخر معقل في ماريوبول وواشنطن تزود كييف بمدافع ومسيرات

الرئيس الأوكراني يتوسط رئيسي وزراء إسبانيا (يسار) والدانمارك خلال مؤتمر صحفي في كييف (وكالة الأنباء الأوروبية).webp

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الخميس أنه أمر قواته بعدم اقتحام آخر معقل للمقاومة الأوكرانية في مدينة ماريوبول الساحلية (جنوب)، وفي حين تتواصل المعارك في إقليم دونباس، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن عن تقديم مساعدات عسكرية إضافية لأوكرانيا، في وقت زار فيه رئيسا وزراء إسبانيا والدانمارك كييف.

فخلال اجتماع مع وزير الدفاع سيرغي شويغو هنأ فيه القوات الروسية على السيطرة على مدينة ماريوبول التي تقع في أقصى جنوب إقليم دونباس، قال بوتين إن الهجوم المقترح على المنطقة الصناعية التي تتحصن فيها قوات أوكرانية "غير مناسب"، مضيفا أنه أمر بإلغائه.

وتابع الرئيس الروسي "حاصروا كل هذه المنطقة بحيث لا تمر فيها ذبابة واحدة"، داعيا الجنود الأوكرانيين المتحصنين في مجمع "آزوفستال" للصلب في ماريوبول للاستسلام، ومتعهدا بالحفاظ على سلامتهم ومعاملتهم بشكل لائق.

وبينما تحدث وزير الدفاع الروسي عن إجلاء قواته 142 ألفا من سكان ماريوبول منذ بدء العملية العسكرية فيها، أكدت السلطات المحلية أن أكثر من 100 ألف من سكان المدينة لا يسمح لهم بالخروج منها.

وقدر شويغو عدد العسكريين الأوكرانيين المتحصنين في مصنع الصلب بنحو ألفين.

ووفقا لسلطات كييف، فإن ألفي مدني، جلهم من النساء والأطفال، و500 من العسكريين الأوكرانيين المصابين متحصنون في مجمع آزوفستال للصلب.

ممر إنساني

وقد طالبت أوكرانيا بفتح ممر إنساني عاجل لإخلاء المحاصرين في مصنع آزوفستال في ماريوبول.

وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قال إن بلاده مستعدة لمبادلة المقاتلين المدافعين عن ماريوبول بأسرى روس، كما طالب بدعم عسكري دولي عاجل لكسر الحصار عن المدينة.

من جانبها، قالت إرينا فيريتشوك نائبة رئيس الوزراء الأوكراني للجزيرة إن الرئيس الروسي يزعم أنه لا يستهدف مصنع آزوفستال في ماريوبول، لكنه يقصفه بالطائرات.

وأضافت فيريتشوك أن أكثر من ألف مدني ونحو 500 جندي مصاب داخل آزوفستال، وأن الروس يرفضون إخراجهم.

في هذه الأثناء، أفاد مراسل قناة الجزيرة في زاباروجيا بأن 3 حافلات وصلت المدينة تقل عشرات من سكان مدينة ماريوبول.

وباتت ماريوبول شبه مدمرة بالكامل جراء القصف والمعارك، وتؤكد السلطات الأوكرانية أن "نحو 20 ألفا قتلوا" في المدينة، وتتحدث عن "قيام الروس بحفر مقابر جماعية وحرقهم جثث الضحايا لإخفاء الأعداد الكبيرة من القتلى".

وبينما تبدو أبواب الدبلوماسية موصدة، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إنه لا مستقبل للمفاوضات مع أوكرانيا إذا لم تأخذ الأخيرة مطالب بلاده بعين الاعتبار، متهما كييف بالتراجع عن التزامات سابقة.

وكانت أوكرانيا جددت تأكيدها أن المفاوضات ستتوقف إذا سيطرت القوات الروسية على مدينة ماريوبول.

تطورات ميدانية

في التطورات الميدانية، أكدت سلطات محافظة خاركيف (شرق) أن القوات الأوكرانية أسقطت اليوم مقاتلة روسية من طراز "سوخوي 34" في منطقة إيزيوم، في حين أكد الحرس الوطني الأوكراني إسقاط مروحية روسية من طراز "كي-52" في منطقة زاباروجيا.

وأفاد مراسل قناة الجزيرة بمقتل شخصين اليوم جراء قصف روسيا على خاركيف، وكانت السلطات قالت إن القوات الروسية تحاصر المدينة جزئيا.

وتحدثت موسكو عن قصف أكثر من 70 هدفا عسكريا في أوكرانيا خلال الساعات الماضية.

وبالتوازي، تدور مواجهات بين القوات الأوكرانية من جهة وبين القوات الروسية والانفصاليين الموالين لها من جهة أخرى في عدة محاور بإقليم دونباس، وذلك في إطار هجوم واسع النطاق أطقته موسكو سعيا للسيطرة على الإقليم الذي يضم أغلبية من الناطقين بالروسية.

وفي واشنطن، ذكر مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) أن روسيا تعمل على عزل القوات الأوكرانية في منطقة العمليات بدونباس وماريوبول.

وبينما تواصل القوات الروسية هجماتها في إقليم دونباس، أكدت هيئة الأركان الأوكرانية اليوم الخميس أن روسيا تخطط لعقد استفتاء مطلع الشهر المقبل في مقاطعة خيرسون (جنوب) التي سيطرت عليها في وقت سابق.

من جهتها، أفادت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني بإنجاز تبادل جديد للأسرى مع روسيا، يتم بموجبه الإفراج عن 19 أوكرانيا بينهم 10 عسكريين.

مساعدات أميركية

في هذه الأثناء، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن اليوم الخميس خلال لقائه رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميهال في البيت الأبيض عن مساعدات إضافية بقيمة 800 مليون دولار لدعم أوكرانيا عسكريا، مشيرا إلى أن الحزمة الجديدة من المساعدات تشمل عشرات من مدافع الهاوتزر، وطائرات مسيرة تكتيكية، و144 ألف طلقة ذخيرة.

وقال بايدن إنه سيقدم إلى الكونغرس مشروع موازنة تكميلية من أجل الحفاظ على إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا، مضيفا أن إرسال الأسلحة يتم مباشرة إلى ما وصفها بالخطوط الأمامية للدفاع عن الحرية.

كما قال الرئيس الأميركي إن بلاده تشارك المعلومات الاستخباراتية مع أوكرانيا لمساعدتها في الحرب.

ودعا بايدن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للسماح بخروج المدنيين من مدينة ماريوبول، قائلا إنه لا أدلة على سقوط المدينة بشكل كامل بيد روسيا.

وأضاف أن بوتين لن ينجح في إحكام السيطرة على كل الأراضي الأوكرانية، مشيرا إلى أن الرئيس الروسي كان يراهن على كسر وحدة الحلفاء لكنه فشل في ذلك، مشيرا إلى أن إدارته ستحظر دخول السفن التابعة لروسيا إلى الموانئ الأميركية.

وفيما قال البيت الأبيض إن المساعدات العسكرية الإضافية لأوكرانيا تشمل 121 طائرة مسيرة من طراز "فنيكس غوست" (Phoenix Ghost)، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) أن سلاح الجو الأميركي يعمل سريعا على تصنيع هذه الطائرات المسيرة، وهي ذات قدرة مماثلة للطائرات المسيرة المسلحة "سويتش بليد" (Switchblade).

وفي حين ذكر المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية أن المساعدات الدفاعية الجديدة ستضاعف قدرات القوات الأوكرانية، كشف مسؤول رفيع في البنتاغون أن أول طائرة تحمل شحنة من المساعدات العسكرية الجديدة لأوكرانيا ستقلع في اليومين المقبلين.

وقد أشاد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالمساعدات الأميركية الإضافية، وقال إنها مطلوبة اليوم أكثر من أي وقت مضى، وتساعد على استعادة السلام في أوكرانيا.

وقال زيلنسكي إن بلاده بحاجة إلى 7 مليارات دولار شهريا لتعويض خسائرها الاقتصادية، مضيفا أن حصار روسيا لموانئ البحر الأسود أدى إلى وقف الصادرات الأوكرانية وأثّر على الأمن الغذائي العالمي.

وفي وقت سابق، أكدت مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند أن بلادها ستواصل توفير كل أنواع الأسلحة التي يحتاجها الأوكرانيون بهذه المعركة، وأنه يجب إدخال التعديلات المطلوبة عليها كلما تغيرت طبيعة القتال.

وقد تعهدت واشنطن بمزيد من المساعدات لأوكرانيا، إذ أشارت وزارة الدفاع إلى أن الولايات المتحدة تساعد الأوكرانيين في الحصول على أنظمة وأسلحة وذخائر، من ضمنها أكثر من 700 من طائرات "سويتش بليد" المسيّرة.

في سياق متصل، ذكرت صحيفة واشنطن بوست نقلا عن مسؤول أميركي مطلع أن الولايات المتحدة لن تقف أمام أي بلد أراد تزويد أوكرانيا بطائرات حربية.

زيارة تضامن

في تطور آخر، أدى رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز ونظيرته الدانماركية مته فريدريكسن زيارة إلى العاصمة الأوكرانية كييف، التقيا خلالها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، تعبيرا عن تضامن بلديهما مع أوكرانيا التي تتعرض لهجوم روسي بدأ يوم 24 فبراير/شباط الماضي.

ووصل سانشيز وفريدريكسن إلى كييف في رحلة مشتركة بالقطار، وقد زارا منطقة بورودينكا شمال كييف، التي تعرضت لأضرار كبيرة بسبب الهجمات الروسية.

وقد أعلن رئيس الوزراء الإسباني أن بلاده أرسلت مساعدات إنسانية ومعدات عسكرية إلى أوكرانيا خلال الأسابيع الأخيرة، وأشار إلى إرسال 200 طن من العتاد العسكري تشمل خصوصا عربات نقل ثقيلة وذخيرة.

وقال سانشيز إن بلاده مصممة على دعم أوكرانيا وستعيد فتح سفارتها في كييف.

من جهتها، قالت فريدريكسن إن بلادها ستقدم مساعدات عسكرية إضافية لأوكرانيا بقيمة 90 مليون دولار.

وتوالت خلال الفترة الماضية زيارات مسؤولين أوروبيين لأوكرانيا لإظهار الدعم، وكان في مقدمتهم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الذي زار كييف قبل أيام والتقى الرئيس زيلينسكي.

عقوبات مضادة

في موضوع آخر، أعلنت الخارجية الروسية الخميس فرض عقوبات على عدد من الشخصيات السياسية ورجال الأعمال الغربيين.

وقد أدرجت موسكو كامالا هاريس نائبة الرئيس الأميركي في قائمة العقوبات الروسية التي شملت أيضا مؤسس شركة "فيسبوك" مارك زوكربيغ وشخصيات وصحفيين يخدمون "أجندة معادية للروس"، بالإضافة إلى منع 61 كنديا من دخول روسيا.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي اليوم إن العقوبات المفروضة على روسيا يجب أن تكون عميقة وفعالة بحيث تستشعر الحكومة الروسية آثارها.

وكانت وزارة الخزانة الأميركية أعلنت أمس الأربعاء فرض عقوبات على البنك التجاري الروسي "ترانس كابيتال بانك" (TRANSKAPITALBANK).

وأضافت الوزارة عددا من الأفراد والكيانات الروسية إلى قائمة العقوبات، من بينهم رجل الأعمال والملياردير كونستانتين مالوفييف، كما فرضت عقوبات على وحدات روسية تابعة لشركة تعدين العملات الافتراضية "بيت ريفر" (BitRiver).

في السياق، أعلنت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك أن بلادها ستوقف وارداتها النفطية من روسيا نهاية العام الجاري.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - الجزيرة + وكالات