هتلر ولد يهوديا!

بقلم: رمزي عودة

رمزي عودة.jpg
  • د. رمزي عودة
  • مدير وحدة الأبحاث في معهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي

خلال مقابلته مع قناة "ريته 4" الإيطالية، سُئل وزير الخارجية الروسي سيرجي  لافروف كيف يمكن لروسيا أن تدعي أنها بحاجة إلى "القضاء على النزعة النازية" في أوكرانيا ورئيس البلاد فولوديمير زيلينسكي يهودي، فأجاب لافروف ساخراً " أعتقد أن هتلر أيضا له أصول يهودية. لذا فهذا لا يعني شيئا". وأضاف "منذ فترة طويلة ونحن نسمع حكماء اليهود يقولون أن أكبر معاد للسامية هم اليهود أنفسهم"  وكان لافروف في إجابته هذه يتحدث عن بعض النظريات التي تصف جد هتلر المجهول لأبيه بأنه يهودي، وقد ورد في مذكرات هانس فرانك محامي هتلر عام 1953، بأنه قد تلقى تعليمات من هتلر شخصياً للتحقيق حول شائعات عن أصوله اليهودية. وعلى خلاف أغلب المؤرخين الذين يصفون هذه النظريات بأنها تندرج في إطار نظرية المؤامرة، فإن لافروف عند حديثه عن الشك بأصل هتلر اليهودي كان يريد أن يوصل رسالة محددة؛ وهي أنه يمكن أن تكون يهودياً ونازياً في نفس الوقت. وأعتقد أن ما رمى إليه لافروف كان محقاً، ولكن الحملة الاسرائيلية الصهيونية ضده على إثر تصريحاته لم يكن لها أساس بته. فقد إستدعى وزير الخارجية الاسرائيلي يائير لابيد  السفير الروسي للتنديد بالتصريحات التي أدلى بها، وقال لبيد لموقع "واي.نت" الإخباري "إنها تصريحات مشينة ولا تغتفر وخطأ تاريخي فادح ونتوقع اعتذارا".كما وصف داني دايان مدير ياد فاشيم، النصب التذكاري الإسرائيلي للمحرقة النازية، تصريحات لافروف بأنه قد أشاع  "نظرية مؤامرة معادية للسامية لا أساس لها في الواقع".

في الحقيقة، إن ما يلفت النظر في هذه القضية هو الهجوم الصهيوني على أي شخص يتناول موضوعة اليهود وإسرائيل، وكأنما أصبح إنتقاد اليهود أو حتى التحدث بموضوعهم هو شكل من أشكال معادة السامية. وفي الوقت الذي يعتبر حكماء اليهود وغالبيتهم بأن "دولة اسرائيل" هي دولة إحتلال وأبرتهايد ويجب إنهاء الصهيونية ومقاطعتها، فإن الحركة الصهيونية تغض الطرف قصداً عن إتهامهم بمعاداة السامية حتى لا تظهر للرأي العام الدولي بأن الصهيونية ما هي إلا حركة للأقلية اليهودية كما وصفها "ألن بابيه". بالمقابل، تقوم الحركة الصهيونية بهجوم على كافة المستويات على أي شخص من خارج الوسط اليهودي اذا قام بإنتقاد إسرائيل ودعا الى مقاطعتها وإنهاء الاحتلال. وفي المحصلة، فبغض النظر عن كون هتلر وُلد يهودياً أم لا، فإن النازية ليست فكرة دينية، وإنما هي حركة شعبوية تقوم على تفوق العرق النازي مع إحتقار بعض الشعوب والقوميات المختلفة  وإضطهادها. وبالضرورة، فإن هذا الوصف ينطبق على العديد من حكومات هذه الأيام بما فيها الحكومة الاسرائيلية!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت