رسالة الى محبين شيرين أبو عاقلة..

بقلم: أشرف صالح

  • أشرف محمود صالح

منذ وفاة الزميلة الإعلامية الفلسطينية المحترمة شيرين أبو عاقلة والى هذه اللحظة , والفلسطينيون يتنافسون على كلمات الحب والوفاء لهذه الإعلامية التي دخلت قلوب الجميع , حيث شارك في جنازتها سواء بشكل مباشر أو غير مباشر جميع التيارات والأحزاب والمجتمعات والحكومات الفلسطينية , وإشتعلت وسائل الإعلام بأخبارها  وصورها في سابقة هي الأولى من نوعها , وحتى على المستويين العربي والدولي فلم يصمت أحد على موت شيرين أبو عاقلة , وقبل أن أدخل في صلب الرسالة يجب أن أنوه على أمر في غاية الأهمية , وهو الجدل المثار حول ديانة شيرين وخاصة الإختلاف حول جواز الترحم عليها أو عدم الترحم , ومن وجهة نظري أنه بإمكان أي شخص أن يدخل على الإنترنت ويبحث عن فتوى العلماء بهذه القضية الدينية , وخاصة إجماع العلماء الموثوقين أو إجماع المؤسسات الدينية الرسمية أو إجماع السلف الصالح  في هذه القضية ,  فهناك مواقع شرعية رسمية وموثوقة على الإنترنت تحتوي على فتاوى وإجابات واضحة في هذه المسألة الشرعية , أما بالنسبة للفلسفة الزائدة التي سمعناها ورايناها على الفيسبوك والتي وصلت الى مستوى المسبات والشتائم كالعادة , فلا داعي لها من الأساس لأنها لا تستند على دليل شرعي ودليل علمي , وبكل صراحة فنحن كفلسطينيون غير مؤهلون للخوض في مواضيع شرعية لسببين رئيسيين , السبب الأول أننا شعب نعيش تحت الإنقسام , والسبب الثاني أن غالبيتنا كفلسطينيين غير مثقفين دينيا وشرعياً , بالإضافة الى أننا غرقانين بالذنوب والمعاصي ولذلك فلا داعي أن نحرم ونحلل دون البحث والوصول الى الحقيقة عن طريق جهات الإختصاص , وحتى لو وصلنا الى الحقيقة فهذا لا يعني أن ننشر الحقيقة على الفسيبوك بسبب أننا غير مؤهلين للنقاش الحضاري , ومعظم نقاشاتنا عبارة عن شتائم ومسبات .

الرسالة..

قبل أيام من وفاة شيرين أبو عاقلة أصدرت منظمة مراسلون بلا حدود في اليوم العالمي لحرية الصحافة , تصنيفاً جديداً للعام  2022بما يخص حرية الصحافة على مستوى العالم , وهذا التصنيف شمل 180 دولة , وبحسب التصنيف حصلت دولة فلسطين على المرتبة 170 من أصل 180 بما يخص حرية الصحافة , وهذا التصنيف يعني أن فلسطين هي الدولة المصنفة عاشر دولة عالميا في قمع حرية الإعلام والصحافة وحرية الرأي , وهذه بحد ذاتها كارثة , فكيف نحن دولة تحت الإحتلال ونعاني من قمع الإحتلال للصحفيين وفي نفس الوقت نقمع الصحفيين والإعلاميين ونقيد حريتهم !! والأخطر من ذلك أن هذه المنظمة  ذكرت أن قطاع غزة هو المكان الأكثر خطورة بما يتعلق بحرية الصحافة , فالأمر في غزة لا يتعلق بقمع حرية الصحافة فقط , ولكنه يتعلق بالتخوين أيضاً , فالمنظمة قالت في تقريرها أن حزبي حماس والجهاد الإسلامي في غزة يشككون في سلوك الصحفيين ويعيقون عملهم بذريعة الإشتباه في أنهم يتعاونون مع الإحتلال !! تخيلو أن المقاومة في غزة تشتبه ببعض الصحفيين الفعالين والنشطاء , وهذا الإشتباه بالطبع يستخدمونه كأداة لقمع حرياتهم وتشكيك الرأي العام بهم , ورغم أن الصحفيين والإعلاميين يدافعون عن المقاومة ليلاً نهاراً , ويدعمون رواية المقاومة ضد رواية الإحتلال حتى لو كانت رواية المقاومة مبالغ فيها ومتناقضة مع أرض الواقع , إلا أنهم ملاحقين ومراقبين ومحاصرين ومقموعين سواء من المقاومة أو من الحكومات أو من فلاسفة الفيسبوك المناصرين لمن ذكرت أعلاه .

رسالتي الى محبين شيرين أبو عاقلة , سواء من مشو في جنازتها , أو من كتبو كلمات رثاء لها , أو من ذكروها بالخير , أو من كتبو إسمها على المؤسسات والجوائر والفعاليات والندوات , إذا كنتم تحبون شيرين أبو عاقلة فعليكم أن تنصرون حرية الصحافة والإعلام , إذا كنتم تحبون شيرين أبو عاقلة فعليكم أن تحتلو المركز الأول عالمياً  في حرية الصحافة والإعلام والرأي والرأي الآخر , فالمسألة ليس مسألة شعارات وهتافات لا تغني ولا تسمن من جوع , المسألة مسألة تنفيذ على أرض الواقع , كما كانت تفعل شيرين أبو عاقلة في حياتها المهنية , فكما كانت شيرين ابو عاقلة تنصر كلمة الحق وتوصل الحقيقة , فعلينا نحن أيضاً أن ننصر كلمة الحق ونوصل الحقيقة بكل أمانة وصدق , فهذا أقل من نقدمه لروح الإعلامية المحبوبة الراحلة شيرين أبو عاقلة .

أشرف محمود صالح , فلسطين , غزة

كاتب وإعلامي ومختص بالشأن السياسي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت