- رباح جبر
لا شك أن الجرائم اليومية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق شعبنا الفلسطيني ، من قتل واقتحامات وسرقة للأرض الفلسطينية عبر مستوطنيه وتدنيس للأماكن المقدسة وحصار لقطاع غزة وغيرها من الجرائم واعتداء وحشي على جنازات الشهداء والمشيعين كما حدث مؤخرا مع تشييع الشهيدة شيرين أبو عاقلة ووليد الشريف في القدس خلال اقل من أسبوع واحد، هذه الجرائم التي ترقى إلى مستوى جرائم حرب اعتبرها أحد المحللين من جنوب إفريقيا ، أنها أكثر وحشية وعنصرية من تلك الجرائم التي ارتكبها نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.
إن دولة الاحتلال تواصل ارتكاب جرائمها غير آبهة بالرأي العام الدولي ولا بالمؤسسات الحقوقية التي صنّفت دولة الاحتلال باعتبارها دولة فصل عنصري ولا بالأمم المتحدة، رغم عشرات القرارات التي اتخذتها الأمم المتحدة لصالح فلسطين وقضيتها ، وتتصرف باعتبارها دولة مارقة ومحمية ولا تنطبق عليها أي من القوانين الدولية لا القانون الدولي الإنساني ولا اتفاقيات جنيف ولا قرارات الشرعية الدولية.
ورغم أن المجتمع الدولي بغالبيته الساحقة من دول ومؤسسات وشعوب أدان اغتيال الشهيدة الخالدة شيرين أبو عاقلة ، إلا أنها لم تتورع عن استكمال جريمتها بالاعتداء على جنازتها والمشيعين ومن بينهم السلك الدبلوماسي المشارك ومحاولة خطف جثمانها، ولم تكن لتتصرف دولة الاحتلال بهذه الوقاحة والوحشية لولا أنها متيقنة من أنها محمية ، وإن جميع الإدانات لها من الدول الغربية لن تتعدى عن كونها مجرد خطابات وعلاقات عامة ، سرعان ما تخبوا عندما يتعلق الأمر بمحاولة فرض عقوبات على إسرائيل أو مقاطعة .
وصل الأمر في بعض الدول الغربية وبريطانيا على وجه الخصوص ، حتى في ظل الإدانة الواسعة لإسرائيل على اغتيال شيرين أبو عاقلة إلى سن تشريع يجرّم حملات ودعوات المقاطعة لإسرائيل ، كما أن معظم الدول الغربية وبخاصّة الولايات المتحدة الأمريكية - التي تدّعي أن دولة الاحتلال لديها القدرة والكفاءة لإجراء التحقيق في مقتل الشهيدة شيرين العمري- ،تضغط باتجاه إجراء تحقيق مشترك بين السلطة الفلسطينية ودولة الاحتلال وذلك مقدمة لتمكين دولة الاحتلال من الإفلات من العقاب ، بدلا من الذهاب إلى محكمة الجنايات الدولية أو مجلس حقوق الإنسان التابع للولايات المتحدة الأمريكية ،لأنها - أي الدول الغربية - تدرك أن لحكومة الاحتلال فيتو على المحاكم الدولية ‘ لدرجة أنها منعت سابقا المحققين الدوليين من القدوم إلى الأراضي المحتلة لمباشرة أعمالهم والغرب لم يعترض على ذلك.
إن هذا الموقف التقليدي للدول الغربية الذي يتعارض مع الرأي العام الأوروبي الذي يشهد تصاعدا في تأييد ودعم نضال شعبنا ،هو بمثابة إعطاء ضوء أخضر لدولة الابرتهايد العنصري لمواصلة جرائمها بحق الشعب الفلسطيني، وكان الغرب لم يكتف بزرع دولة الاحتلال في فلسطين والمنطقة خدمة لمصالحه الاستعمارية ، بل مستمر في دعمها بالمال والسلاح والغطاء السياسي. وأمام جرائم الاحتلال اليومية فإن أقصى ما يصدر عن الدول الغربية هو الدعوة الفارغة للتهدئة ونبذ العنف واعتبار عمليات الاستيطان عائقا أمام عملية السلام الميتة.
إن الغرب الأوروبي والأمريكي لا يمكن له أن ينصاع لقرارات الشرعية الدولية ولحق شعبنا في التحرر والاستقلال الناجز، ويتوقف عن تمكينها من العقاب أولا ، ولإرادة الشعب الفلسطيني والشعوب العربية ثانيا ، إلا إذا أيقن أن مصالحة الحيوية والإستراتيجية أصبحت مهددة ، وهذا يحتاج إلى أن يستجمع شعبنا عناصر القوة لديه وهي كثيرة ، وأن يتجاوز الوضع العربي حالة التشرذم والضعف والهرولة نحو التطبيع مع دولة الاحتلال ، وعندها فقط سيدرك الغرب أن دعمه اللامحدود لدولة الاحتلال يسبب له الخسارة الاسترتيجية ويهدد مصالحه.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت