- بشرى حفيظ
أعاد مشهد اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة الذاكرة إلى الوراء قليلا إلى اغتيال غادة سباتين قبل شهر، أين قتلت غادة بدم بارد على يد قوات المحتل فلم يختلف موت شيرين عن موت غادة كثيرا فالمجرم واحد غير أن الضحية مختلفة باختلاف أهمية الحدث فقد مر اغتيال غادة مرور الكرام كأنه مجرد خبر اعتيادي على عنوانين بعض الصحف والنشرات على عكس شيرين التي تفاعل معها الإعلام العربي والعالمي منددين بقتلها ومطالبين بالتحقيق في ظروف اغتيالها، وهو ما يثير التساؤل حول الفرق بين اغتيال شيرين وغادة ؟
شيرين وغادة.. حوادث اغتيال متشابهة
أمام مشهد اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة، الأربعاء 11 مايو/أيار 2022، من قِبل قوات الاحتلال، وقفت الصحافة العالمية أمام جريمة أخرى من جرائم الاغتيال التي تنفدها قوات المحتل على مرأى من العالم أجمع. فقبل شهر فقط اغتيلت الشهيدة غادة سباتين قرب بيت لحم جنوبي الضفة جراء إصابتها برصاص الجيش الإسرائيلي.
نقاط كثيرة تتشابه فيها الجريمتين اللتين ارتكبتهما قوات الاحتلال، كدليل على انتهاكه لحقوق الفلسطينيين، وعدم تغيير سياساته القمعية.
ووفق الناشطين فقد وثّقت الكاميرات وحشية المحتل ومظلومية الضحية في الجريمتين البشعتين.
ففي ظهر يوم الأحد 10 أبريل /2022 ، كشفت لقطة مدتها نحو دقيقة وعشر ثواني وثقها هاني فنون، مراسل تلفزيون فلسطين على الهواء مباشرة حادثة إعدام الشهيدة سباتين من قبل جنود الاحتلال. أين كان يُعد تقريرًا عن انتهاكات الاحتلال في بلدة حوسان، واختار التصوير عند الحاجز الميداني قبل الظهور على الهواء مباشرة
أثناء ذلك تم إطلاق النار غادة ، ولم يسمح الجنود لأي شخص بالاقتراب منها لمدة ربع ساعة، حيث واصلت النزيف، قبل أن يتركوها
وهو الحادث الذي تكرر مع الصحفية شيرين أبو عاقلة، إذ انتشر مقطع استهدافها سريعاً عقب اغتيالها، الأمر الذي يظهر أسلوب القتل الموحد لجريمتين فاعلهما واحد.
تفاعل إعلامي مختلف
نشرت شبكة cnn يوم أمس تحقيقا استقصائيا حول اغتيال شهيدة الواجب الصحفية شيرين أبو عاقلة على موقعها الإلكتروني والذي أكدت فيه أن كل الدلائل والظروف المحيطة بالحادثة تأكد أن الصحفية قتلت بشكل عمدي من طرف قوات الاحتلال.
تحقيق cnn لم يكن الأول فقد اجرى موقع Bellingcat للصحافة الاستقصائية الحائز على عدة جوائز هو الأخر تحقيقا في ظروف اغتيال الصحفية الشهيدة وهو ما يبرز التفاعل الإعلامي مع واقعة اغتيال شيرين أبو عاقلة
وسابقا أجمعت الصحف على أن استهداف الزميلة شيرين أبو عاقلة أثناء تأدية مهامهما الصحفية أمر لا يمكن قبوله، وأن إسرائيل معروفة تاريخيًا بتضييقها على عمل الصحفيين الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس المحتلة.
وتحت عنوان “مقتل مراسلة شبكة الجزيرة شيرين أبو عاقلة على أيدي جيش الدفاع الإسرائيلي وإسرائيل تدعو لفتح تحقيق”، ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية نقلًا عن شبكة الجزيرة ووزارة الصحة الفلسطينية أن الزميلة المخضرمة قتلت برصاص جنود إسرائيليين في مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين.
من جهتها أوضحت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أن الزميلة شيرين أبو عاقلة “اغتيلت أثناء توثيقها لعملية إسرائيلية في مدينة جنين الفلسطينية المحتلة بالضفة الغربية”.
هذا وقالت صحيفة لوموند الفرنسية إن اغتيال الزميلة شيرين أبو عاقلة “تم على أيدي القوات الإسرائيلية”
هذا الالتفاف الإعلامي بالحادثة شيء طبيعي لا بد منه خاصة أن الضحية معزولة بعيدة كل البعد عن المواجهات القائمة في موقع الحدث بين الفصائل الفلسطينية المقاومة وقوات الاحتلال وإذا أردنا إسقاط هذه الشروط على الشهيدة غادة سباتين فسنجدها متطابقة تماما فالضحية كانت هي الأخرى معزولة ولم تشكل أي تهديد فقط كانت تعبر الشارع أين أطلق جندي من قوات الاحتلال النار عليها، لكن الاختلاف أن قتل غادة لم يأخذ حقه إعلاميا كما يجب أن يكون فقد ذهبت جميع الصحف لنشر الخبر على أنه مجرد حادث طبيعي بالرغم من أنه جريمة موثقة بالصوت والصورة فقط اكتفت الصحف العربية بنقل الخبر دون إعطائه الاهتمام الذي يستحقه وهو نفس السياق الذي انتهجته الصحافة العالمية التي مرت هي الأخرى على الخبر مرور الكرام .
تعتيم إعلامي
موقف الإعلام الغربي من أحداث الاغتيال في فلسطين التي يقوم بها الاحتلال بدى واضحا ففي كل مرة تتصدر فيها الأحداث في فلسطين عناوين الأخبار، تخلع المؤسسات الصحفية الغربية الكبرى عباءة المهنية والموضوعية، وترتدي عباءة الإعلام الحربي الإسرائيلي في روايتها. وخلال لحظات تتحول الاعتداءات على مدنيين عُزل إلى "اشتباكات " وممارسة لـ “حق الدفاع عن النفس" في سردية الإعلام الغربي. في تأكيد لروايات الاحتلال التي يبرر بها جرائمه الشنيعة لتتضح الأجندات التي تتبعها هذه الصحف تجاه كل ما هو فلسطيني
حيث قال منصور الإبن الأكبر لغادة سباتين "انتفضت الصحف العالمية لسيدة أوكرانية حامل هربت من القصف الروسي وربّما وضعت مولودها الآن بسلام، بينما تصلّبت مشاعرهم وتحجّرت أمام سيدة فلسطينية لم تعد لأطفالها وأبنائها الستة، الأولى بقيت حيّة فثار لأجلها العالم، الثانية استُشهدت بجريمة مُروّعة ولم تعد لأبنائها".
ربما اهتم الإعلام عموما والإعلام الغربي خصوصا لاستشهاد صحفية قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة كونها شخصية إعلامية لطالما نقلت الخبر بصدق ومصداقية لكن المشهد يتكرر كل يوم مع ضحايا لم يعهدوا الكاميرا ذنبهم الوحيد أنهم لم يعيشوا في مجتمع عالمي يطبق المعايير الإنسانية على الجميع. فشكرا شيرين أبو عاقلة أنت لم تنقلي الخبر فقط بل حتى موتك استطاع إن يحرك المشاعر الميتة ويلفت الأنظار للقضية الفلسطينية .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت