نظم المكتب الحركي للصحفيين – إقليم شرق غزة، بالتزامن مع بدء أعمال الدورة الحادية والثلاثين لأعمال الاتحاد الدولي للصحفيين بالعاصمة العمانية – مسقط، ندوة حوارية بعنوان: "جريمة اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة .. أبعاد سياسية وقانونية"، في قاعة المؤتمرات بجامعة غزة.
وذلك بحضور نجاح عليوة عضو الهيئة القيادية العليا، وتيسير الراعي ووليد أبو سرية عضوي قيادة إقليم شرق غزة، والدكتور نادر حلس، والدكتور محمد التلباني، والدكتور حاتم العسولي، وأعضاء المكتب الحركي المركزي للصحفيين بالأقاليم الجنوبية، وسامح الجدي أمين سر المكتب الحركي للصحفيين بالإقليم وأعضاء المكتب، وحشد من الصحفيين والإعلاميين والمحامين.
ورحب العسولي رئيس قسم الإعلام في كلمة جامعة غزة بالحضور، ونقل لهم تحيات رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور رياض الخضري، معرباً عن استعداد الجامعة لاستقبال مثل هذه الندوات بشكل دائم كونها فعاليات وطنية تخدم المشروع الوطني الفلسطيني.
مضيفاً :إن جامعة غزة هي جامعة للكل الفلسطيني، وقامت فور استشهاد الصحفية أبو عاقلة بتنظيم عدد من الأنشطة والفعاليات حول واقعة استشهادها.
وقال الجدي : إن استهداف الصحفيين هو جريمة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وإن ما حدث مع الزميلة أبو عاقلة والزميل سمودي سياسة إسرائيلية متبعة لإخراس الصحافة، يمارسها الاحتلال منذ عقود؛ لطمس الحقيقة وتغييب الرواية الفلسطينية التي تفضح جرائمها ضد الشعب الفلسطيني.
وأضاف: تأتي جريمة اغتيال الزميلة أبو عاقلة في سياق استهداف الصحفيين، حيث وثقت مراكز حقوق الإنسان العاملة في فلسطين ونقابة الصحفيين الفلسطينيين خلال العام الماضي، (150) انتهاكاً بحق الصحفيين والطواقم الإعلامية العاملة في الأرض الفلسطينية المحتلة، بينها مقتل صحفي جراء قصف منزله بمدينة غزة، خلال العدوان على غزة. كما أصيب خلال العام (40) صحفياً خلال تغطيتهم الأحداث.
وحيا الجدي جهود القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، التي رفضت المشاركة بأي تحقيق مشترك مع الجانب الإسرائيلي حول حادثة اغتيال الزميلة أبو عاقلة، وكذلك رفضها تسليم أو إعطاء أي معلومة حول الطلق الناري الذي اخترق جسدها، وتشييع جثمانها بجنازة رسمية بحضور جماهيري وشعبي من مقر الرئاسة، مثمناً في ذات الوقت مواقف نقيب الصحفيين الفلسطينيين الزميل ناصر أبوبكر الذي جال أكثر من عاصمة عربية وأجنبية لحشد الدعم؛ لمحاسبة قوات الاحتلال، فكان جراء هذا التحرك البيانات التي صدرت عن النقابات الصحفية في معظم دول العالم، وكذلك موقف الاتحاد الدولي للصحفيين، والاتحاد الأوروبي للصحفيين، والاتحاد العام للصحفيين العرب، واتحاد الصحفيين الأفارقة وغيرهم.
من جانبه قال الدكتور حلس الباحث والمختص بالشأن السياسي: إن جريمة اغتيال الصحفية شيرين أو عاقلة هي سلوك طبيعي لحكومة إسرائيلية يمينية متطرفة، قامت بممارسة الاغتيال والقتل لعشرات الصحفيين والنشطاء الإعلاميين، بهدف طمس الحقائق التاريخية بأن فلسطين بتاريخها وأرضها ومقدساتها هي ملك حصري للشعب الفلسطيني.
مشيراً إلى حالة الازدواجية في المعايير السياسية التي تحكم العالم اليوم، بسبب السياسة الأمريكية المنحازة لحكومة الاحتلال دائماً، فلنقارن ما هو موقف أمريكا وبعض الدولة المنحازة لإسرائيل من استهداف الصحفيين الأوكران؟؟ وما هو مواقف ذات الدول من استهداف الصحفيين الفلسطينيين ؟؟ مع أن الواقع يقول إن الجريمة واحدة مهما تغير مرتكبها.
وأوضح حلس أن التحركات السياسية التي تقوم بها القيادة الفلسطينية ووزارة الخارجية في مجابهة العدوان المستمر على أبناء الشعب الفلسطيني بشكل خاص، والصحفيين على وجه الخصوص، والمطلوب فلسطينيا توثيق هذه الجرائم وعرضها أمام محكمة الجنايات الدولية، مشيراً إلى أن هذه الندوة وغيرها من الفعاليات مهم لكشف هذه الجريمة.
بدوره تحدث الدكتور التلباني الباحث والمختص بالشأن القانوني قائلاً: تثير جريمة اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة قضية الحماية القانونية للصحفيين في حالات النزاعات المسلحة أو الاحتلال، فقد سعى القانون الدولي الإنساني إلى أنسنة الحروب والنزاعات المسلحة والتقليل من فظائع الحروب ومآسيها، عبر وضع عدد من القواعد والضوابط، بحيث لا يبقى القادة العسكريون مطلقي اليدين في اختيار ما يشاؤون من الخطط والوسائل، وفي هذا السياق تدرجت اتفاقيات القانون الدولي الإنساني في حماية الصحفيين، الذي برز دورهم وازدادت أهميته في معركة الصورة والخبر، وما لها من تأثير على سير المعارك، وكذا في كشف الجرائم والممارسات التي تنتهك القانون الدولي، فتقوم الصحافة بدور مهم في توثيق الجرائم الدولية وتسليط الضوء عليها، وإثارة الضمير العالمي بشأنها، ما يشكل رادعا أخلاقيا، قد يحد من تصاعد تلك الجرائم ويدفع لمحاسبة الجناة.
وأضاف: قررت اتفاقية جينيف الرابعة لسنة 1949 الخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب شمل الصحفيين ضمن الحماية القانونية المقررة للمدنيين، وبالتالي الاستفادة من مبادئ الحماية للمدنيين، وأبرزها: مبدأ التمييز بين الأهداف العسكرية والأهداف غير العسكرية، ومبدأ تحريم الاستهداف العشوائي بالأسلحة الكيميائية والألغام الأرضية والقنابل العنقودية، وكذا مبدأي الضرورة والتناسب، حيث تنعدم الميزة العسكرية من استهداف الصحفيين، وبالتالي يحظر ذلك الاستهداف، وقد أفردت المادة 79 من البروتوكول الاختياري الأول لسنة 1977الملحق باتفاقيات جنيف الأربعة لسنة 1949 عددا من الأحكام الخاصة بحماية الصحفيين في حال وجودهم في وضع الخطر.
واستطرد: إن استهداف الصحفيين يشكل كما في حالة اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة جريمة حرب، ينعقد الاختصاص بملاحقة مرتكبيها إلى المحكمة الجنائية الدولية، التي انضمت لها دولة فلسطين عام 2014 وباشرت في جمع الأدلة وتعمل على تحريك الملف من أجل مباشرة التحقيق فيها أمام المحكمة الجنائية الدولية، وهو ما يضع مصداقية تلك المحكمة على المحك، فهل ستسوف وتماطل في هذا الملف، أم ستنزل حكم القانون بالمجرمين؟