مع لحظات الفجر الأولى، استيقظت غفران هارون حامد وراسنة، ابنة بلدة شيوخ العروب، بهمة عالية، للتوجه إلى مكان عملها في إحدى محطات الإذاعة المحلية في الخليل، في يومها الثالث كصحفية، ولكن سرعان ما باغتها أحد جنود الاحتلال برصاصة اخترقت صدرها من الجهة اليسرى (تحت الإبط)، وخرجت من الجهة اليمنى، ما أدى إلى اصابتها بجروح خطيرة أدت إلى استشهادها.
تقول والدتها، "خرجت غفران من البيت باكرا، للتوجه إلى مكان عملها، فلا يجوز أن يقال عنها إنها غير ملتزمة، ولكن لم يمضِ كثير من الوقت، حتى سمعنا ان الاحتلال أطلق الرصاص صوب فتاة على مدخل المخيم، ولاحقا سمعنا أنها استشهدت، حزنا عليها كثيرا، ولكن لم نكن نعلم أنها ابنتي، إلا بعد أن جاءنا الخبر كالصاعقة.
وتضيف: لم يمنع الاحتلال غفران من المرور عبر بوابة المخيم لتصل إلى عملها فقط، بل سلب حياتها، وحال دون عودتها إلى أهلها، وقضى على صحفية قبل أن تبدأ مسيرتها.
وتشير إلى أن ابنتها الشهيدة تعرضت لمرات عديدة لاعتداءات من قبل قوات الاحتلال، ولكن ما جرى اليوم أنهى حياتها، ووضع حدا لحلمها الذي لم يكتمل.
وتتابع: قبل ذلك، تعرضت غفران للاعتقال وتكسير كاميرتها الخاصة من قبل الاحتلال، أثناء تغطيتها لفعاليات إحياء ذكرى انطلاق الثورة الفلسطينية، في العاشر من كانون الثاني الماضي، وأمضت ثلاثة أشهر في المعتقل، قبل أن تصبح أسيرة محررة مطلع شهر "نيسان" الماضي.
الاحتلال قتل غفران كما قتل الشهيدة الصحفية شيرين وغيرهم من الصحفيين، لم يكن القتل خطأ، بل متعمدا ومقصودا، وهذا ما يؤكده شهود عيان حضروا جريمة إطلاق الرصاص على غفران، وتركها تنزف على الأرض ومنع تقديم الإسعاف لها، فكيف قتلت غفران؟؟
يقول شاهد عيان، كانت الفتاة وراسنة تسير خارجة من المخيم باتجاه الطريق الالتفافي لتستقل إحدى المركبات المتجه إلى الخليل، بشكل هادئ وطبيعي جدا، وكان هنالك جنديان على الحاجز المقام على مدخل المخيم، فقام أحد الجنود باستدعائها، إما لأغراض التفتيش، أو للاحتجاز، وفي أحسن الأحوال لمنعها من الخروج من المخيم، وهذا ما نحن متعودون عليه.
وأضاف: أحد الجنود قام باستدعائها، والآخر أطلق بشكل فوري ومباشر الرصاص الحي صوبها، فسقطت أرضا، وأسرعنا باتجاهها لإسعافها، إلا ان الجنود منعونا، وأطلقوا الرصاص باتجاهنا، واستمر هذا الوضع فترة طويلة، حتى بعد حضور طواقم الإسعاف التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني، إذا لم يسمحوا لهم بالوصول إليها، وأعاقوا عملهم لمدة 20 دقيقة، كانت كافية لإيصالها إلى وضع صحي صعب، يستحيل بعده إنقاذ حياتها، خاصة بعد إصابتها برصاصة متفجرة.
وأكد أن ما حدث اليوم هو جريمة قتل مقصودة ومتعمده، ولم يكن هناك أي محاولة للطعن، كما يدعي الاحتلال، ونفذت باشتراك كافة الجنود على الحاجز، فواحد حاول استدراجها باستدعائه لها، والآخر أطلق عليها الرصاص، والبقية منعوا عنها الإسعاف، وتركوها أرضا وهي تنزف.