تقرير: لبنان حريص على عدم تصعيد الوضع الأمني مع إسرائيل

من الحدود اللبنانية - الإسرائيلية بمنطقة الناقورة.. تصوير: الفرنسية

تناولت اتصالات سياسية وأمنية مكثفة، يوم السبت، التطورات الأمنية في جنوب لبنان، بعد دخول الباخرة والمعدات الإسرائيلية إلى المياه الإقليمية في حقل "كاريش" والخط 29 المتنازع عليه بين بيروت وتل أبيب، بهدف التنقيب عن الغاز.

وأكدت مصادر لبنانية لصحيفة "القدس العربي"، أن لبنان حريص كل الحرص على عدم تصعيد الوضع الأمني مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي، مستدركة "إلا أن لبنان لن يسمح بأي حال من الأحوال المس الإسرائيلي بمياهه الإقليمية وسيادته على أرضه وممتلكاته البرية والبحرية".

وأكدت المصادر على أن دخول الباخرة والمعدات الإسرائيلية إلى حقل كاريش المتنازع عليه استنادا للقرارات الدولية، هو عدوان عسكري واقتصادي على لبنان، لكن هذا التدخل لا يعني بأي حال من الأحوال أن تل أبيب ستبدأ بالتنقيب عن الغاز في حقل "كاريش" في الأيام القليلة القادمة، مضيفا أن ما قامت به الحكومة الإسرائيلية هو مجرد ضغط على الحكومة اللبنانية لإجبارها على الدخول بمفاوضات مباشرة أو غير مباشرة برعاية الأمم المتحدة للإسراع برسم الحدود.

وختمت قائلا: لبنان اليوم، يقف بحالة من الإرباك بانتظار الموفد الأمريكي الذي سيصل بيروت يوم الثلاثاء القادم.

وحول سبب هذا الإرباك قالت المصادر لـ"القدس العربي" إن الوضع الداخلي اللبناني، والأوضاع المعيشية والمالية وحالة الانقسام السياسي بالإضافة إلى الفوضى الأمنية التي تشهدها البلاد، وتوتر العلاقات بين الحكومة اللبنانية مع معظم الدول العربية وعدد من الدول الأجنبية، لا تؤهل لبنان للخوض بمواجهة عسكرية مع الاحتلال لإجباره على سحب الباخرة والمعدات الإسرائيلية من حقل "كاريش".

وفي السياق نفسه، وفي إطار الاتصالات والاجتماعات القائمة لاحتواء الوضع الأمني المتطور في جنوب لبنان، والإسراع بتشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات البرلمانية التي جرت في 15 أيار مايو الماضي، عرض رئيس الجمهورية ميشال عون اليوم السبت، مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الأوضاع العامة والتطورات الأخيرة والموقف اللبناني من موضوع ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، عشية زيارة الوسيط الأمريكي.

وأفادت وسائل إعلام لبنانية في بيروت، بأن "الاجتماع بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي خصص لبحث الموقف اللبناني من الترسيم وتنسيق موقف موحد، إذ تم عرض الخرائط والملفات التي حملها ميقاتي بملفه إلى بعبدا".

وتؤكد أن الاجتماع بين الرئيسين عون وميقاتي كان تقنيًا بامتياز ولا تباين بالموقف بين الجهات اللبنانية، وحتى الساعة لم يصدر أي موقف أو سقف أو ورقة رسمية للتفاوض بانتظار ما يحمله الوسيط الأمريكي آموس هوكشتاين.

وكشفت مصادر ​القصر الجمهوري، أن "الاستشارات النيابية مؤجلة إلى ما بعد زيارة المبعوث الأمريكي ​آموس هوكشتاين​ إلى لبنان".

وأشارت وسائل الإعلام في بيروت إلى أن واشنطن سترسل مبعوثًا إلى لبنان الأسبوع المقبل لمناقشة أزمة الطاقة في البلاد، وتأكيد أمل واشنطن في أن تتمكن بيروت وإسرائيل من التوصل إلى قرار بشأن ترسيم حدودهما البحرية.

ونقلت نص بيان وزارة الخارجية الأمريكية الذي أكد على أن آموس هوكشتاين كبير مستشاري وزارة الخارجية الأمريكية لأمن الطاقة سيزور لبنان يومي 13 و14 حزيران، في إطار الوساطة الأمريكية في محادثات غير مباشرة بشأن الحدود البحرية المتنازع عليها بين إسرائيل ولبنان في عام 2020.

من جهته، ذكّر البطريرك الماروني الكاردينال ​مار بشارة بطرس الراعي​ بأنّ "لبنان نشأ ليكونَ مثال الوطن السيّد الحرّ الحيادي تجاه محيطه والعالم، ورمز المساواة والشّراكة بين جميع مواطنيه على أساس الدستور والميثاق. لقد أردنا لبنان دولةً ديمقراطيّةً قويّةً ومنيعةً بمؤسّساتها وشعبها وجيشها وقضائها النّزيه وعلاقاتها العربيّة والدّوليّة السّليمة. وكادت أن تَنجح هذه التجربة، لولا تَعدّد الولاءات والانقسامات الّتي أدّت إلى تدخّلاتٍ عسكريّةٍ في بلادنا من كلِّ صوب".

وركّز الرّاعي في عظة اليوم، على أنّه "فيما نجحت الجماعات اللّبنانيّة، وإن متفرِّقةً، في مقاومة المحتلّين ودفعهم إلى الانسحاب بين سنوات 1982 و2000 و2005، حريٌّ بنا جميعًا أن نُحافظ على إنجازات التّحرير المتلاحقة، فلا نَتورّط مجدّدًا في مواقف من شأنِها أن تعيد لبنان ساحةً عسكريّةً لصالحِ دول أجنبيّة".

إلى ذلك، شدد النائب في البرلمان اللبناني ​مارك ضو​، على ضرورة أن يكون خط 29 نقطة انطلاق للتفاوض واستبعد ضو أن يكون دخول السفينة إلى حقل "كاريش" وما تقوم به ​إسرائيل​ عدوانًا، لأن "العمل لا يزال بعيدًا عن الخط 29".

وفي إطار الخروقات المستمرة والمتصاعدة الإسرائيلية للأراضي والمجال الجوي والمياه الإقليمية اللبنانية، اطلعت لجنة القانون الدولي الإنساني في الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان في لبنان على البحث الذي أجراه موقع AirPressure.info حول الآثار النفسية لانتهاك الطيران الإسرائيلي الأجواء اللبنانية، ونشر خلال الساعات الماضية، والذي أكد أن الطيران الإسرائيلي احتل الأجواء اللبنانية لمدة ثمانية أعوام ونصف طيلة الخمسة عشر عاما الماضية، وذلك على فترات تراوحت بين القصيرة والمتوسطة.

وبحسب البحث فإن "عدد الطائرات العسكرية الإسرائيلية التي اخترقت المجال الجوي اللبناني في الـ15 عاما الماضية وصل إلى 22111 مرة. بسماعهم هدير المقاتلات النفاثة المعادية وطنين الطائرات المسيرة فوق رؤوسهم، يعيش سكان لبنان في أجواء خطرة، واحتمال قصف جوي شامل هو احتمال يومي".

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - بيروت