- المحامي علي ابوحبله
لا أحد يستطيع أن يزاود على جامعة النجاح وهي من أعرق جامعات الوطن ، لم تكن النجاح مجرد حاضنة دافئة لتاريخ شعب، وثقافة أمة، وإنما كانت منارة علم تضيء لفلسطين طريق المستقبل المواكب لتطورات العصر، وكما كانت النجاح منارة مشعّة ، فقد كانت في الوقت نفسه قيثارة صدحت أنغامها عبر السنين، تشدو للأجيال لحن الصمود والعلم والأمل.، بدأت النجاح مسيرتها بوصفها مدرسةً ابتدائية 1918، وكانت تستقبل الطلاب من أنحاء فلسطين جميعها ومن بعض الأقطار العربية، ثم تطورت إلى كبرى الجامعات
وان جامعه النجاح تدار بمجلس أمناء مؤتمن على صرح جامعه النجاح ولهم صدق انتمائهم لوطنهم وبفضل جهودهم ودعمهم لهذا الصرح الأكاديمي وصلت النجاح لما وصلت إليه من خلال توفير الدعم المادي والمعنوي والإداري لهذا الصرح الاكاديمي ، وما تعرضت له جامعة النجاح من أحداث مؤسفة أرقت الجميع ووضعتهم تحت مسؤولياتهم للحفاظ على هذا الإرث التاريخي والوطني لجامعة النجاح الوطنية
وكانت القرارات التي اتخذناها اليوم مجلس أمناء جامعة النجاح الوطنية في اجتماعه بقدر ما هي مؤلمه لكنها كانت هامه وارتقت لمستوى المسؤولية حفاظا على وحدة النسيج المجتمعي ووحدة الصف الفلسطيني للحفاظ على مسيرة ألجامعه واتسمت قرارات مجلس الأمناء بالحكمة والشجاعة في التعامل مع الأحداث الأخيرة المؤسفة هذه القرارات كانت الدافع والحافز لأجل الاستمرار بالنهوض بهذا الصرح الأكاديمي العريق
وبناء على صدور نتائج تحقيق لجنة تقصي الحقائق الفورية التي شكلها المجلس برئاسة عضو مجلس الأمناء الدكتور عمار الدويك وكان تحقيق موضوعي وشفاف ، قرر المجلس "إعفاء مدير دائرة أمن الجامعة من منصبه ومنحه إجازة مفتوحة لحين اتخاذ القرار بشأنه من قبل إدارة الجامعة".
كما قرر "إنهاء خدمات 6 من موظفي أمن الجامعة ممن ثبت للجنة مشاركتهم في العنف واستخدام أدوات في مواجهة الطلبة".وقرر المجلس كذلك إحالة 16 موظفاً آخرين ممن شاركوا في الاعتداء على الطلبة إلى اللجان المختصة في الجامعة لاتخاذ الإجراء التأديبي المناسب بحقهم، وفق أنظمة الجامعة.
وتقرر كذلك "توجيه إدارة الجامعة لإعادة هيكلة دائرة الأمن خلال مدة لا تتجاوز أسبوعين، على أن يشمل ذلك اتباع الدائرة لنائب الرئيس للشؤون الإدارية، وإعداد مدونة سلوك توضح واجبات ومسؤوليات وضوابط عمل موظفي الأمن، وعلاقتهم بالطلبة وموظفي الجامعة، وتعيين مسئول أمن لكل موقع من مواقع الجامعة الأساسية الأربع، واعتماد هيكلية لدائرة الأمن، تحدد الوظائف والمستويات المختلفة داخل الدائرة، ووضع بطاقة وصف وظيفي لكل وظيفة من وظائف الدائرة. ومباشرة تعيين عدد كاف من النساء للعمل في دائرة الأمن. ومراسلة وزارة المالية للتأكد من عدم وجود ازدواج وظيفي لدى أي من العاملين في دائرة أمن الجامعة".
وعلى اعتبار أن جامعة النجاح واحة للحرية والديموقراطيه وفق نظامها الداخلي فقد أكد مجلس الأمناء على إجراء انتخابات مجلس الطلبة في موعدها في شهر نوفمبر القادم وانتظام ودورية الانتخابات في كل عام. وهذا إن دل فإنما يدل على ترسيخ روح الديموقراطيه وقد أرسى دعائمها نظامها الداخلي وحرص مجلس الأمناء على استمرار العمل به كتعبير حر عن إرادة الطلاب لاختيار من يمثلهم في مجلس ألطلبه بالاختيار الحر والديمقراطي وهو نهج دأبت عليه جامعة النجاح منذ انطلاقتها ولم ولن تتخلى عنه
وأكد التقرير أن ما حصل من أحداث مؤسفة لم يكن بقرار مسبق كما حاول الترويج له البعض من المغرضين ، حيث أن اللجنة وبعد الاستماع إلى 27 شهادة، والاطلاع على أكثر من 40 مقطع فيديو، ومراجعة كاميرات المراقبة في الجامعة، خلصت إلى مجموعة من الاستنتاجات تتعلق بالحادثة، منها أنه لم يثبت وجود قرار مسبق بالاعتداء على الطلاب وأن استخدام العنف من قبل أمن الجامعة لم يكن مخططاً له وإنما جاء بشكل لحظي نتيجة زيادة التوتر بسبب تجمع الطلبة وهتافاتهم وارتباك الأمن الذي اعتقد بأن الطلبة ينوون فتح البوابة بالقوة لإدخال زملائهم الذين كانوا في الخارج. كما لم يثبت للجنة تورط أي من الطلبة الذين كانوا داخل الحرم الجامعي بالعنف، أو برش الغاز، أو محاولة فتح بوابة الجامعة بالقوة، ولم يثبت للجنة محاولة أي طالب من خارج الجامعة اقتحام مقر البوابة بالقوة أو استخدام العنف. وخلصت اللجنة إلى أن أمن الجامعة أظهر سلوكاً عنيفاً جداً في مواجهة الطلاب، ولم يكن استخدام القوة من قبل أمن الجامعة مبرراً بأي حال من الأحوال. وانما وبفحوى التقدير هو سوء تقدير لمجريات وتدافع الأحداث وهو ما خلصت إليه اللجنة وتحققت من حادثة دفع الدكتور ناصر الشاعر ووقوعه على الأرض، وقد ابدى مجلس الأمناء أسفه لما جرى مع الدكتور الشاعر، والذي تدخل منذ بدء الأزمة هو وعدد من أعضاء الهيئة التدريسية بناءً على طلب وتكليف من إدارة الجامعة لتهدئة الأحداث ، ولم يثبت للجنة وجود تعمد أو قصد مسبق بالاعتداء عليه من قبل أي من موظفي الأمن كما حاول البعض ترويجه بقصد الفتنه وتعميق الانقسام وصب الزيت على النار
يأتي تأكيد جامعة النجاح الوطنية في ختام بيانها، بجميع مكوناتها على احترامها التام للحريات النقابية والأكاديمية كقيم عليا تتبناها الجامعة وتسعى إلى تعزيزها في المجتمع الفلسطيني، وأن الأحداث المؤسفة والسلوكيات التي بدرت عن بعض موظفي أمن الجامعة لا تعكس سياسة وتوجهات الجامعة، فإن جامعة النجاح الوطنية ممثلة بمجلس أمنائها وإدارتها تقدم الاعتذار لأبنائنا وبناتنا الطلبة ولأسرة جامعة النجاح ولكل من تضرر من هذا الحدث على ما حصل. وهذا الاعتذار يدلل على المسؤولية من قبل مجلس الأمناء تجاه أبنائها ألطلبه وكل من تضرر من الأحداث وهذا الاعتذار يجب أن يكون محل احترام وتقدير الجميع والعمل معا لأجل استمرار مسيرة ألجامعه ووأد الفتنه وتفويت الفرص على كل المتربصين
نتمنى على الجميع الترفع لمستوى المسؤولية الوطنية وان توظف الحملات الاعلاميه وتسلط على ممارسات الاحتلال و معاناة الشعب بفعل محاصرة الفلسطينيين واستهدافهم جميعا بلا تمييز بين فئة دون أخرى وتسليط الضوء على الاستيطان وتهويد القدس وسياسة مصادرة الأراضي واستباحة الدم الفلسطيني وغيرها مما يجب التركيز عليه وتسليط الضوء بدلا من محاولات البعض تمرير أجندات لا تخدم سوى التمويه عن ممارسات الاحتلال بحق شعبنا الفلسطيني وتحريف للبوصلة عن مسارها
ومهما حاول البعض من حرف المسيرة عن بوصلتها وتعمد إلى ذلك عبر الترويج والفبركه فان تقرير اللجنه قد بدد كل الاشاعات المغرضه وكان تقريرا موضوعيا وشفافا ووضع النقاط على الحروف واتخذ الاجراءات الرادعه
ونختم بموعظه تُنسب إلى قس بن ساعدة وله حِكَم كثيرة، منها: «إذا خاصمتَ فاعدل، وإذا قلتَ فاصدق، ولا تستودعنَّ سرك أحداً، فإنك إن فعلتَ لم تزل وجِلاً»، و«مَن عيَّرك شيئا ففيه مثله، ومَن ظلمك وجد مَن يظلمه، وإذا نهيتَ عن الشىء فابدأ بنفسك، ولا تشاور مشغولاً وإن كان حازماً، ولا جائعاً وإن كان فهِماً، ولا مذعوراً وإن كان ناصحاً».
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت