- د. طلال الشريف
نعم ضاع الإحساس بالوقت والمسؤولية والثمن المدفوع، بين محاولات إنقاذ فتح ومحاولة تمكين حماس ضاع الإحساس بالمسؤولية بالخطر على القضية.
منذ البدء وحتى الآن درجت التنظيمات الفلسطينية على إضاعة وقت ثمين في الصراع البيني والمناكفات، مرة لإثبات وجودها فلسطينيا بحثا عن عدد أعضائها وشعبيتها ونفوذها ومصالحها، ومرة بين إثبات أفضلية فكرها وبرامجها، ومرات عديدة بانجرارها لولاءات إما عربية أو إقليمية ودولية وهذه الأخيرة أضاعت الوقت الأطول في تاريخ الحركة الوطنية وتاليتها الحركة الإسلامية وكل ذلك أدى لنتائج غير ذات صلة بعملية التحرر والإستقلال والخلاص من الإحتلال حتى تربعت العلاقات مع المحتل على سلم الأولويات عربيا وفلسطينيا ما ضاعف معاناة شعبنا وأصبح الجميع في مراحل متقدمة من الترهل وفقدان إمكانية التأثير لصالح قضيتنا وتعمق انكشاف الظهر الفلسطيني وتآكل العلاقة بالجمهور وقضاياه الحياتية الملحة ومسؤولية تمكينه حتى من الصمود، فهذه فتح في أقصى درجات تشرذمها وفقدان وحدتها وعناصر بقائها كرائدة للحركة الوطنية، وهذه حماس مازالت تكبر كومها وتحالفاتها خارج وداخل الحركة الوطنية في محاولة للظفر بالقرار تلفلسطيني ومازالت أسباب ومفاعيل الإنقسام هي ذاتها التي بدأت خفية قبل الانقسام ووصلت الذروة في عملية الاستيلاء على السلطة في قطاع غزة بالسلاح ومازالت حالة الصراع متواصلة دون حكمة من خطورة استمرار الإنقسام وإضعاف المجموع الفلسطيني ما أدى لنتائج باعدت كثيرا ببن إمكانية التحرر والزمن المنظور، وبدل التقدم بخطوات نوعية ونتائج إيجابية نحو ذلك، أي التحرر، أصبح ظهر الشعب الفلسطيني للحائط في محاولة أخيرة لبقائنا على الأرض الفلسطينية تحت تهديد التهجير القصري أو الهجرة الاختيارية لضيق الحال.
الغريب والأغرب من يطلع على الجمهور من هؤلاء القادة والمثقفين ليتشدق بأننا ستة ملايين فلسطيني على هذه الأرض متناسيا أو غير مدرك لماذا؟ وكيف؟ ومن يتحمل المسؤولية عن وصولنا لهذا الحائط؟ وكيف فقدنا كل الحوائط قبل هذا الحائط؟ ..
ألم نكن قبل زمن شعبا موحدا ؟ ألم نكن قبل ذلك سلطة واحدة؟ ألم نكن قبل ذلك موحدين إداريا وجغرافيا؟ ألم نكن مجتمع محبة وليس مجتمع كراهية كالذي نعيشه الآن؟ ألم تكن أحزابنا فاعلة ومتماسكة داخليا؟ ألم نكن بعيدين عن المال السياسي والفساد والإفساد ؟ ألم تكن معدلات الفقر والحاجة والشحدة وانتظار الشؤون الإجتماعية بمعدلات لا تذكر ؟ ألم تكن رؤوسنا عالية وكرامتنا وازنة وعيوبنا أقل درجات؟ هذه هي الجدران الحامية لشعبنا وقضيتنا التي قد هدمناها.
لا تقل لي اسرائيل هي من فعل كل ذلك رغم أن الإحتلال هو سبب رئيسي في كل معاناتنا، وقل لي كيف فعلت واستطاعت إسرائيل أن تفعل هذا ؟؟!!
ياريت نعمل ساعة في كل 24 ساعة للخلاص من الإحتلال بدل أن نعمل 24 ساعة في الصراع بين التنظيمات والمناكفات والاشتباكات المتواصلة بكل طرق ووسائل الكراهية والحقد ضد بعضنا البعض ..
داخل كل تنظيم كراهية وصراعات غير محدودة وبين التنظيم والآخر صراعات وكراهية غير محدودة وبين الشارع والحكام صراعات وكراهية غير محدودة وبيننا وبين العرب صراعات وكراهية غير محدودة .. فقط ما بيننا وبين الدولار والممول والداعم أيا كان جنسه ومخططه لا توجد كراهية ولا صراع بل تذيل وتسحيج وولاء أكبر بكثير مما بيننا وبين قضيتنا ومستقبلنا وشعبنا ..
من وكيف حدث هذا الجنون والعته والعبث بحالنا وقضيتنا؟ ولازال الفاعلون المجرمون في غيهم يصبون الخمر ويسكرون ليس في عشق شعبنا وقضيتنا بل في عشق الذات والحزب والسلطة والمال السياسي والتذيل حتى الثمالة لمن يدفع.
إنها فتح وحماس وبينهما ضاعت تلك الحوائط والجدران التي كانت تحمينا قبل الحائط الأخير بأننا ستة ملايين في الداخل على الأرض الفلسطينية ونام وحط تحت راسك بطيخة صيفي وهذا الخطر الأكبر الذي لم يحاسب أحد عن فقدان كل الجدر الحامية قبل جدار الصمود الأخير.
مع بداية عامي الجديد 69 :
لن نيأس من انتصار شعبنا رغم البؤس الشديد
" أواااه يا انقسام وتبا لك يا احتلال"
كل عام وانتم وشعبنا بخير ولن تطول المعاناة وسيحقق شعبنا حريته واستقلاله وسينتهي الاحتلال وسيزول الحكام الظالمين مهما تجبروا فالنصر في النهاية للشعوب على اعدائهم وجلاديهم مهما تغطرسوا ومارسوا من صلف بحقك يا شعب فلسطين.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت