- المحامي علي ابوحبله
يصادف 26 حزيران من كل عام اليوم العالمي للأمم المتحدة لمساندة ضحايا التعذيب، والذي أقر من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بمناسبة دخول اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب حيز النفاذ في العام 1987، بهدف القضاء على التعذيب المحظور بشكل مطلق في الحالات العادية والاستثنائية في معظم المواثيق والاتفاقيات الدولية والقواعد العرفية ذات العلاقة، وتعتبر الاتفاقية أحد أبرز الأدوات الرئيسية في مكافحة التعذيب، والتي انضمت لها أكثر من 160 دولة لغاية الآن.
ورغم إقرار وسريان الاتفاقية ما زال المجتمع الدولي، عاجز عن الحد من انتشار التعذيب كجريمة عقاب لا إنسانية، خاصة في مناطق الحروب والنزاعات الداخلية، بالرغم من اتفاقيات حماية حقوق الإنسان وصون كرامته.
ويُصنف التعذيب كواحد من أبشع الطرق التي تلجأ إليها الأطراف المعتدية لإضعاف الضحايا وأهانتهم، إذ تخلّف مشاكل جسدية ونفسية واجتماعية لدى المعتقلين، كما تسفر عن مقتل البعض منهم تحت التعذيب.
وبحسب المادة الخامسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة الثالثة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، لا يجوز إخضاع أي إنسان للتعذيب ولا للمعاملة السيئة أو العقوبة المهينة للكرامة.
لكن من جهة أخرى، أظهرت الكثير من تقارير المنظمات الدولية إتباع التعذيب الممنهج في الكثير من الدول حتى الآن، وعجز المجتمع الدولي عن الوقوف في وجه ذلك. ففي هذا الإطار، يخضع 95 بالمائة من الأسرى الفلسطينيين للتعذيب في السجون الإسرائيلية، في الوقت الذي تواصل فيه السلطات إتباع أساليب الضغط الممنهج، والظلم، وانتهاك حقوق الإنسان بحق أبناء الشعب الفلسطيني. ووفقا لإحصائيات جمعية نادي الأسير الفلسطيني (غير حكومية)، فإن 95 بالمئة من الأسرى يخضعون للتعذيب منذ لحظة اعتقالهم وحتى اقتيادهم للسجن.
وفي العديد من أقطار عالمنا العربي تمارس الانظمه في هذه الدول تعذيب معتقليها وارتكاب الجرائم بحق الانسانيه ، ووثقت الأمم المتحدة والعديد من منظمات حقوق الإنسان المستقلة، الكثير من جرائم الحرب التي ارتكبتها قوات الاحتلال الأمريكي في العراق وأفغانستان ، وأكدت المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية، ، أن النتائج المتاحة حول المقابر الجماعية يمكن أن تشكل دليلا على جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية ترتكبها العديد من دول العالم وفي ميانمار، يعتبر العنف ضد مسلمي أراكان، والذي تطلق عليه الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان باسم " التطهير العرقي" أو "الإبادة الجماعية" أحد الانتهاكات المنهجية الأساسية لحقوق الإنسان.
كما ذكر تقرير للأمم المتحدة ، وجود حقائق تثبت ارتكاب العديد من الأقطار العربية ارتكاب جرائم حرب مثل الاغتصاب والتعذيب والإخفاء القسري. وفي إقليم جامو وكشمير، أظهر تحالف منظمات المجتمع المدني (مستقل)، قيام القوات الهندية بانتهاك حقوق الإنسان والتعذيب بشكل منهجي، مشيرة الى تعرض 293 مدنيا و119 من جماعات المقاومة للتعذيب خلال السنوات العشر الأخيرة.
وبهذه المناسبة فإن منتدى القوميين العرب يؤكد على ما يلي:
1. ضرورة التزام كافة الجهات المكلفة بإنفاذ أحكام القانون باحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وحظر كافة أشكال التعذيب في الحالات العادية والاستثنائية.
2. ضرورة العمل دون إبطاء على إنفاذ الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، التي انضمت إليها الدول ألموقعه بدون تحفظات، ومنها اتفاقية مناهضة التعذيب، وضمان سموها على التشريعات المحلية، وإنفاذها في النظام القانوني المعمول به في أقطار عالمنا العربي ونشرها في الجريدة الرسمية.
3. ضرورة تعديل التشريعات العقابية المطبقة في النظام القانوني في كافة الاقطار العربية بما يضمن تغليظ العقوبة على مرتكبي جريمة التعذيب، بما يتناسب مع جسامة الأفعال المرتكبة، على أن يمتد نطاق التجريم ليشمل حالات الشروع والتحريض والمشاركة والتواطؤ لارتكاب أفعال التعذيب، باعتبارها جرائم. وألا تخضع لأحكام العفو العام أو الخاص أو لقوانين التقادم. كذلك أن تكفل النص على عدم التذرع بالأوامر التي تصدر عن رتبة أعلى لتبرير التعذيب، مع ضمان الإنصاف الفاعل لجميع ضحايا التعذيب، وإعادة تأهيلهم.
4. ضرورة إنشاء آلية رسمية للشكاوى وضمانة استقلاليتها وعدم التدخل في عملها، لإجراء التحقيقات الفورية في كافة الشكاوى المقدمة لها بما يحقق النزاهة والاستقلالية وإنصاف الضحايا، ووقف الجناة المشتبه باقترافهم لأعمال تعذيب وإساءة المعاملة عن أعمالهم لحين انتهاء التحقيق، وتقديمهم للمحاكمة.
5. ضرورة كفالة حصول جميع الأشخاص المحتجزين على جميع الضمانات الدستورية والقانونية في التشريعات النافذة، والضمانات المكفولة في الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي انضمت إليها الأقطار العربية بدون تحفظات، بحكم القانون والممارسة العملية، فور القبض عليهم.
6. ضرورة تعزيز البرامج التثقيفية لضمان توعية المكلفين بإنفاذ القانون وموظفي السجون ومراكز التوقيف والعاملون في الحقل الطبي، بضرورة حظر التعذيب، وتدريبهم على أساليب تقصي وتوثيق حالات التعذيب وسوء المعاملة.
7. ضرورة الالتزام بأحكام البروتوكول الإضافي لاتفاقية مناهضة التعذيب من خلال إنشاء آلية وطنية لمنع التعذيب مع ضمان استقلاليتها، والأخذ بعين الاعتبار كافة الملاحظات المقدمة من مؤسسات حقوق الإنسان الدولية بإشراف اللجان الحقوقية وملاحظات للتعذيب ذات العلاقة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت