- المحامي علي ابوحبله
الاعتداءات الاسرائيليه على سوريا وتهديد اردغان بشن حمله عسكريه تستهدف الشمال السوري كما يبدوا من مجريات الأحداث تنسيق إسرائيلي تركي والعودة لمربع اقتطاع أجزاء من الشمال السوري والجنوب السوري تحت مسمى المنطقة الامنه ، فكلا من اسرائبل وتركيا وبتنسيق مع أمريكا يربطان مجريات وسير الاحداث في سوريا بموازاة الحرب في اوكرانيا وتمهد تركيا لتحقيق اطماعها في سوريا بفرض شروطها على انضمام السويد وفنلندا الى حلف الناتوا
لعبت تركيا دوراً محورياً بارزاً في الإستراتيجية الأميركية بشأن سوريا تحديداً، منذ ما قبل بدء العدوان الاممي عليها في شهر آذار/مارس 2011. ونشرت واشنطن بطاريات باتريوت للدفاع الجوي بالقرب من الحدود المشتركة مع سوريا، وتم سحبها في أعقاب التدخل العسكري الروسي المباشر عام 2015، ما أثار حفيظة الرئيس التركي إردوغان وقدم طلباً لشراء منظومة دفاع جوي خاص بتركيا، رفضته واشنطن.
توجه إردوغان إلى التفاهم مع الرئيس الروسي من أجل شراء منظومة أس-400 الروسية للدفاع الجوي، سرعان ما غضبت واشنطن واتخذت بعض الإجراءات العقابية ضده، منها استبعاد تركيا من برنامج مقاتلات "الشبح" الأميركية، من طراز أف-35، وتعليق طلبها تحديث مقاتلاتها الحربية من طراز أف-16، وتدهور قيمة الليرة التركية أمام الدولار الأميركي، 17.57 ليرة، فضلاً عن ارتفاع معدلات التضخم إلى نحو 60%، بحسب بيانات حديثة للبنك المركزي التركي.
مصير صفقة طائرات "الشبح" أضحى بيد الكونغرس الذي يعارض بقوة انفتاح أنقرة على موسكو، ويطالب أعضاؤه تركيا بتخليها عن المنظومة الروسية "لدواعٍ أمنية"، وإلا ستبقى الإجراءات العقابية سارية المفعول. أما دعم تركيا لأوكرانيا بطائرات "الدرون" ومعدات عسكرية أخرى فلم يشفع لها بتخفيف أو إلغاء العقوبات عليها.
كما أن محاولة الانقلاب على الرئيس إردوغان في نهاية عام 2016 أسفرت عن طلب عدد من كبار الضباط المفر زين للعمل في مقر حلف "الناتو" في بروكسيل اللجوء السياسي لخشيتهم من انتقام الرئيس التركي. بيد أن التنسيق العسكري بين الطرفين في عموم الإقليم لم يشهد تصدعاً، بل دعماً وتأييداً للتدخل التركي في ليبيا وسوريا وأذربيجان. وكذلك لمحاولة توسط تركيا بين روسيا وأوكرانيا.
الشائع في الأوساط الأميركية أن الرئيس التركي بارع في "ابتزاز" الآخرين، خصوصاً دول الاتحاد الأوروبي، وهي علاقة أشبه بـ "الغرام والكراهية" المتبادلة، ويتمتع بقراءة جيو-سياسية أقرب إلى الواقعية، ما يقود إلى الاستنتاج أن مراهناته الأخيرة تدلّ على "اعتقاده بأن المستقبل هو لتعدد القطبية إذ تأخذ كل من روسيا والصين دوريهما" (شبكة مايكروسوفت "أم أس أن"، 24 أيار/مايو 2022 )
تجدر الإشارة إلى حقيقة الموقف الأميركي من "تمدد حلف الناتو"، بدءاً بأوكرانيا ومروراً بالدول الاسكندنافية، أن جوهر المسألة هو "إدارة الأزمة" وليس حلها، كما أوجز هنري كيسنجر الاستراتيجية الأميركية، ومشاغلة روسيا ثم الصين. وعليه، تلجأ واشنطن إلى إشعال توترات في ساحات متعددة لإبقاء جذوة الصراع مشتعلة.
وفي موازاة ذلك فان زيارة بايدن للمنطقه وتحديدا إلى إسرائيل والسعودية تمهد لتشكيل ناتو شرق أوسطي جديد للحفاظ على المصالح الامريكيه في الشرق الأوسط ومواجهة إيران والوجود الروسي في سوريا
أدت الحرب في سوريا إلى تقسيم الشمال السوري إلى ثلاث مناطق شبه مستقلة. ففي الشمال الشرقي وجدت تركيا نفسها منذ عام 2012 جنبًا إلى جنب مع أحد فروع عدوها، حزب العمال الكردستاني. حاولت أنقرة جاهدةً للحيلولة دون وجود كيان كردي يهيمن عليه الحزب، فتوغّلت عسكرياً في عفرين والشمال الشرقي.
مع ذلك، أخفقت حتى الآن في وضع حدٍّ للمشروع الكردي في سوريا حيث تفرض (قسد) وجودها العسكري وسيطرتها بدعم من الولايات المتحدة. ، أما منطقة الوسط في الشَّمال السوري فتخضع لتأثير تركي، وتتحكّم بمنطقة إدلب في الشّمال الغربي هيئة تحرير الشام. ترتبط هذه المناطق اجتماعيًا واقتصاديًا بمحافظات حدودية تركية خاضعة لسيطرة الدولة التركية.
يختلف الحكم المحلي في إدلب عنه في المنطقة الواقعة شمال شرقيّ البلاد، والخاضعة لسيطرة الكرد، التي تفصلها عن تركيا حدود مانعه ومكنت سياسات تركيا الحدودية أنقرة من حماية حدودها من خلال بناء جدار فاصل وإدارة المعابر الحدودية، وولّدت تدخّلاتها العسكرية ودعمها الاقتصادي نوعًا من منطقة عازلة تحمي حدودها الخاصة .
يصر إردوغان على أن تركيا ستنتقل إلى مرحلة جديدة في عملية تشكيل منطقة آمنة بعمق (30) كيلومتراً على طول حدودها الجنوبية، والقيام بعملية تطهير تل رفعت ومنبج في ظل ترويج شائعات عن إعادة تموضع للقوات الروسية ، فيما أكدت روسيا أنّ الأمر لا يدل على تغيير إستراتيجي في انتشارها بسوريا، وهو بالتأكيد ليس بداية لانسحابها من هناك، بل أشارت إلى أنها كثّفت مراقبة خط التماس بين القوات الموالية لتركيا وقوات سوريا الديمقراطية فيما تقوم وسائل إعلام تركية ببثّ أخبار الاستعدادات، التي تقول إنها اكتملت بنسبة 90٪ للقيام بالعملية في عين العرب- كوباني، لأن الاستيلاء عليها سيسمح بتوحيد المناطق، التي سيطرت عليها أنقرة في عمليتيها السابقتين في شمالي سوريا "درع الفرات" و"نبع السلام"، كذلك لا يمكن استبعاد تل رفعت، التي أصبحت المصدر الرئيس لتهديد المناطق، التي تسيطر عليها تركيا.
وترى أنقرة أن منبج، يمكن أن تكون موضوع تسوية بينها وبين موسكو على الرّغم من أهميتها للروس، ذلك أن الطريق السريع M4 يعبر هذه المدينة، التي تربط اللاذقية وحلب بالحدود الشرقية لسوريا. ويمكن أن يغضّ الغرب الطرف عن استيلاء تركيا على تل رفعت، لكن منبج تنعم بحماية أميركا على الرغم من عدم وجودها العسكري فيها، ولم يتوانَ وزير الخارجية الاميركيّ أنطوني بلينكن عن تحذير تركيا من أنّ أي هجوم عسكري على سوريا سيعرّض المنطقة للخطر.
يربط إردوغان بين ما يراه ظرفًا ملائماً بموازاة الحرب في أوكرانيا وبين موافقة تركيا بشروط على انضمام السويد إلى حلف الناتو، إضافة إلى فنلندا، التي بحسب رأيه هرعت الآن إلى الناتو بعد أن شعرت بتعرّض أمنها للخطر وهذا ما دفع تركيا لإملاء شروطها في الموافقه على انضمام السويد وفلندا مقابل دعم الناتو لتركيا في أي مواجهة قادمة في الشمال السوري
يؤكد إردوغان موضوعاً قديماً يحاول تجديده في ظل المتغيرات الدولية، وهو يتّهم الولايات المتحدة وروسيا بعدم التزام منطقة آمنة تخضع لها جرى الاتفاق عليها عام 2019 تقام على الحدودية السورية، فيما أكدت واشنطن أنها تتوقّع أن تلتزم تركيا وقف عملياتها العسكرية في المنطقة الخاضعة للسيطرة الكردية.
تركيا ترى أن العملية في سوريا يمكن أن تتيح لها اختبار رد فعل واشنطن والعواصم الأوروبية على الاستعداد للحوار بشأن مطالبها. وأكد إردوغان في مكالمته الهاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضرورة تأمين هذه المناطق، إضافة الى الدور التركي في الأزمة الأوكرانية ، وهناك تساؤلات تثيرها تركيا بحملتها الاعلاميه التضليلية عن الانسحاب الروسي وقلق إردوغان ولها علاقة بطرحه للمنطقة العازلة لكونه يرى إلى جانب بعض دول الخليج أن إيران هي الرابحة عسكرياً من أزمة أوكرانيا إذ يضطر الروس اليوم إلى سحب القوة الكبرى من سوريا بعد أن أدّوا دوراً موازناً للوجودين التركي والإيراني.
ولا يقتصر الأمر على الموقف الأميركي المتواطئ مع تركيا، ولا على إحجام بعض حلفاء دمشق عن الوقوف في وجه أطماع تركيا الآن، وعدم قدرة الدولة السورية على مواجهتها وحدها، بل يمتد إلى حجم النفوذ التركي على طيف واسع من السوريين، الذين تغويهم التجربة التركية، مقابل الأوضاع السورية المُنهكة، وتدفعهم أوهامهم بقرب سقوط دمشق، إلى تقبل سياسات أنقرة، خاصة في المناطق الشمالية، وهو ما يجعل من الصعوبة بمكان، مراجعة هؤلاء لموقفهم من جهة، بالإضافة إلى زيادة صعوبات الاستمرار بحياة طبيعية في حال عودتهم، لأسباب داخلية وخارجية، وقد وصل عدد السوريين الذين تزعم أنقرة أنها تقدم لهم الدعم، وفقاً لإدعاءات إردوغان إلى نحو 9 مليون سوري، وهو ما يعني، في حال صدقه، 40 % من السوريين.
إن الأمر الذي يعمل عليه الرئيس التركي، هو اندفاع نحو الأمام، هرباً من التهديدات الداخلية، اقتصادياً أو سياسياً، لكنه في الواقع يشكل خطراً مباشراً على سوريا، بالإضافة إلى العراق الذي يشكل أولوية له بعد نجاحه في سوريا، ذلك أن الحلم التركي يشمل احتلال شمال العراق، وصولاً إلى كركوك وخانقين، والأميركيون لا يعترضون على ذلك، طالما أنه يَصْب ضمن إستراتيجيتهم في غرب آسيا. وكذلك الاسرائيليون الذين لا يخفون دعمهم لتوجهات اردغان نحو المنطقه العازله والامن حيث يسعى الاسرائيليون لتحقيق هدفهم بالمثل في الجنوب السوري التي تترجمها الاعتداءات الاسرائيليه والضربات الصاروخيه التي تستهدف العمق السوري
بالنهاية، فإن تركيا لن تتخلى عن مشاريعها التوسعية، لتجعل من نفسها قطباً دولياً، ولو على حساب كل شعوب المنطقة ودولها ، ولا حل معها إلا بدفعها نحو سياسات من خارج أحلام الهيمنة والتوسع، والانتقال نحو صيغة للتعاون الإقليمي، وفق معادلة رابح-رابح. وكذلك الحال مع اسرائيل التي تسعى لان تكون جزء من منظومة الشرق الاوسط الامنيه والسؤال الى متى ستبقى لغة المصالح تجمع تركيا باسرائيل والاخيره تنافسها بموضوع الغاز وتصديره لأوروبا على حساب تركيا واقتصادها المتهاوي والى متى سيبقى النظام العربي منقسم على نفسه وعاجز عن حماية الامن القومي العربي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت