"رسائل من القدس وإليها" وصلت بسلاسة دون حواجز

بقلم: ديمة السمان

صورة ديمة السمان.jpg
  • ديمة جمعة السّمّان:

مجموعة من الرسائل تحمل عبق الوطن تبادلها الكاتبان جميل السلحوت وصباح بشير تم جمعها بين غلافي كتاب لقيمتها المعرفية والوطنية والأدبية والثقافية والإنسانية، حملت في طياتها مفاهيم وقيما تعمل على ترسيخها المجتمعات التي تحترم نفسها وتهتم بأجيالها القادمة.

صدرت الرسائل عن مكتبة كل شيء الحيفاوية للعام 2022، وتقع في 182 صفحة من القطع المتوسط. زيّنت الغلاف لوحة الفنان محمد نصرالله، وأخرجه شربل الياس.

رسائل كتبت بانسيابية وصلت أهدافها للقارىء بسلاسة دون حواجز.

جمعت الرسائل بين الخاص والعام، إلا أن الهدف من نشرها لم يكن شخصيا بقدر ما كان يحمل نصائح غير مباشرة، وحلولا لبعض المشاكل التي يواجهها المجتمع، كما أنها زخرت بالمعلومات القيّمة التي تم توثيقها بمهنية عالية، ترصد الواقع، تشيد بالإيجابيات من جهة، ومن جهة أخرى تنقد السلبيات مع تقديم البديل بموضوعية متناهية.

تناول الكاتبان واقع المرأة في المجتمعات الذكورية الظالمة لإنسانيتها، إذ عليها أن ترضى بالواقع دون اعتراض، وإلا تخرج عن الصف الاجتماعي الذي يحكم عليها أحكاما لا تحترم كيانها، ولا وجودها وأنوثتها، ولا حقوقها وإنسانيتها.

تناول الكاتبان الواقع الثقافي وأهمية دور المثقف في إلقاء الضّوء على العادات والتّقاليد البالية من جهل وتعصّب يعود على المجتمع بالضرر.

وتمّ ذكر عدد من المبدعين الذين كان لهم دور على المستوى السّياسي والوطني، والذين قدموا التضحيات جاهدين ليقودوا المجتمعات نحو التغيير.

تحدّث السّلحوت عن كتاباته الاجتماعية وتوظيفها لخدمة المجتمع، إذ أن الثقافة تعتبر من أهمّ مفاتيح التّغيير. وتحدّث عن كتاباته عن أحفاده، من خلال قصص موجهة للأطفال، كانت فاتحة لكتّاب آخرين حذوا حذوه.

كما أنه استرسل في الحديث عن الاحتلال الإسرائيلي وممارساته داخل القدس، ومحاولة تهويدها وأسرلة قطاعاتها المختلفة وعلى رأسها التّعليم. وتناول أيضا حجم خطورة زحف المستوطنات وابتلاع ما تبقى من أراض فلسطينية، ضاربين بعرض الحائط كل الاتفاقات والمعاهدات الدولية، دون وجود أيّ رادع.

غلاف من القدس واليها.jpg
وعلى صعيد آخر كانت الرّسائل أشبه بأدب الرّحلات، إذ اصطحبنا الكاتبان برحلات متنوّعة في معظم البلدان العربيّة والغربية التي زاراها، فتعرّفنا على ثقافات شعوبها وعاداتهم وتقاليدهم الاجتماعية، كما تعرفنا على أهم معالمها التراثية الحضارية والتاريخية والدينية والجغرافية.

وتحدثت صباح بشير عن أهمية السّفر لاكتساب الثّقافات الجديدة، إذ أثرى كثرة السّفر والتنقل بين البلدان المختلفة ذاكرتها وأثّر على تشكيل شخصيتها.

إلا أنّها ركّزت على أنّ الانسان يظلّ ناقصا دون الوطن، منتظرا عودته إليه.

كما تحدّثت عن أهمية الكتابة، إذ استذكرت قول كونفوشيوس: إنّ أضعف حبر يكتب به القلم لهو أقوى من أيّ ذاكرة إنسانيّة.

وقالت: لا صوت يعلو فوق صوت القلم حين ينام الضّجيج، إذ يفرض القلم نفسه ويساعد الكاتب على التّفريغ، فتسكنه الرّاحة والسّكينة.

وتناول الكاتبان السّقطات السّياسية، وأيضا السّقطات الإعلامية. إذ أن بعض وسائل الاعلام توصد أبوابها أمام الكفاءات، وتكتفي بتوظيف الكوادر وفقا لانتماءاتهم السياسية.

وانتقد السّلحوت بعض الفضائيّات التي تقدّم محتوى يعمل على ترسيخ الجهل والتخلف، فلا رقابة حقيقية تضبط الوضع وتراقب المحتوى.

كما ركزت بشير على أن صورة المرأة في إعلامنا لا زالت سلبية حتى هذه اللحظة.

أمّا كوفيد 19، فقد كان له حصة أيضا، إذ تم تناول تبعاته وتأثيراته السلبية الاجتماعية والتّعليمية على المجتمعات كافّة.

رسائل كتبت بحبّ تحمل قيما إنسانية، لكاتبين خبرا الحياة بتفاصيلها، فقدما كل ما شعرا أنّه قد يكون مفيدا للقارىء.

كتاب جميل، يعتبر إضافة نوعية للمكتبة العربية، تحديدا لهذا الجنس الأدبي الذي أصبح نادرا، ويواجه عزوفا من الأقلام المبدعة والشابة على حد سواء.

13-7-2022

 

   

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت