يلا نحكي: أسئلة على هامش زيارة بايدن

بقلم: جهاد حرب

الرئيس الأميركي جو بايدن، خلال زيارته كنيسة المهد في بيت لحم 7.jpg
  • جهاد حرب

(1)  لماذا تحولت زيارة بالرئيس الأمريكي إلى لفتات اقتصادية بدلاً من الأفق السياسي؟

أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن عن حزمة مساعدات مالية سواء لمستشفيات القدس أو وكالة الغوث أو دعم الاقتصاد الفلسطيني، بالإضافة إلى تفاهمات مع الجانب الإسرائيلي تتعلق بتحسين الأوضاع الفلسطينية مثل الإعلان عن إتاحة الجيل الرابع للشبكات الخلوية وتحسين حرية التنقل للأفراد والبضائع والطاقة المتجددة؛ في إطار عدم القدرة على الانتظار (إلى حين ميسرة) لتحقيق خيار حل الدولتين.  وهي خلاصة ما جاء في جعبة الرئيس بايدن لصالح الفلسطينيين.

في المقابل طالب بايدن الفلسطينيين بثلاثة قضايا سياسية؛ الأولى: الانتظار لأن يُلغي الفيتو الإسرائيلي على خيار حل الدولتين بخضوعٍ للرؤية الإسرائيلية أي بمعنى آخر رهن المسار السياسي حقوق الشعب الفلسطيني القومية بموافقة الاحتلال. والثانية: الموافقة على الانخراط أو المشاركة في أحلاف سياسية واقتصادية وأمنية أو اندماج إسرائيل في المنطقة وفقاً للرؤية الإسرائيلية؛ بقلب مبدأ المبادرة العربية للسلام بإنهاء الاحتلال الاستعماري للأراضي الفلسطينية أولاً ومن ثم السير في اندماج إسرائيل بالمنطقة العربية. والثالثة: التدخل بالشأن الداخلي الفلسطيني بإجراء إصلاحات فلسطينية داخلية لتعزيز المؤسسات والشفافية والمساءلة ومكافحة الفساد ولبناء مستقبل ديمقراطي (وإن كان هذا الأمر مطلباً شعبياً فلسطينياً).

في ظني أنَّ هذا التحول من أفق سياسي إلى مساعدة اقتصادية أو لفتات إنسانية يأتي بسبب ضعف بنيوي في الجانب الفلسطيني ناجم عن الانقسام الفلسطيني الداخلي وغياب القدرة على المبادرة والتحرك في المجال السياسي بسبب غياب المراجعة السياسية للخيارات المتاحة والبرامج السياسية والوطنية وغياب آليات تنفيذ هذه البرامج.

(2)  لماذا لم يطرح الرئيس الأمريكي أفقاً سياسياً؟

في ظني أن سقف التوقعات المنخفضة التي بدت لدى المتابعين للصراع الفلسطيني الإسرائيلي وللشأن السياسي الفلسطيني في قدرة هذه الزيارة على بث الأمل أو إحداث أفق سياسي مدركة وهي لأسباب متعددة منها أربعة مؤثرة في هذا السياق تتعلق؛ الأول يتعلق بالشأن الإسرائيلي وهو غياب حكومة إسرائيلية مستقرة؛ والحكومة الحالية تنتظر نتائج إجراء الانتخابات العامة في بداية شهر تشرين ثاني/ نوفمبر القادم لفهم طبيعة وشكل الحكومة الإسرائيلية القادمة ومدى استقرارها، والثاني يتعلق بالشأن الأمريكي الذي ستجرى فيه الانتخابات النصفية للكونغرس الأمريكي ومعرفة موازين القوى داخله؛ خاصة أن اللوبي اليهودي يلعب دوراً مؤثراً في الانتخابات الأمريكية التشريعية، والثالث يتعلق بالحالة العربية أي غياب الضغط العربي على الإدارة الأمريكية لطرح القضية الفلسطينية كأولوية بسبب الخلافات العربية العربية والفلسطينية العربية، والرابع يتعلق بالشأن الفلسطيني الداخلي، فبالإضافة إلى الانقسام فإن مسألة غياب الانتخابات العامة "ضعف الشرعية" ما زالت تقلل من قدرة الفلسطينيين على المجابهة الميدانية والسياسية والدبلوماسية والقانونية.

(3)  لماذا لم تتحول التغيرات المتنامية بمواقف الجماعات والمنظمات والشباب وأعضاء في الكونغرس الأمريكي ووسائل الإعلام الأمريكية لمناهضة لنظام التمييز العنصري والاحتلال الإسرائيلي لسياسيات من قبل الإدارة الامريكية؟

إن عدم عكس المواقف الشعبية المتنامية لدى الجماعات والمنظمات بخاصة الشبابية في الولايات المتحدة لمناهضة التمييز العنصري لإسرائيل على سياسات المؤسسة الرسمية الامريكية والاستمرار باستخدام المواقف التقليدية من قبل البيت الأبيض والكونغرس تعود لعدة أسباب منها؛

أولاً: امتلاك الحكومة الإسرائيلية (بغض النظر عن تركيبتها الحزبية) قدرة هائلة على استغلال لعبة العلاقات العامة لتقديم الرواية الإسرائيلية والمخاطر الأمنية والخطر الوجودي المحدق بها وتسويقه في المؤسسات الرسمية الأمريكية.

ثانياً: استخدام اللوبي اليهودي في سياق الضغط على الإدارة الأمريكية وأعضاء الكونجرس والحزبين "الديمقراطي والجمهوري" عبر العديد من الوسائل سواء داخل أروقة الكونغرس أو دعم الحملات الانتخابية أو دعم المشرعين المقربين من مواقف الحكومة الإسرائيلية.

ثالثاً: استمرار الهيمنة على وسائل الإعلام الرئيسية (بالرغم من الاختراق الحاصل) في الولايات المتحدة الأمريكية لعرض الرواية الإسرائيلية.

رابعاً: استمرار الجيل القديم من السياسيين الأمريكيين في إدارة السياسة الخارجية الذي يرى أن إسرائيل ملاذ آمن لليهود من الاضطهاد الذي تعرضوا له في القرن الماضي، وواحةً ديمقراطية في بحر من الدول العربية الاستبدادية، وعنصراً أساسياً للمصالح الأمريكية في المنطقة وفقاً لاستراتيجية الولايات المتحدة الامبريالية.   

خامساً: ضعف استثمار القيادة الفلسطينية للإمكانيات المتاحة لدى الجالية الفلسطينية والجاليات العربية والإسلامية ومؤسساتها في الساحة الامريكية للتأثير في أروقة القرار الأمريكي، وضعف التنسيق بين الأطراف المختلفة لتبني برامج وآليات تساعد على إحداث التأثير المرغوب. ناهيك عن غياب فهم أعمق لدور الجاليات الفلسطينية، سواء في الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية، في مناصرة القضية الفلسطينية في ظل استمرار الخلافات بين أركانها وقيادتها متأثرة في الخلافات الحاصلة على سلطة الحكم.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت