- سليمان سعد أبو ستة
- الباحث في الشأن الفلسطيني
فلسطينيو الداخل المحتل قوة الاحتياط الرئيسية في المعركة مع العدو الصهيوني، ظهر ذلك واضحا في معركة سيف القدس، ما أربك الاحتلال ودفعه لإعادة تقييم جبهات القتال التي سيحارب عليها في المواجهة القادمة.
ذلك توصيف دقيق في مختلف قضايا الصراع، لكنه يتغير بشكل جوهري عند الحديث عن قضية المسجد الأقصى المبارك.. عندئذ ينتقل موقع فلسطينيي الداخل ليكون رأس الحربة في معركة الأقصى المقدسة، فلقد كانوا حاضرين دائما في رحابه رباطا واعتكافا واشتباكا.
وهو ما دفع الاحتلال للعمل على إضعاف هذا الدور وإرباكه وتشتيته من خلال حظر الحركة الإسلامية برئاسة الشيخ رائد صلاح، وحل 32 مؤسسة خيرية في الداخل المحتل، كانت تلعب دورا كبيرا في إسناد الأقصى وحمايته والدفاع عنه.
كما سجنت رموز الحركة الإسلامية أو أبعدتهم كما فعلت مع رائد صلاح وكمال الخطيب، كذلك ألغت مصاطب العلم التي كان لفلسطينيي الداخل دور كبير في تأسيسها، ومنعت المعسكرات الصيفية التطوعية التي كانت فاعلة في رحاب الأقصى، وأبعدت كافة من تظنهم نشطاء فاعلين في الأقصى عن باحاته، وصلت مدد إبعاد بعضهم لسنوات، بل كانت قوات الاحتلال حريصة على مطاردة كل جهد مناصر للأقصى ولو كان على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي.
وهو ما يفرض على فلسطينيي الداخل إعادة النظر في أدوات معركتهم حول الأقصى واستراتيجياتهم الخاصة بها لتجاوز إجراءات الاحتلال وأدواته..
ذلك أن المسجد الأقصى في معركته الحالية بأمسّ الحاجة إلى فلسطينيي الداخل ليكونوا معه في كل جزئية من جزئيات الصراع، وعلى رأس ذلك شد الرحال إليه، والتواجد في باحاته بكثافة قادرة على إرهاب المستوطنين المقتحمين، خاصة في ساعات الصباح الأولى، مع بدء الاقتحامات الصهيونية الساعة السابعة.
كذلك لابد من الاعتكاف في الأقصى والمبيت فيه، والتبرع لصالحه، وصالح المرابطين فيه، ومن المهم كذلك كما يقول مختصون في الشأن المقدسي العمل على نقل الحياة العلمية والثقافية لأهالي الداخل صغارا وكبارا إلى رحاب الأقصى لحمايته من جانب، ونيل بركته من جانب آخر، كذلك لابد من جعله الوجهة السياحية المركزية لكل فلسطيني يسعى للترويح عن نفسه، فأعظم بقاع الأرض وأكثرها جمالا مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولابد أيضا من العمل على مواجهة الاحتلال قانونيا وإعلاميا وجماهيريا وفضح جرائمه والاحتجاج عليها في كل موقع ممكن، ليدرك أن اعتقالاته واستدعاءاته وترهيبه لن يفلح أبدا في كسر حلقات الانتماء المقدس للأقصى، وبهذه الخطوات يظل بإمكاننا أن ننقل العدو من حالة الهجوم إلى الدفاع، وهذه السياسة التي تستند إلى المبادرة الشعبية والفردية البعيدة عن التنظيم؛ وحدها القادرة على إرباك العدو، وتشتيته، والتغلب على أدواته التكنولوجية القادرة على حصار أي فعل منظم، وتقييده.
كذلك من المهم العمل على تعزيز التعاون، وتكامل العلاقات، وتبادل الأدوار ليكون فلسطينيو الداخل والقدس والضفة قبضة واحدة، في فعلها الحاضر ومخططاتها المستقبلية لحماية الأقصى، ووأد مشاريع الاحتلال المعادية له.
لابد لكل فلسطيني أن يدرك أن معركة المسجد الأقصى في أكثر مراحلها خطراً، وأن جماعات الهيكل تستنفر اليوم طاقاتها كافة لحسم تلك المعركة لصالحها، وهو ما يفرض على فلسطينيي الداخل المحتل تطوير أدواتهم وقدراتهم، ليستعيدوا دورهم المجيد الذي كان له القول الفصل في حماية الأقصى منذ عقود، وسيكون كذلك -فيما نظن- خلال ما تبقّى من عمر الاحتلال الزائل قريبا بإذن الله تعالى.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت