اصدر ائتلاف الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (عدالة) ورقة موقف حول مطالب نقابة المحامين الفلسطينيين "المشروعة" في الشأن القضائي.
وفيما يلي نص هذه الورقة كما وردت :
يتابع ائتلاف الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (عدالة) الذي يضم (70) مؤسسة أهلية واتحادات نقابية باهتمام بالغ البيانات والمواقف والفعاليات التي تقودها نقابة المحامين الفلسطينيين في الشأن القضائي وما زالت، للمطالبة بوقف نفاذ القرار بقرار المعدِّل لقانون الإجراءات الجزائية والقرار بقانون المعدِّل لقانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية والقرار بقانون المعدِّل لقانون التنفيذ وإلغاء آثارها. ويؤكد ائتلاف عدالة دعمه الكامل ووقوفة إلى جانب المطالب المشروعة والعادلة التي أعلنتها نقابة المحامين انطلاقاً من مسؤولياتها في الدفاع عن سيادة القانون واستقلال القضاء وحماية الحقوق والحريات.
يرى ائتلاف عدالة أنَّ التدهور والنزيف المستمر الحاصل في السلطة القضائية ومنظومة العدالة مردُّه ازدراء مبدأ سيادة القانون على الجميع كأساس للحكم الصالح، وتغوّل السلطة التنفيذية وأجهزتها وأعوانها في القضاء وشؤون العدالة، الأمر الذي أدى إلى تدهور خطير في الحقوق والحريات، دفع ثمنه المواطن الفلسطيني أولاً وأخيراً، في ظل غياب دور القضاء في حماية حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية. وقد لعب مجلس القضاء الأعلى الانتقالي، الذي جرى تشكيله خلافاً لأحكام القانون الأساسي المعدل (الدستور) وقانون السلطة القضائية دوراً حاسماً في انهيار الثقة بالقضاء ومنظومة العدالة بعيون المواطنين.
وعكست التشريعات التي صدرت في الشأن القضائي تحالفًا بين السلطتين التنفيذية والقضائية للإطاحة باستقلال القضاء والنيل من الحقوق والحريات العامة المكفولة للمواطنين في القانون الأساسي والاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها فلسطين.
وإذ يدعم ائتلاف عدالة موقف نقابة المحامين المُطالب بوقف نفاذ القرارات بقوانين المعدِّلة للقوانين الإجرائية وقانون التنفيذ، فإنه يرى أهمية وضرورة العمل على احترام مبدأ سمو الدستور وإعلاء المبادىء والقيم الدستورية؛ الأمر الذي يتطلب إلغاء التعديلات التي جرت على قانون السلطة القضائية بقرارات بقوانين، وإلغاء كافة القرارات بقوانين التي طالت منظومة التشريعات القضائية ونالت منها؛ كقرار بقانون دعاوى الدولة؛ وقرار بقانون المحاكم الإدارية وتعديلاته؛ والقرار بقانون المعدِّل لقانون البينات في المواد المدنية والتجارية؛ والقرار بقانون المعدِّل لقانون تشكيل المحاكم النظامية؛ علاوة على القرار بقانون الذي صدر بشأن رسوم المحاكم، كونها قد صدرت خلافاً لإرادة المشرّع الدستوري ومبدأ سيادة القانون والفصل بين السلطات واستقلال القضاء، وخلافاً للشروط الدستورية اللازمة لصحة إصدار القرارات بقوانين بموجب القانون الأساسي.
يؤكد ائتلاف عدالة على عدم دستورية ما سُمي "المجلس التنسيقي الأعلى لقطاع العدالة" المُشكل بموجب المرسوم رقم (7) لسنة 2019 الصادر بتاريخ 2019/7/31، ويرى أن تشكيل المجلس التنسيقي ينتهك بحد ذاته أحكام القانون الأساسي المعدل (الدستور) ومبدأ سيادة القانون والفصل بين السلطات واستقلال القضاء، ويخرج عن حدود الصلاحيات الدستورية للرئيس بموجب المواد (38) و (63) من القانون الأساسي. ويستغرب ائتلاف عدالة موقف أعضاء المجلس التنسيقي من ملاحظات نقيب المحامين على التشريعات الماسة بالشأن القضائي الساعي للالتفاف عليها وتجزئتها وإفراغها من مضمونها من أجل بقاء الوضع المزري القائم بشأنها على حاله.
يُشدّد ائتلاف عدالة على أن القرارات بقوانين التي صدرت بالشأن القضائي قد مسّت بشكل خطير بضمانات المحاكمة العادلة، وقرينة البراءة اللصيقة بالإنسان، وأحالت إجراءات التوقيف من إجراءات احترازية لها أصولها وفلسفتها في القانون والمعايير الدولية إلى عقوبة مُسبقة على المتهمين من خلال إمكانية تمديد التوقيف إلى مدة تصل مدة العقوبة المقررة على الجريمة، وتؤدي إلى حرمان المواطنين من حقهم في المثول أمام قاضيهم الطبيعي على وجه السرعة من خلال السماح بتمديد التوقيف دون العرض على المحكمة تحت عناوين فضفاضة تتمثل في الظروف القاهرة، وللمساس بمبدأ التقاضي على درجتين وعلانية المحاكمة الذي يقوم عليه نظامنا القضائي من خلال النظر في الطعون تدقيقاً، وتُنيط بالمتهم سلطة إحضار شهود الدفاع التي هي من مسؤولية الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون وتعتَبره عاجزاً عن تقديم البينة في حال لم يحضر الشاهد للإدلاء بشهادته أمام المحكمة، وتشترط الإذن الخطي المُسبق من النائب العام أو أحد مساعديه لإمكانية ملاحقة الموظف العام أو أفراد الضابطة القضائية بما قد يؤدي إلى التحصين من الملاحقة والعقاب، وتفرض غرامات على المحامين والمواطنين في حالات غير مبررة، وتخل بإجراءات التبليغ بما يُهدد الحقوق والضمانات القانونية، علاوة على رفع رسوم المحاكم أضعافاً مُضاعفة وعلى نحو يُشكل إخلالاً جسيماً بمبدأ مجانية التقاضي والحق في الوصول إلى العدالة وقد يؤدي إلى تهديد يطال السلم الأهلي.
وفي ضوء التطورات المتسارعة في الشأن القضائي المرتبطة بالتدهور المستمر الحاصل في مؤسسات العدالة ومنظومة الحقوق والحريات العامة؛ فإن ائتلاف الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (عدالة) يؤكد على ما يلي:
1. يُجدد التأكيد على موقفه الداعم والمساند للمطالب المشروعة التي أعلنت عنها نقابة المحامين الفلسطينيين المُطالبة بوقف نفاذ القرارات بقوانين المعدِّلة للقوانين الإجرائية وقانون التنفيذ وإلغاء آثارها؛ حتى تحقيق تلك المطالب المُعلنة بشكل كامل .
2. إلغاء كافة التعديلات التي جرت على قانون السلطة القضائية ومنظومة التشريعات القضائية من خلال القرارات بقوانين لمخالفتها أحكام القانون الأساسي (الدستور) والاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها فلسطين واستحقاقاتها والمعايير الدولية.
3. تشكيل مجلس قضاء أعلى طبقاً للقانون الأساسي (الدستور) وقانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة 2002 يتولى إعداد خطة ضمن جدول زمني محدد وبالشراكة الكاملة مع مؤسسات المجتمع المدني وكافة المعنيين من أجل توحيد وإصلاح القضاء بالضفة الغربية وقطاع غزة على قاعدة احترام الدستور والقانون، كون توحيد وإصلاح القضاء حقٌ للمجتمع وقيمة وطنية.
4. يُطالب كافة القوى والأحزاب والفعاليات الوطنية بالانخراط على نطاق واسع بالفعاليات المشروعة التي تقودها نقابة المحامين الفلسطينيين ودعمها وإسنادها حتى تحقيق أهدافها في النهوض بالشأن القضائي وحماية الحقوق والحريات العامة.
5. توحيد كافة الجهود وتكثيفها باتجاه إجراء الانتخابات العامة التشريعية والرئاسية باعتبارها الأرضية الصالحة لتوحيد وإصلاح القضاء في الضفة الغربية وقطاع غزة، كأساس في عملية إصلاح النظام السياسي الفلسطيني واحترام الإرادة الشعبية.