- المحامي علي ابوحبله
تتجه الأنظار إلى النتائج التي تحققت عن اللقاء الثلاثي في طهران بين رؤساء إيران وتركيا وروسيا، في إطار ما يسمى بصيغة أستانا للتسوية في سوريا، إضافة إلى العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، كأمن المنطقة والأمن الغذائي ومنع الحروب وقضية تصدير الحبوب الأوكرانية.
مراقبين روسى يرون أن نتائج المباحثات مع القادة الإيرانيين حول العلاقات الثنائية ستكون العلامة الفارقة في زيارة الرئيس فلاديمير بوتين إلى طهران، وسط توقعات بأن تؤدي لنقلة جديدة في التفاهمات الروسية الإيرانية ــ حسب تقرير نشره موقع "الجزيرة".
وتشير دراسات عديدة في روسيا إلى أنه بالنظر إلى العلاقات الثنائية بين البلدين على مدى العقود الثلاثة الماضية، يتضح أنه لم يتم استغلال الإمكانات والفرص المتاحة للأطراف إلى حدها الأقصى، رغم وجود هوامش واسعة في مختلف جوانب التعاون، بما في ذلك القضايا السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية وغيرها.
ويرى مراقبون روس أن القمة الروسية الإيرانية الحالية ستظهر للاعبين الإقليميين والدوليين أن موسكو لا تزال مهتمة بالشرق الأوسط وستلعب دورا نشطا في المنطقة، خلافًا لتوقعات الغرب بانسحابها من المنطقة بسبب انشغالها بالحرب في أوكرانيا.
وفي النظام الدولي، تصبح العديد من العلاقات بين الدول ذات أهمية جديدة بسبب المشكلات الناشئة، وبالتالي تمهد لتعاون تكتيكي لفترة معينة ولأهداف محددة، ومن الأمثلة على ذلك التعاون الروسي الإيراني في سوريا.
بيد أن ما يميز المرحلة الراهنة هو التبدّل الذي حصل في العلاقات الروسية مع الغرب، والتي بدأت في الآونة الأخيرة تقترب من النموذج الإيراني. فطبيعة العلاقات الغربية مع إيران منذ الثورة الإسلامية فيها وحتى اليوم، تميزت وما تزال بالعدائية والتنافر الأيديولوجي، في حين كانت العلاقات بين روسيا الغرب توصف بالتنافسية والبراغماتية. ولكن على ضوء تطورات السنوات الأخيرة، فإن مسلسل العقوبات الغربية ضد روسيا بات يظهر أكثر وأكثر وقوع موسكو -تقريبا- في نفس المقاربة الغربية للنظام السياسي في طهران.
بعد أيام على جولة الرئيس بايدن في الشرق الأوسط ومشاركته في "قمة جدة"، كانت زيارة الرئيس الروسي بوتن والرئيس التركي اردغان وقمة طهران تأتي ضمن "عملية أستانا" لإنهاء النزاع السوري، فإن مراقبين يرون فيها أبعد من ذلك.
استضافت طهران الثلاثاء (19 تموز/يوليو 2022) قمة ثلاثية ركزت على ملف النزاع في سوريا. وتأتي القمة بعد أيام من زيارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إلى الشرق الأوسط، والتي شملت إسرائيل والأراضي الفلسطينية والسعودية، ومشاركته في "قمة جدة للأمن والتنمية"، والتي ضمت بالإضافة للدولة المضيفة دول الخليج العربية ومصر والعراق والأردن.
وقمة طهران هي أول لقاء ثلاثي على مستوى الرؤساء منذ عام 2019 ضمن إطار "عملية أستانا للسلام" الرامية لإنهاء النزاع السوري المندلع منذ العام 2011. وأكد الكرملين لدى الإعلان عن القمة هذا الشهر أنها ستخصص لملف سوريا.
سوريا ليست الملف الوحيد على جدول اللقاء بين الرئيس بوتن والمرشد الإيراني علي خامنائي والرئيس رئيسي ، فقد ذكرت صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ" الألمانية ذكرت في تعليق لها يوم الثلاثاء: "لن تكون سوريا الموضوع الوحيد في القمة. وربما ليست الموضوع الأكثر أهمية بالنسبة لاثنين من الرؤساء الثلاثة. مصلحة إيران الأساسية هي موازنة المحور الجديد الذي يتشكل بين إسرائيل ودول الخليج العربية بعد زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى الشرق الأوسط. بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تهيمن حربه على أوكرانيا على السياسة الخارجية. فقط بالنسبة لأردوغان، تأتي القضية السورية في مقدمة الأولويات".
ويرى خبراء أن اردوغان سيسعى للحصول على موافقة إيران وروسيا لشن عملية عسكرية ضد مناطق تسيطر عليها "قوات سوريا الديموقراطية" التي يشكل المقاتلون الأكراد عمودها الفقري، تنطلق من الحدود التركية وتمتد إلى منطقتي منبج وتل رفعت في ريف محافظة حلب في شمال سوريا.
وأدى خطر ظهور تكتل عربي إسرائيلي تدعمه الولايات المتحدة، من شأنه أن يحول ميزان القوى في الشرق الأوسط أبعد عن إيران، إلى تسريع جهود حكامها من رجال الدين لتعزيز العلاقات الاستراتيجية مع الكرملين.
وقال مسئول إيراني كبير طلب عدم ذكر اسمه "بالنظر إلى العلاقات الجيوسياسية المتطورة بعد حرب أوكرانيا، تحاول المؤسسة تأمين دعم موسكو في مواجهة طهران مع واشنطن وحلفائها الإقليميين".
وفي رسالة واضحة إلى الغرب مفادها أن روسيا ستسعى إلى تعزيز العلاقات مع إيران المناهضة للغرب، وقبل الرحلة، قال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم بوتين إن روسيا وإيران تخضعان منذ فترة طويلة للعقوبات الغربية، مضيفا أن هذا هو ثمن السيادة. وقال مسئول إيراني كبير طلب عدم الكشف عن هويته "نحتاج إلى حليف قوي وموسكو قوة عظمى".
وقبل زيارة الرئيس الأمريكي للمنطقة، قال مسئول أميركي طلب عدم الكشف عن هويته إن "روسيا تراهن على إيران. نحن نراهن على شرق أوسط أكثر تكاملاً واستقراراً وأكثر سلاماً وازدهاراً".
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد أكد لقادة دول الخليج ودول عربية أخرى في جدة أن واشنطن "لن تتخلى" عن الشرق الأوسط، وأنها ستعتمد رؤية جديدة للمنطقة الاستراتيجية ولن تسمح بوجود فراغ تملؤه الصين أو روسيا أو إيران. وأضاف "اسمحوا لي أن أختتم بتلخيص كل هذا في جملة واحدة: الولايات المتحدة ملتزمة ببناء مستقبل إيجابي في المنطقة، بالشراكة معكم جميعاً، ولن تغادر".
وشدد على أن الولايات المتحدة "لن تتسامح مع محاولة دولة واحدة الهيمنة على دولة أخرى في المنطقة من خلال التعزيزات العسكرية أو التوغل أو التهديدات"، في إشارة خصوصاً إلى إيران التي يتهمها جيرانها بمحاولة زعزعة الاستقرار.
وقد شرعت الولايات المتحدة منذ إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما في الانسحاب تدريجياً من الشرق الأوسط لتركز أكثر على احتواء النفوذ الصيني المتنامي، الأمر الذي أثار تنافساً بين القوى الإقليمية كإيران وتركيا والسعودية للحلول محلها في الإقليم.
قمة جده بددت مخاوف الاقليم وفي بيان مشترك صادر عن قمة جدة، تعهد القادة "الحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليميين" وتعميق تعاونهم الدفاعي والاستخباري. وشددوا على الجهود الدبلوماسية لمنع إيران من تطوير سلاح نووي، داعين إلى تعزيز قدرات الردع المشتركة "ضد التهديد المتزايد" الذي يمثّله برنامج طهران للطائرات المسيّرة.
ويرى مراقبون أن بايدن ضغط فيه من أجل إرساء أسس تحالف أمني إقليمي من شأنه دمج إسرائيل بالمنطقة. ويبدو أن الرئيس الأمريكي غادر الشرق الأوسط دون الحصول على تعهد فوري من السعودية بدعم الجهود الأمريكية لإنشاء التحالف الأمني.
بعد مغادرة بايدن، أكد وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، السبت أن يد بلاده ممدودة إلى إيران، مشيراً إلى أنه "لا يوجد شيء اسمه ناتو عربي". وكشف الوزير أن قمة جدة للأمن والتنمية، لم تناقش إقامة "تحالف دفاعي" مع إسرائيل".
ان تغير موازين القوى وتعدد الاقطاب يدفع دول المنطقه للحوار لتجنب الصراع وهذا ما يزعج قادة الكيان الصهيوني في ظل حوار يجري على نار هادئه بين السعوديه وطهران بوساطه عراقيه فهل سنشهد في القريب العاجل انفراج في الصراعات ىالعربيه العربيه وماذا عن رد اردغان وتهديده باجتياح الشمال السوري وموقف موسكوا في حماية امن سوريا ضد اعتداءات الكيان الصهيوني على ضوء توتر العلاقات بين موسكوا والكيان الصهيوني نتيجة مواقف لابيد ودعمه لاوكرانيا
وفق كل التقديرات أن المنطقه مقبله على تغيرات حيث تعيش على صفيح ساخن وخاصة على الحدود الشماليه حيث يخشى من نشوب حرب بين حزب الله واسرائيل لتعيد خلط الاوراق وتغير في موازين القوى والردع ومن هنا نرى أن زيارة بوتن لايران هي ابعد من سوريا وتتجه لتشكيل تحالف يمنع التمدد الامريكي في الشرق الاوسط
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت