الشاعر...من له مصلحة بحرف البوصلة

بقلم: خالد معالي

الدكتور ناصر الدين الشاعر.jpg
  • د. خالد معالي

 عبر التاريخ، بات معلوم في كل الثورات أو الشعوب التي احتلت أراضيها، يسارع العقلاء والحكماء إلى تبريد وتجميد التناقضات الداخلية مهما كانت قوتها وحدتها، لأنه بإطلاق سراحها، وتحفيزها أو تقويتها يتم هدر طاقات خلاقة، والتراجع سنوات للخلف، وهو ما يصح ولا يقبل أخلاقيا وعقليا.

إطلاق النار على د. ناصر الدين الشاعر وإصابته في رجليه، وعدم نجاح عملية القتل – ألطاف الله-  لا تفهم غير أن التناقض الرئيس مرتاح لها، لأنه بذلك توجه الطاقات والبوصلة لغير وجهتها الصحيحة، من باب فرق تسد.

قد يقول قائل بان ما حصل هو تناقضات بين حماس وفتح، ولا يصح تعليق كل شيء على شماعة الاحتلال، وان الموضوع ضمن هذا السياق، إلا أن هذا غير دقيق، فحركة فتح حركة مناضلة قدمت قافلة من الشهداء، ومن يناضل بحق وضمير حي، تكون بوصلته المحتل دوما، وليس غير ذلك.

إذن من قام بهذا؟! قد يتساءل المرء؟ من قام بهذا الفعل لم يقرأ الخارطة الفلسطينية جيدا، وإلا كيف نفسر أن الكل أدان واستنكر، من فتح والسلطة وكل القوى الأخرى، بل إن كل الشعب بجميع أطيافه استنكر ولا يقبل بالخطأ، وهذا دليل وعي متقدم، وبات المطلوب ترجمة هذا الوعي إلى أفعال على الأرض من خلال وحدة وطنية قائمة على أسس نضالية، تمنع اللجوء لهكذا أفعال في المستقبل، كي يبقى شعبنا في دائرة الأمن والأمان من ناحية الأمن والسلم الأهلي، والتفرغ لمقارعة الاحتلال، وليس مقارعة بعضنا بعضا، واستنزاف طاقاتنا.

على مستوى الأفراد والعائلات، أو المؤسسات والقوى، وحتى الدول والحضارات العظيمة، كان يوجد دوما من لا تعجبه الحالة، لا لتطويرها، بل للتشويش ومحاولة وقف تقدم القطار، وبدل الذهاب لصناديق الاقتراع، يلجا لصناديق الرصاص كونه يعلم أن القطار فاته، أو على وشك أن يفوته.

فور ما حصل، ركز د. الشاعر على الوحدة الوطنية وهو ينزف، بذلك هو يعرف ويدرك الحالة الفلسطينية ويقرأها جيدا، بعكس من أطلقوا النار عليه، ولو أن نفسهم كان وحدويا، لما قاموا بما قاموا به، من فعل دخيل، وخارج عن قيم وأخلاق شعبنا، كون الخلافات والتناقضات الداخلية الفلسطينية الفلسطينية لا تحل إلا بالقانون والحوار وليس بصناديق الرصاص.

قد يقول قائل: ما الحل بعد الذي حصل؟! فهل يقبل أي فلسطيني أن يكون الحل هو الذهاب نحو الانتحار الذاتي، بفوضى عامه، وفقدان الأمن والأمان، وتعظيم التناقضات الداخلية، وجعل الاحتلال يتفرج ويضحك علينا ونهدر طاقاتنا مجانا؟!

مما سبق لا بد من تعزيز وتعظيم الوحدة الداخلية الشاملة، وهنا لا يصح أن يبقى الشرفاء والأحرار والحكماء من فتح وقوى الشعب الفلسطيني في دائرة الصمت، فقد حان دورها لتقول كلمتها: لا بديل عن الوحدة الوطنية، ولفظ كل ما يعطلها ويشوشها، ولنتعلم من أحزاب وقوى الاحتلال على كثرتها وتناقضاتها، لا تلجا للسلاح والعنف نهائيا، بل قانون ناظم يحكمهم جميعا، ويتفقون على شعبنا، فمن أحق بالوحدة؟! نحن أصحاب الحق؟! أم هم أصحاب الباطل وظلم واحتلال الشعب الفلسطيني؟!

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت