خبير إسرائيلي يحدد ثلاثة ملفات مهمة قد تطولها الأزمة بين موسكو وتل أبيب

لابيد - بوتين.jpg

حدد خبير إسرائيلي ثلاثة ملفات مهمة قد تطولها الأزمة بين موسكو وتل أبيب، إثر طلب وزارة العدل الروسية حظر أنشطة الوكالة اليهودية.

وتشمل الملفات المساس بأوضاع اليهود في روسيا، وحرية عمل الجيش الإسرائيلي في سوريا، وتأثير موسكو على مفاوضات الملف النووي الإيراني.

وعلى إثر ذلك، حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، الأحد، من أن "إغلاق مكاتب الوكالة اليهودية سيكون حدثا خطيرا وسيؤثر على العلاقات بين البلدين".

كما سرّب مسؤولون إسرائيليون لوسائل الإعلام أن تل أبيب تدرس عدة خطوات رد، بينها إمكانية استدعاء سفيرها من موسكو للتشاور.

وقال يوناثان فريمان، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية، في حديث لوكالة الأناضول: "إذا تم تقويض عمل الوكالة اليهودية، فإن ذلك سيؤثر على قدرة مئات آلاف الأشخاص الذين يريدون الهجرة من روسيا إلى إسرائيل".

وأضاف أن شركة الطيران الإسرائيلية الرسمية "إلعال" هي الشركة الغربية الوحيدة التي ما زالت تطير إلى روسيا بعد العقوبات التي فرضتها شركات أخرى.

كما أشار إلى تأثير آخر محتمل للأزمة الحالية، يتعلق بحرية عمل الجيش الإسرائيلي في سوريا.

وتابع في هذا الصدد: "أحد مخاوفنا هو أن الخلاف بين إسرائيل وروسيا قد يعني أنه لن تكون لدى إسرائيل القدرة الكافية للعمل في سوريا وانا لم أرَ أي رد روسي على ما قاله وزير الجيش (الإسرائيلي بيني) غانتس".

والثلاثاء الماضي، وخلال تصاعد الأزمة مع روسيا، كشف غانتس النقاب عن أن بطاريات روسية أطلقت النيران المضادة على طائرات إسرائيلية بسوريا في مايو/ أيار الفائت وذلك للمرة الأولى، حسب تعبيره.

وأردف فريمان: "قد تكون إسرائيل تلحظ بشكل أكبر أنه بات من الصعب العمل في سوريا وربما تكون روسيا قد غيرت سياستها".

وكانت إسرائيل وروسيا أعلنتا في الماضي، الاتفاق على آلية لمنع تداخل عمل الجيشين الروسي والإسرائيلي في سوريا.

وتشن إسرائيل، بشكل متكرر، غارات جوية في سوريا على أهداف تقول إنها إيرانية.

وبشأن التأثير الثالث المحتمل للأزمة مع روسيا، تخشى تل أبيب أن تغير موسكو موقفها فيما يتعلق بمفاوضات الملف النووي الإيراني، بما لا يتوافق مع المصالح الإسرائيلية.

وقال فريمان بهذا الشأن: "عندما يأتي الأمر للاتفاق مع إيران وبرنامجها النووي فإن هذا قد يجعل روسيا لا تستمع إلى المخاوف الإسرائيلية".

** جذور الأزمة
ويسود اعتقاد في إسرائيل أن الموقف الروسي "سياسي"، ويهدف إلى الانتقام من إسرائيل ردا على بعض سياساتها.

وزاد فريمان: "قد يكون أحد الأسباب التي ربما دفعت موسكو إلى موقفها الأخير، هو وجود عدة مئات من المواطنين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية، قدِموا للمشاركة في الحرب بأوكرانيا ضد روسيا".

وتابع: "هناك أسباب أخرى منها ما يتعلق باتهام الوكالة اليهودية في روسيا بجمع المعلومات عن المواطنين الروس الذين يرغبون بالهجرة إلى إسرائيل، وهو جزء من العمل الذي تقوم به في كل مكان".

واستدرك: "لكن بشكل عام أعتقد أنه ليس مصادفة أن يأتي هذا التطور بشكل أكثر حدّية بعد زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى إسرائيل (منتصف يوليو/ تموز الجاري)".

وأعرب عن اعتقاده بأن إسرائيل تقوم بعدد من التحركات علنا وفي الكواليس دعما للسياسة الغربية تجاه روسيا.

ومن هذه التحركات "زيادة الدعم المقدم إلى المؤسسات المتعددة في أوكرانيا"، بحسب فريمان.

وأضاف: "أعتقد أيضا أن إسرائيل تنضم، في الكواليس، بشكل أكبر إلى العقوبات ضد روسيا ولكن دون إعلان ذلك".

وأكمل: "أعتقد كذلك، وهذا مهم جدا، بأن جزء من موضوع روسيا مع الوكالة اليهودية هو أن جزءا كبيرا من تمويلها عبارة عن مساهمات اليهود بالعالم، والقسم الأكبر منها من الولايات المتحدة، وبالتالي يتم النظر إليها على أنها مؤسسة إسرائيلية بتمويل أمريكي".

واستطرد: "وبطريقة ما، فإن موسكو قد تحاول أن تقول إنه مثلما تضع واشنطن عقوبات أمام العمليات الروسية فإن روسيا تريد أيضا فرض عقوبات على منظمات، وبذلك فهي ليست خطوة ضد إسرائيل فقط، وإنما خطوة محتملة أيضا ضد الولايات المتحدة".

وكانت أصوات قد تعالت في تل أبيب، تطالب بمعاملة موسكو بالمثل، من خلال فرض قيود على عمل مؤسسات روسية في إسرائيل.

وقال فريمان: "إذا استمرت موسكو في إجراءاتها، فإن تل أبيب قد تضطر إلى اتخاذ إجراءات ضد مصالح روسية هنا، وقد استمعنا إلى تصريحات وزير الإسكان زئيف إلكين بوجوب اتخاذ إجراءات ضد المصالح الروسية في إسرائيل".

وحذر من تداعيات الأزمة مع روسيا، قائلا: "أعتقد أنه موضوع كبير جدا، ولذلك كانت هناك دعوات إسرائيلية علنية، بما في ذلك من الرئيس إسحاق هرتسوغ، للحذر الشديد (في التعامل مع هذه القضية)".

ورأى أن إسرائيل تحاول حلّ الأزمة، مستدركا: "بشكل عام ومع استمرار العمل، إذا طال الأمر أكثر فسيكون من الصعب على إسرائيل أن تبقى صامتة".

وبخلاف رئيسي الوزراء الإسرائيليين السابقين بنيامين نتنياهو ونفتالي بينيت، فإن رئيس حكومة تصريف الأعمال الحالي يائير لابيد، لا تربطه علاقات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إذ لم يسبق أن ألتقيا.

كما أن لابيد، مع بدء الأزمة الروسية ـ الأوكرانية تبنى موقف الغرب ووجّه انتقادات إلى موسكو رغم أن رئيس الوزراء آنذاك، نفتالي بينيت تجنّب توجيه أي انتقادات لها، بل كان آنذاك يقود جهود وساطة بين الجانبين.

وأشار فريمان في هذا الصدد إلى أن لابيد استخدم عبارات مثل "جرائم حرب (في إشارة إلى العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا) عندما كان وزيرا للخارجية وما زال يحتفظ بهذه الحقيبة، لقد تبنى موقفا انتقاديا".

وأضاف: "يجب ألا ننسى أن رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت كان جزءا من جهود الوساطة بين روسيا وأوكرانيا، فقد سافر إلى روسيا والتقى بوتين".

وتابع: "نعم قد يكون للأمر علاقة بشخصية لابيد الذي يبدو أكثر انتقادا، وربما هناك آراء في روسيا بأن إسرائيل ليست متوازنة بما يكفي عندما يتعلق الأمر بالصراع".

ولم يستبعد فريمان أن تكون إسرائيل مستمرة في جهود الوساطة بين روسيا وأوكرانيا، لكن دون إعلان ذلك.

وقال: "علينا ألا نستبعد أن العمل والانتقاد من قبل روسيا، إضافة إلى الانتقادات الأوكرانية أيضا كوننا لا نعطيهم كل شيء يطلبونه، قد يعني أن هناك محاولة للتأثير على جهود الوساطة".

وأضاف: "بكلام آخر، فإن إسرائيل قد تكون مستمرة بجهود الوساطة سرا، ولا يمكننا استبعاد أن تكون الأزمة الحالية مرتبطة بمخاوف روسية من أن إسرائيل منحازة إلى أوكرانيا أو لا تمنحها كل ما تطلبه".  

 

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - الأناضول