كشفت مصادر سياسية في تل أبيب، عن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، يائير لابيد، رفض طلباً من العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، بحمل نسخة من المصحف الشريف ممهورة بتوقيعه إلى المسجد الأقصى المبارك، في مدينة القدس الشرقية المحتلة.
وقال المصدر، وفقاً لمراسل هيئة البث الإسرائيلي الرسمية (كان 11)، أمس الخميس، إن الملك عبد الله، طلب من لابيد إدخال نسخة تاريخية من المصحف تحتفظ بها العائلة الهاشمية، إلى الأقصى، كبادرة حسن نية تؤكد فيها إسرائيل على مضمون التفاهمات الإسرائيلية - الأردنية التي نص عليها "اتفاق السلام" في وادي عربة، عام 1994، بالاعتراف بمكانة خاصة للأردن في "الأماكن المقدسة"، أو ما يعرف بالوصاية الهاشمية على الأوقاف الإسلامية والمسيحية في القدس الشرقية.
وبحسب "كان 11"، فإن طلباً مشابهاً كان قدمه الملك عبد الله إلى الرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ، في لقائهما الأخير في مارس (آذار) الماضي، لكن هرتسوغ تهرب بالقول، إن هذه مهمة السلطة التنفيذية وليس من صلاحياته. وتبين أن الملك تقدم بهذا الطلب أيضاً لرئيس الوزراء السابق، نفتالي بنيت، الذي زاره في يوليو (تموز) الماضي، لكن بنيت عارض بشدة الاقتراح الأردني، قائلاً، إن مثل هذه الخطوة ستفسر في إسرائيل بشكل سلبي يؤثر على جهود الحكومة لتحسين العلاقات بين عمان وتل أبيب.
وقد استخدم لابيد التبرير نفسه، الأربعاء، بأن قال للملك "لا جديد في هذا الشأن"، في إشارة إلى مواصلة الرفض الإسرائيلي للإجراء الذي "يسعى العاهل الأردني جاهداً إلى القيام به". وقال المصدر، إن الملك كان قد طلب من لابيد أن يوضح كيف تعمل آلية تشكيل حكومة في إسرائيل بعد الانتخابات، وطلب معرفة تصور لابيد حول نتائج الانتخابات المتوقعة وهل يمكن أن تساهم في إعادة فتح آفاق السلام مع الفلسطينيين.
فأجاب لابيد بأن المعركة الانتخابية ستكون مصيرية، وأنه يسعى لعمل كل الخطوات الصحيحة لكي يفوز بالحكم من جديد ويحدث التغيير في هذا المجال أيضاً، مؤكداً أنه مقتنع بضرورة العمل الحثيث على إعادة آفاق حل الدولتين. وأنه يعتقد بأن "خطوة كهذه (نقل المصحف) يمكن أن تستغل ضده وضد جهوده في هذا السبيل؛ ولذلك ينبغي الامتناع عنها في هذه المرحلة". وقد كشف النقاب في تل أبيب، الخميس، عن أن لابيد كان قد تلقى تقريراً من وزارة الخارجية التي يقودها هو أيضاً، يشير إلى احتمال التقدم بطلب كهذا في عمان، وأن "الملك معني بنقل المصحف إلى الأقصى بشكل عنيد، وإن معظم المسؤولين الأردنيين الذين يلتقون إسرائيليين يتقدمون بطلب كهذا".
وأكدت القيادات الأمنية الإسرائيلية، بما في ذلك جهاز المخابرات العامة (الشاباك)، أنها "لا ترى في نقل المصحف خطوة سلبية تضر بإسرائيل، وبالتالي فلا مانع لديها أن يستجيب لابيد لطلب الملك". لكن المستشارين في مكتب لابيد، المتخصصين في الشؤون الحزبية والانتخابية، نصحوه بالرفض فرضخ لإرادتهم.
وأوضحوا، له بأنهم يفضّلون عدم القيام بذلك خلال فترة الانتخابات، معتبرين أن "خطوة كهذه تبث رسائل دبلوماسية وسياسية، قد تؤثر بشكل سلبي على نتائج الانتخابات الإسرائيلية المقررة في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل".
وكان لابيد قد نشر بياناً عن لقائه بالملك عبد الله لم يتطرق فيه بتاتاً، لما جرى فيه من مداولات حول سبل فتح آفاق السلام مع الفلسطينيين، مع أن بيان الديوان الملكي في عمان، جعل من هذا الملف موضوعاً أساسياً في البيان عن اللقاء. واهتم الإسرائيليون بالقول، إن لقاء لابيد مع الملك، يعدّ خطوة أخرى متقدمة في الجهود لتحسين العلاقات بين البلدين والتي قام بنيت بتجميدها، عملياً، في أعقاب التوتر الذي انفجر في المسجد الأقصى والقدس عموماً في شهر رمضان الأخير. ففي حينه، هاجم الملك ورئيس حكومته ووزير خارجيته، السياسة الإسرائيلية بشدة. ولهذا؛ فقد شدد لابيد على أهمية صيانة العلاقات المتينة بين الدولتين، وبين القيادتين أيضاً بشكل شخصي، وتعزيز المصالح المشتركة. وأبرز مقرّب من لابيد (الخميس)، اتفاقه مع الملك على "دفع المشاريع المشتركة لزيادة كمية المياه التي تبيعها إسرائيل للأردن، وإقامة مفاعل على شاطئ البحر المتوسط لتحلية المياه خصيصاً لصالح الأردن، وتوسيع المعابر الحدودية لمضاعفة التبادل التجاري والمنتوجات الزراعية وإقامة مشاريع سياحية مشتركة في مدينتي إيلات والعقبة على البحر الأحمر".