من هو الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن) .
وُلِد محمود عباس "أبو مازن" في صَفَـد، شمال فلسطين عـام 1935، وعاش فيها إلى أن اضطر للِّجـوء مع عائلتـه إلى سوريا، بعد الهجوم على مدينة صفـد واحتلالها من قِبَل المنظمات اليهودية في نيسان إبريل من العام 1948.
في سن الثالثة عشرة عمل مدة عامين لمساعدة أسرته، والتحق بعد ذلك بالمدرسة، وأتم المرحلـة الإعدادية وعمل معلماً، وتابع دراسته من المنزل، وحصل على الثانوية العامة، فالتحق بجامعة دمشق بالانتساب، وحصل على إجازة في القانون عام 1958.
في عام 1957 عمـل في وزارة التربيـة والتعليـم القَطَرِيـة مديـراً لشـؤون الموظفيـن، زار خلالهـا الضفـة الغربيـة وقطـاع غـزة عـدة مرات لاختيـار معلميـن وموظفيـن للعمـل في قطـر، واستمـر في عملـه حتى عـام 1970 حيث تفـرغ كلياً للعمل الوطني.
ساهم في تأسيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتـح)، مع نخبةٍ من الشباب الفلسطينيين وعلى رأسهم ياسر عرفات، وكانت انطلاقة الحركة في مطلع العام 1965.
أكمل محمود عباس "أبو مازن" دراسته حتى حصـل على شهـادة الدكتـوراه من معهد الاستشراق في موسكـو عـام 1982، وكان موضوع الرسالة "العلاقات السرية بين ألمانيا النازية والحركة الصهيونية". وقام بتأليف العديد من الكتب أهمها: "الصهيونية بداية ونهاية" ، " قنطرة الشر"، "الوجه الآخر"، "سقوط حكومة نتنياهو"، "الاستقطاب العرقي والديني في إسرائيل"، "طريـق أوسلـو"، إضافة إلى العديد من الدراسات الهامة.
شغـل "أبو مازن" عدة مواقع قيادية أهمها: عضو اللجنة المركزية لحركة فتح منذ العام 1964، وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية منذ العام 1996 وحتى انتخابه رئيساً للمنظمة في العام 2004، كما انتخب "أبو مازن" رئيساً لدولة فلسطين في جلسة خاصة عقدها المجلس المركزي الفلسطيني في 24/10/2008. وكان قد ترأس دائرة العلاقات القومية والدولية في المنظمة بين عامي 1984 – 2000. كما ترأس لجنة الانتخابات الفلسطينية الأولى بين عامي 1996 – 2002.
أسس مشروع التوأمـة بين المدن الفلسطينيـة والمـدن العربيـة في العـام 1978، وترأس اللجنة الأردنية الفلسطينية المشتركة منذ العام 1979.
مثّل منظمة التحرير الفلسطينية في عدة مناسبات رسمية منها: توقيع اتفاقية إعلان المبادئ "اتفاق أوسلو" في واشنطن بتاريخ 31/9/1993، والتوقيع على الاتفاقية الانتقالية في واشنطن في 23/9/1995. ومثّل الوفد الفلسطيني في توقيع اتفاقية إعلان المبادئ "اتفاق أوسلو" في 13/9/ 1993 في واشنطن. وفي نيسان إبريل من العام 2003 تم تعيين محمود عباس أول رئيس للوزراء في لسلطة الوطنية الفلسطينية.
أبو مازن للرئاسة
في 11/11/2004، استشهد الرئيس ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، بعد حياة حافلة بالنضال والثورة من أجل فلسطين وشعب فلسطين، وعلى الفور قررت القيادة الفلسطينية العمل بما ورد في القانون الأساسي الفلسطيني الصادر بتاريخ 29/5/2002- المادة 54 والتي تنص على ما يلي:
1- يعتبر مركز رئيس السلطة الوطنية شاغرا في أي من الحالات الآتية:
أ- الوفاة
ب- الاستقالة المقدمة إلى المجلس التشريعي، إذا قُبلت بأغلبية ثلثي أعضائه.
ت- فقد الأهلية القانونية، وذلك بناء على قرار من المحكمة الدستورية العليا، وموافقة المجلس التشريعي بأغلبية ثلثي أعضائه.
2 - إذا شغر مركز رئيس السلطة الوطنية في أي من الحالات السابقة؛ يتولى رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني مهام رئاسة السلطة الوطنية مؤقتا لمدة لا تزيد عن ستين يوما تجري خلالها انتخابات حرة ومباشرة لانتخاب رئيس جديد وفقا لقانون الانتخابات الفلسطيني.
وتطبيقا لنص المادة 54 من القانون الأساسي الفلسطيني فقد أدى روحي فتوح رئيس المجلس التشريعي اليمين الدستورية؛ ليتولي رئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية، لمدة ستين يوماً، تجري خلالها انتخابات حرة لاختيار رئيس للسلطة الوطنية الفلسطينية.
وتولى روحي فتوح رئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية؛ خلال الفترة الممتدة من يوم 11/11/2004 وحتى يوم 15/1/2005، أشرف فيها على إدارة السلطة الوطنية الفلسطينية بمختلف مؤسساتها، كما أشرف على سير انتخابات الرئاسة بجميع مراحلها، وعند فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة الفلسطينية؛ قررت حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) عبر لجنتها المركزية ومجلسها الثوري؛ ترشيح محمود عباس "أبو مازن"، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية؛ ليكون مرشحاً للحركة في انتخابات الرئاسة الفلسطينية.
وتنافس "أبو مازن" مع ستة مرشحين آخرين في انتخابات حرة نزيهة نظمت يوم الأحد 9/1/2005؛ تحت إشراف العديد من المراقبين الدوليين والمحليين الذين شهدوا بنزاهة هذه الانتخابات. وطرح "أبو مازن" برنامجه الانتخابي المعروف ببرنامج العمل الوطني والذي يتضمن أربعة عشر عنواناً رئيسياً هي:
التمسّك بالثوابت الوطنية، تعزيز الوحدة الوطنية وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية،
وقف العدوان الإسرائيلي بكافة أشكاله، التمسك بخيار السلام الاستراتيجي،
تعميق العلاقات القومية والدولية، استنهاض طاقات الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال،
الدفاع عن القدس عاصمة الدولة الفلسطينية،
حرية الأسرى والمعتقلين أولوية وطنية وشرط لا غنى عنه لإنجاز السلام العادل،
بناء دولة القانون والمؤسسات والمساواة والتسامح، مواصلة مسيرة الإصلاح في مختلف المجالات،
إطلاق ورشة لإعادة الإعمار وتنشيط الاقتصاد وتعزيز دور القطاع الخاص،
إطلاق خطط تطويرية في مجالات التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية والثقافية، حماية حقوق المرأة، رعاية الأجيال الشابة.
وكانت نتيجة هذه الانتخابات حصول محمود عباس "أبو مازن" على ما نسبته 62.52% من إجمالي عدد الأصوات؛ وبذلك يكون قد فاز بالأغلبية.
وفي يوم 15/1/2005 أدى محمود عباس "أبو مازن" اليمين القانونية أمام أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني؛ ليصبح رئيساً للسلطة الوطنية الفلسطينية.
مع بداية فترته الرئاسية حرص "أبو مازن" على تعزيز الوحدة الوطنية كما جاء في برنامجه الانتخابي؛ فسعى إلى تكثيف الحوارات الوطنية؛ وهو ما تمخض عنه توقيع اتفاق شامل بين مختلف القوى والفصائل الفلسطينية في القاهرة، منتصف آذار مارس 2005. وحرصاً على تنفيذ ما تضمّنه هذا الاتفاق؛ فقد سخّر الرئيس محمود عباس كافة الإمكانيات لإنجاح الانتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية، والتي جرت في 25/1/2006، وفازت فيها حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي.
تنفيذاً للقانون؛ كلّف الرئيس حركة "حماس" تشكيل الحكومة الفلسطينية العاشرة، حيث ترأسها إسماعيل هنية، وأقسمت اليمين الدستورية أمام الرئيس "أبو مازن" في آذار مارس 2006، واستمرت هذه الحكومة أقل من سنة لم تستطع خلالها التعامل مع المجتمع الدولي؛ مما فرض حصاراً عليها وعلى الشعب الفلسطيني كان من نتائجه عدم قدرة السلطة على الوفاء باستحقاقاتها تجاه المواطنين خاصةً دفع الرواتب والمخصصات الاجتماعية والصحية. ولم يدّخر الرئيس "أبو مازن" خلال هذه الفترة جهداً لإقناع قيادة "حماس" بالتحلي بالحكمة التي يتطلبها العمل السياسي، كما لم يدّخر جهداً في التحرك لرفع الحصار وتخفيف آثاره وأعبائه عن كاهل الشعب الفلسطيني.
نتيجةً للوضع الصعب الذي وصلت إليه الأمور، وحركة الاحتجاج الشعبي ضد الحكومةّ كثَّف الرئيس مشاوراته، ودعم الحوار الوطني ما أفضى إلى توقيع اتفاق مكة في 8/2/2007 والذي نتج عنه تشكيل الحكومة الحادية عشرة، والتي عُرِفت بحكومة الوحدة الوطنية. وأدت هذه الحكومة اليمين الدستورية في 17/3/2007. لم تعمل حكومة "الوحدة" سوى أياماً معدودة؛ حتى تبعتها الأحداث الأمنية المؤسفة التي تجلّت بسيطرت "حماس" في 14/6/2007، بالقوة العسكرية على كافة مناحي الحياة في قطاع غزة، ومن ضمنها المقار الأمنية هناك.
بعد سيطرت "حماس" تصاعدت معاناة أهالي قطاع غزة جرّاء الحصار ومع ذلك أصرّ الرئيس "أبو مازن" على القيام بواجبه الوطني وعدم ترك أهالي غزة في محنتهم هذه؛ فاستمرت عملية تحويل وتسديد المستحقات المالية من رواتب ومخصصات وأثمان كهرباء ومحروقات ومعونات غذائية وطبية، لتساهم في تخفيف وطأة المعاناة التي يعيشها أهالي القطاع.
وشكّل الرئيس حكومةً جديدة برئاسة الدكتور سلام فيّاض عملت على تنفيذ البرنامج الوطني، حيث تم قطع أشواط كبيرة في مجالات عدة أهمها إعادة بسط القانون والنظام في المدن والتجمعات الفلسطينية؛ مما أعاد الأمن والأمان للمواطن بعد سنوات من غيابه، كما عملت الحكومة وبتوجيهات من الرئيس "أبو مازن" على إجراء عملية إصلاح شاملة وتعزيز الشفافية في المؤسسات الفلسطينية، إضافةً إلى الخطوات الملموسة الهادفة لتحسين الوضع الاقتصادي.
أمّا على الصعيد السياسي، فقد بذل الرئيس "أبو مازن" جهوداً مضنيةً من أجل إعادة إطلاق عملية السلام مع الجانب الإسرائيلي برعاية دولية؛ لتحصيل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، ورفض الابتزازات الإسرائيلية الهادفة لفرض الاستسلام على الشعب الفلسطيني، والتنازل عن الثوابت الوطنية.
وعمل الرئيس محمود عبّاس على حشد المواقف الدولية الداعمة للقضية الوطنية، وزار في سبيل ذلك عشرات الدول، وشارك في مختلف المحافل والمناسبات التي يمكن أن تشكّل منبراً لشرح معاناة الشعب الفلسطيني وتأكيد حقه في الحرية والاستقلال وتقرير المصير.