واقع الحق في المياه في المناطق المهمشة، وعلاقته بباقي حقوق الإنسان الأساسية، ومن هي الجهات المسؤولة عن خدمات المياه؟ وكيف نوظف الحوكمة الرشيدة في إدارة المياه كأساس لضمان الوصول العادل والمنصف لموارد المياه؟ كانت هذه أبرز المحاور التي تم مناقشتها خلال لقاءات التوعية التي نظمها مركز الإعلام المجتمعي بمشاركة 240 شخص من الجنسين في كافة محافظات قطاع غزة.
ويأتي ذلك ضمن أنشطة السنة الثالثة مشروع "نحو تعزيز وحماية حقوق الإنسان بشكل أفضل في جنوب الضفة الغربية، والقدس، وقطاع غزة – ماء وأرض"، الممول من الاتحاد الأوروبي والمنفذ من معهد الأبحاث التطبيقية – القدس – أريج، وشركاؤه مؤسسة تنمية وإعلام المرأة – تام، ومركز مصادر التنمية الشبابية – الخليل (YDRC).
ويهدف مشروع ماء وأرض إلى تعزيز دور المجتمع المدني الفلسطيني في حماية ومراقبة حقوق الإنسان، وخاصة الحق في المياه، من خلال توعية أفراد المجتمع المحلي لاسيما النساء والشباب وكبار السن والمزارعين/ات في المناطق المهمشة حول كل ما يتعلق بمشكلة المياه”.
وبدورها قالت عندليب عدوان، مديرة مركز الإعلام المجتمعي، "نسعى لتسليط الضوء بكافة الوسائل الممكنة على واقع الحق في المياه في فلسطين، وتحديداً قطاع غزة، وذلك عبر سلسلة من الأنشطة والفعاليات التي تنوعت بين لقاءات وورش توعية، وجلسات استماع تجمع المواطنين/ات والجهات المسؤولة، وتوثيق شهادات مشفوعة بالقسم، وإعداد تقارير ترصد وتوثق انتهاكات الحق في المياه في فلسطين.
حيث أنهى مركز الإعلام المجتمعي تنفيذ 10 ورش توعية بعنوان: "الحق في الوصول العادل والمنصف لموارد المياه في قطاع غزة وفق المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان"، في محافظات قطاع غزة الخمس، بمشاركة 240 شخص من كلا الجنسين، ومن مختلف الفئات تحديداً الشباب والمزارعين/ات وربات البيوت وكبار السن وذوي/ات الإعاقة.
فيما تناولت لقاءات التوعية أثر انتهاكات الحق في المياه على حاضر المجتمع ومستقبله، وتأثيرات الاحتلال الإسرائيلي على هذا الحق، كما ناقشت أوضاع المياه لدى المواطنين/ات، ومقارنتها مع محددات الحق في المياه من حيث الكمية والنوعية والكلفة، وكيفية موائمة هذه المحددات بحيث تناسب جميع فئات المجتمع.
في نفس السياق طرح المشاركون/ات بعض المشاكل التي يعانون منها، مثل تلوث مياه المواسير، والأمراض التي تسببها لهم، ما يجبرهم على تكبد أعباء توفير مياه فاترة للشرب والطبخ والاستحمام وغيرها من الاستخدامات اليومية، هذا إلى جانب تكلفة الفاتورة الأساسية التي يتم دفعها للبلدية، كذلك صعوبة وصول المياه لسكان الشقق المرتفعة في الأبراج.
وناقشت اللقاءات تأثير الفقر والأوضاع السكانية لمعظم سكان المناطق المهمشة على تفعيل دور المساءلة في تحسين جودة خدمات المياه، وكيفية التعامل مع هذين العاملين أثناء مواجهة الجهات المسؤولة. فيما أوضح ميسرون/ات الورش على أنه يوجد أربع جهات مسؤولة عن إعمال الحق في المياه، وهي وزارة الحكم المحلي ومعها البلديات، ومصلحة مياه بلديات الساحل، ووزارة الزراعة، وسلطة المياه.
وأكد الميسرون/ات على أن مفهوم الحوكمة الرشيدة يتجلى في أن المواطنين/ات هم جزء من الدولة، وإدارة المياه هي منظومة من المبادئ والسمات والخصائص والمعايير والإجراءات والسياسات والخطط التي يتم تصميمها بمشاركة المواطنين/ات والجهات ذات العلاقة على حد السواء، وأي خلل في هذه العملية ينعكس بشكل مباشر على الحق في المياه، لاسيما وأن الحوكمة الرشيدة وحقوق الانسان ترتبط بالضرورة بوجود المساءلة.
وتم عرض الخطوات القانونية لتحليل وضع المياه، إلى جانب تعزيز معرفة المشاركين/ات بآليات المساءلة والمحاسبة حول الخدمات المتعلقة بالوصول للحق في المياه، وأبرزها تقديم شكوى للجهات المسؤولة، وجلسات الاستماع، وتوقيع عرائض المطالبة، وغيرها. وفي نهاية اللقاءات نوه الميسرون/ات على أن عملية المطالبة بالحقوق تبدأ من المعرفة بالحق، ومن المسؤول عن إعماله، ثم تحليل المشكلة وتحديدها، وطرحها على الجهة المسؤولة مباشرة.
من الجدير بالذكر أنه تم تنفيذ لقاءات التوعية بالتعاون مع عدد من المؤسسات الشريكة في محافظات قطاع غزة، وهي جمعية وفاق لرعاية المرأة والطفل، وجمعية أصدقاء الطفل الفلسطيني الخيرية، وجمعية تنمية المرأة الريفية، وجمعية قطوف الخير، وجمعية بيت المستقبل، بالإضافة إلى جمعية طلائع فلسطين، وشرق غزة، والأصول الطيبة، وميلاد لتنمية القدرات الشابة، وأخيراً جمعية الأدهم للتنمية والتطوير.
ويُشار إلى أن مركز الإعلام المجتمعي عقد 10 ورش توعية حول "الحق في المياه بين الاتفاقيات والمواثيق الدولية والمحلية وانتهاكات الاحتلال"، كذلك نفذ 30 ورشة توعية حول "ترشيد استهلاك المياه، وشارك في هذه اللقاءات 850 شخص من كلا الجنسين من كافة المحافظات، كما أطلق مؤخراً تقرير بعنوان "رصد الانتهاكات الإسرائيلية في الحق في المياه والصرف الصحي وارتباطه بحقوق الإنسان في قطاع غزة".
يُذكر أن مركز الإعلام المجتمعي هو مؤسسة أهلية تعمل في قطاع غزة منذ عام 2007، تسعى لتطوير دور الإعلام في تناوله للقضايا المجتمعية، وتعزيز قيم الديمقراطية والمساواة وثقافة حقوق الإنسان، مع التركيز على قضايا المرأة والشباب وتسليط الضوء عليها بشتى الوسائل الإعلامية ضمن النهج القائم على حقوق الإنسان.