- رمضان وهدان
أثبتت الرئيس عبدالفتاح السيسي، مرة أخرى، أنه لا غنى عن الدور المصري في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وأن مصر رمانة الميزان في أي اتفاق بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
كان دور مصر في إنهاء هذه الأزمة تكرارا لدور مماثل لعبته في التوسط لوقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية بعد الهجوم الإسرائيلي المدمر على القطاع الذي خلف مئات القتلى والجرحى ودمر عشرات المباني السكنية والتجارية. ولكن بينما كانت مصر في ذلك الوقت تتنافس مع قطر على دور كبير الوسطاء، فإن البلدين عملا معا هذه المرة، وفقا لتقارير مختلفة.
ووضع دور مصر في إنهاء القتال في العام الماضي، علاقتها مع إدارة بايدن على مسار أفضل بكثير. وكان ذلك قبل أن تثبت مصر دورها الفعال في منع القتال الأخير من الخروج عن نطاق السيطرة، والتوسط في إنهائه.
إضافة إلى أن الرئيس السيسي زاد من مشاركة مصر في إعادة إعمار غزة، ويسيطر على معبر رفح للدخول إلى القطاع الساحلي، ومن خلال القيام بذلك، جعل نفسه لاعبا لا يمكن ل «حماس» تجاهله.
وحظيت الجهود المصرية بإشادة واسعة من قبل الشركاء الدوليين والإقليميين وفي مقدمتهم الرئيس الأمريكي جو بايدن، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثان.
إشادة دولية
ويوم الاثنين، وجه الرئيس الأميركي جو بايدن الشكر إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لإنجاح اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة "الجهاد" في قطاع غزة.
وقال بايدن في بيان له إن الولايات المتحدة عملت على مدار ال 72 ساعة الماضية مع المسؤولين الإقليميين لتشجيع التوصل إلى حل سريع للصراع.
وقد رحب بايدن بقرار وقف إطلاق النار بين الجانبين قائلا: "إنني أرحب بإعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل والمسلحين في غزة الليلة بعد ثلاثة أيام من العداء".
وشكر بايدن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وكبار المسؤولين المصريين الذين لعبوا دورا محوريا "في المساعدة على إنهاء هذه الأعمال العدائية".
من جانبه، أعرب يائير لابيد، رئيس الوزراء الإسرائيلي عن تقديره العميق للدور الناجح الذي لعبته مصر في الوساطة خلال الأيام القليلة الماضية بقيادة الرئيس السيسي من أجل التوصل إلى وقف سريع لإطلاق النار، وتحقيق الاستقرار واستعادة الهدوء في قطاع غزة، الأمر الذي يعزز دور مصر باعتبارها دعامة استقرار منطقة الشرق الأوسط.
وأشاد المنسق الأممي لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند، بدور مصر في التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
ودعا وينسلاند خلال كلمته في جلسة مجلس الأمن بشأن غزة، جميع الأطراف للحفاظ على الهدنة في قطاع غزة والابتعاد عن التصعيد، مشيرا إلى أن التوتر في الضفة الغربية لا يزال مرتفعًا، ووقف إطلاق النار بين الفلسطينيين والإسرائيليين ما زال هشًا.
بدورها أشادت المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة بالجهود المصرية في إرساء الهدنة ووقف إطلاق النار بقطاع غزة بين فلسطين وإسرائيل، قائلة: "نشكر مصر وكل من ساهم في التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة"، جاء ذلك خلال كلمتها بجلسة مجلس الأمن الدولي لمناقشة الحالة في الشرق الأوسط بما في ذلك قضية فلسطين.
وأعرب مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير رياض منصور عن امتنان بلاده للجهود المصرية في التوصل إلى هدنة، مؤكدا أن الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة غير مبرر.
وقال خلال كلمته في جلسة بمجلس الأمن، نعبر عن امتناننا لجهود مصر في التوصل إلى هدنة، ونشكر المسؤولين المصريين وعلى رأسهم الرئيس عبدالفتاح السيسي الذين أعادوا الهدوء إلى المنطقة.
بدورها أعربت الصين عن تقديرها لجهود الجانب المصري للتوصل إلى وقف إطلاق للنار في غزة.
وقال وانج وينبين المتحدث باسم الخارجية الصينية في تصريح وزعته سفارة الصين بالقاهرة، إن الوضع مازال هشا في الوقت الحالي مطالبا جميع الأطراف ، بخاصة الجانب الإسرائيلي ، بممارسة ضبط النفس ، واتباع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وتجنب تصعيد التوتر مرة أخرى ، والحفاظ على استقرار الوضع الفلسطيني الإسرائيلي.
من جانبها هنأت روسيا، الاثنين، مصر على نجاح جهودها الدبلوماسية في وقف إطلاق النار بشكل شامل بين إسرائيل وغزة.
وقالت السفارة الروسية لدى القاهرة في بيان "نهنئ الأصدقاء المصريين بالنجاح الدبلوماسي الجديد.. نتيجة للوساطة المصرية المكثفة والفعالة تم إحراز النجاح في وقف إراقة الدم على الأراضي الفلسطينية وإطفاء بؤرة التوتر الآخر في المنطقة المتوتر وتجنب الضحايا الجدد".
بدوره رحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس باتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة وشكر مصر لما تبذله من جهود بالتنسيق الوثيق مع الأمم المتحدة للمساعدة في استعادة الهدوء، داعيا جميع الأطراف الى التنفيذ الكامل لوقف إطلاق النار وضمان تدفق الإمدادات الإنسانية الى غزة.
كما رحّب الاتحاد الأوروبي، الإثنين، باتفاق وقف إطلاق النار المعلن بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، معربا عن أمله " أن يضع حدًا للعنف في غزة وما حولها".
وأشاد الاتحاد الأوروبي، في بيان له، بمصر للعبها دور لا غنى عنه في الوصول إلى وقف إطلاق النار، وكذلك الأمم المتحدة والولايات المتحدة وقطر لدعمهم هذه الجهود.
إشادات عربية
ورحب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بالجهود التي بذلتها مصر والتي أدت إلى وقف العدوان على المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة، مثمنا مواقف الرئيس عبد الفتاح السيسي المتواصلة في نصرة الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة
واعتبر أبو مازن أن هذه الجهود تسهم في تهدئة الأمور ورفع المعاناة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني نتيجة هذا العدوان سواء في القدس أو غزة أو في باقي الأراضي الفلسطينية.
كما تقدم رئيس الوزراء الفلسطينى محمد اشتية، الاثنين، بالشكر إلى مصر على ما بذلته من جهد من أجل حقن الدم الفلسـطينى فى غزة ووقف العدوان على الشعب الفلسطينى هناك، محييًا صمود المواطنين فى قطاع غزة.
جاء ذلك خلال انعقاد جلسة مجلس الوزراء الفلسطينى لمناقشة نتائج العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة الذى استمر ثلاثة أيام، وأسفر عن استشهاد 44 مواطنا، فضلا عن مناقشة احتياجات القطاع الصحية والخدماتية.
وأعرب أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، عن تقديره للجهود المصرية التي أفضت للتوصل إلى وقف لإطلاق النار. بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وإعادة الهدوء إلى قطاع غزة.
جاء ذلك خلال اتصال هاتفي تلقاه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من الأمير القطري.
وذكر المتحدث باسم الرئاسة المصرية أن الأمير أعرب “عن التقدير العميق للجهود المصرية الحثيثة” على الساحة العربية. بقيادة الرئيس السيسي، “لترسيخ دعائم السلم والأمن الإقليمي، وكان آخرها “نجاح الوساطة المصرية للتوصل إلى وقف سريع لإطلاق النار. بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وإعادة الهدوء إلى قطاع غزة”.
أيضا ثمن نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردنى أيمن الصفدى، الجهود المصرية التى أدت إلى دخول الهدنة فى غزة حيز التنفيذ عقب الغارات العسكرية الإسرائيلية على القطاع، محذرا من استمرار غياب الأفق السياسى بشأن القضية الفلسطينية.
بدوره أشاد رئيس البرلمان العربي عادل العسومي، بجهود مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، في التوصل إلى وقف إطلاق النار على قطاع غزة والذي أسفر عن استشهاد وإصابة العشرات من المدنيين والأطفال.
وقال العسومي، إن الاتفاق الذي تم التوصل إليه يعد خطوة في طريق حقن دماء الشعب الفلسطيني، مشدد على أهمية تضافر الجهود الدولية لاستئناف عملية السلام في الشرق الأوسط، وصولا إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها مدينة القدس وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
نجاحات كبيرة للدبلوماسية المصرية
الدور المصرى لم يقتصر على نزع فتيل الحرب فى غزة فقط، فقد حقق الرئيس عبدالفتاح السيسي، نجاحات كبيرة وعظيمة فى ملف العلاقات الخارجية ودخلت السياسة الخارجية المصرية في عهده مرحلة جديدة وتاريخية أكثر إشراقاً، واستعادت مصر مكانتها ودورها المحورى لمصلحة شعبها والمنطقة والعالم.
حيث تمكن من إعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة مرة أخرى. وأكد الرئيس السيسى أن مصر ستواصل مساعيها الدؤوبة من أجل إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
كما أكد على ضرورة اتخاذ خطوات فورية لتحسين الأوضاع المعيشية في قطاع غزة للتخفيف من تدهور الأوضاع والإسراع في تحسين العلاقات الاقتصادية مع السلطة الفلسطينية ودعم الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وشهدت العلاقات المصرية العربية دفعة قوية خاصة في بعدها الخليجى، وكان لمصر دور فاعل في إنهاء الأزمة الخليجية كما نشطت الدبلوماسية المصرية فى جهود تسوية الأزمة الليبية، وأعلنت مصر مرارا وتكرارا أنها تبذل جهودا لعدم اللجوء للحل العسكرى فى ليبيا، وتعمل مع جميع الأطراف من أجل التوصل لاتفاق ليبى ليبى واحترام الشرعية الموجودة فى ليبيا.
وفي السودان الشقيق، قدمت مصر الدعم للجار الجنوبى وشهدت الفترة الماضية تطورا مهما في العلاقات التاريخية بين البلدين، وجاءت زيارة الرئيس السيسى إلى الخرطوم فى 6 مارس 2021 لتمثل إطارًا مهامً لتطوير مختلف أوجه التعاون الثنائى مع السودان الشقيق.
كما تتسم العلاقات المصرية اللبنانية بجذورها التاريخية، وتتميز دائما بالتوافق التام تجاه القضايا السياسية المطروحة على الساحة، بالإضافة إلى أن دور مصر مرحب به من جانب الأطياف والقيادات اللبنانية تجاه معظم القضايا الراهنة بالمنطقة.
وسارعت مصر إلى تقديم المساعدات من أجل إغاثة الضحايا فى انفجار مرفأ لبنان وأقامت جسرا جويا إغاثيا بصورة عاجلة لنقل كميات ضخمة من الدواء والمستلزمات الطبية والمواد الغذائية والإغاثية، وأطقم الأطباء والجراحين المتخصصين، للمساهمة فى علاج مصابى الانفجار إلى جانب إقامة جسر بحرى لنقل مواد البناء وإعادة الإعمار. كما سعت مصر لحل أزمة الكهرباء في لبنان وتعمل مع شركائها على وصول الغاز المصرى إلى لبنان لتشغيل محطة الكهرباء.
وجاء نجاح الرئيس السيسي في غزة بعد أيام فقط من عودته من جولة دبلوماسية، بدأت من قمة جدة فى المملكة العربية السعودية واختتمت بزيارة إلى ألمانيا وصربيا وفرنسا، وهى جولة جاءت فى ظل وجود الكثير من التحديات التى تواجه المجتمع الدولى بسبب تداعيات فيروس كورونا والحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد العالمى.
كانت زيارة الرئيس السيسى إلى ألمانيا ناجحة بكل المقاييس، حيث تعد ألمانيا الشريك الاقتصادى الأول لمصر فى أوروبا. وقد شهدت العلاقات بين مصر وألمانيا تطورًا كبيرًا خلال السنوات الماضية، منذ تولى الرئيس السيسي منصبه ؛ والتى أثمرت بدورها عن توقيع عدد من الاتفاقات المهمة، وتبادل للرؤى فى القضايا التي تشهدها المنطقة والعالم أجمع.
واكتسبت زيارة الرئيس السيسى لصربيا بعداً تاريخياً هاماً فهى أول زيارة لرئيس مصرى إلى صربيا منذ 35 عاما، كما عكست الزيارة الإرادة السياسية المشتركة لكل من البلدين مصر للارتقاء بمستوى العلاقات الاقتصادية والتجارية إلى المستوى المتميز للعلاقات السياسية.
أيضا شهدت العلاقات المصرية الفرنسية طفرة متميزة خلال عهد الرئيس السيسي في إطار من الشراكة الاستراتيجية بين مصر وفرنسا، حيث يوجد تنسيق وتشاور مستمر بين الرئيس السيسي ونظيره الفرنسى تجاه القضايا الإقليمية والدولية. كما أن فرنسا تنظر إلى مصر باعتبارها حجر الزاوية فى تحقيق الأمن والسلام والاستقرار فى الشرق الأوسط وقارة أفريقيا.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت