أكد نقابيون ومسؤولون فلسطينيون أن إثارة الاحتلال الإسرائيلي لموضوع منح تصاريح عمل للمرأة الفلسطينية في قطاع غزة يهدف لتجميل صورته أمام المجتمع الدولي والإعلام الغربي وللتغطية على جرائمه بحق أبناء الشعب الفلسطيني.
جاء ذلك، خلال ورشة عمل نفذها الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين في قطاع غزة حول "دوافع الاحتلال في منح تصاريح عمل في الداخل المحتل للنساء وأثرها على المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة"، بحضور ممثلين عن نقابات العمال، ووزارة العمل، وشؤون المرأة، ومؤسسات نسوية، ونقابيين .
كما أكد المجتمعون، أن العمل في الداخل المحتل ليس منة من الاحتلال، وإنما جاء نتيجة تضحيات أبناء الشعب الفلسطيني الذين انتزعوا تلك الإجراءات، وأنه لا يوجد أي شيء حقيقي على أرض الواقع، ولا يوجد أي تواصل رسمي بين الشؤون المدنية ووزارة العمل في غزة بهذا السياق، الأمر الذي يحصر الموضوع في إطار تسريبات من وسائل إعلام الاحتلال لم تتضح أهدافها بعد.
وأوصى المجتمعون بضرورة البحث عن توفير بدائل عمل للمرأة من الداخل في إطار خدمة المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة، وتطوير دور المرأة وتمكينها اقتصاديا داخل المجتمع في قطاع غزة، ووجود سياسات واضحة لحماية المرأة خلال العمل في الداخل المحتل في حال حدوث ذلك.
وتضمنت التوصيات مطالبة المجتمع الدولي بالقيام بمسؤولياته في تحديد سياسات وقوانين واضحة لحماية المرأة في مناطق النزاعات والعدوان، والتأكيد على ضرورة حماية حق المرأة في سوق العمل الفلسطيني وفق قوانين العمل، وعقد المزيد من اللقاءات وورش العمل لمناقشة قضايا العمال.
بلبلة كبيرة
ورحب نقيب العمال سامي العمصي بالحضور، مؤكدًا، أن سبب عقد الورشة هو الخروج برؤية واضحة حول موضوع عمل المرأة بالداخل المحتل بعد إثارة الاحتلال للموضوع مما خلق حالة بلبلة وشرخا داخل القطاع بين مؤيد ومعارض.
وأكد العمصي، أن موضوع عمل المرأة حساس، كونها مكون أساسي من مكون المجتمع الفلسطيني، متسائلاً، هل هناك ضمانات تمنع الاحتلال من مساومة المرأة وهو الذي يساوم المريض على علاجه؟ وما هي الجدوى الاقتصادية والمخاطر الأمنية لعملها.
وأوضح العمصي أن الاحتلال لم يبلغ الجهات الرسمية بغزة بالموضوع، بالتالي لا يوجد تعاطي معه، مؤكدًا، أن موقف النقابات من عمل المرأة، يحدده طبيعة العمل وإن كان يصون كرامتها أم لا، كون هناك تجارب سابقة لخروج المرأة للعمل بالداخل المحتل.
واستبعد نقيب العمال وجود جدوى اقتصادية من خروج المرأة للعمل في حال صدقت نوايا الاحتلال كون الحديث يدور عن عشرات أو بضعة مئات، في المقابل ستتحمل مشقة الخروج فجرًا ومزاحمة الرجال عند حاجز/ بيت حانون إيرز، كما أن مجالات العمل المتوفرة هي في العمل الزراعي وقطاع الانشاءات وهذا ما لا تستطيع المرأة القيام به، معتبرًا ذلك دليلاً، أن إثارة الموضوع كان فقاعة إعلامية لتجميل صورته أمام المجتمع الغربي.
أخبار متضاربة
من جانبه، أكد ممثل وزارة العمل محمد طبيل، أن ملف التصاريح حساس جدًا، في ظل ارتفاع نسبة البطالة في غزة والأمر الثاني هو أن الطرف الثاني في الموضوع هو الاحتلال الذي يبث أخبارًا متضاربة، في العمل بالداخل ليس منة من الإحتلال حتى يتمكن من تحديد كل الشروط والمعايير، وهو لا يتحكم بهذه المحددات لوحده وإنما جاءت بتضحيات أبناء الشعب الفلسطيني.
وقال طبيل، إن: "الأخبار المتضاربة تهدف لخلق نوع من البلبلة وخلط الأوراق بالشارع الفلسطيني، ولكن حتى الآن لا يوجد أي شيء رسمي"، مبينا، أنه لم يصل اللجنة المشتركة التي شكلت بتوافق وطني بين وزارة العمل والشؤون المدنية أي شيء.
ودلل طبيل على عدم اهتمام المرأة بموضوع العمل بالداخل المحتل، بأنه عندما يثار أي أمر يتعلق بالتصاريح فإن العمال يذهبون لمكاتب العمل ويستفسرون عن أي خبر ينشره الاحتلال، إلا موضوع عمل النساء فلم يسجل حضور أي امرأة للاستفسار والمراجعة من قبل النساء في غزة الأمر الذي يفسر عدم رغبتهم بالعمل.
وأشار إلى أنه ورغم أعداد العمال الفلسطينيين من الضفة الغربية والذين يعملون في الداخل المحتل كبيرة، إلا أن عدد النساء بينهم محدود جدًا.
وبين أن شروط ومعايير وزارة العمل حتى اللحظة بخصوص التصاريح بأن يكون متزوجا وذكرا وعمره لا يقل عن 26 عاما، لافتا إلى أن وزارة العمل سلمت الاحتلال عن طريق الشؤون المدنية 16 ألف اسم مرشح للحصول على تصريح، منح الاحتلال منهم 3700 تصريح، الأمر الذي يسلط الضوء على موضوع الرفض الأمني الذي يتحكم فيه الاحتلال.
تمكين المرأة
من جانبها، أكدت ممثل وزارة شؤون المرأة غادة العابد، أن الوزارة تتناول الموضوع من بعدين الأول هو مدى خدمة عمل المرأة بالداخل المحتل لمجتمعها، والثاني مدى تقبل المجتمع للأمر، في وقت تسعى فيه المرأة الفلسطينية للانعتاق من الاحتلال والتحرر.
وقالت: "إننا على ثقة بالمرأة ونفخر أننا نساء فلسطينيات وأثبتت في كثير من المحطات بأنه يعتمد عليها، بأن تساند الرجل وتدعمه"، مشيرا إلى أن البيانات المنشورة من وزارة العمل حول عدم وجود أي حراك رسمي بالموضوع يؤخذ بعين الاعتبار في إصدار الموقف حول تمكين المرأة اقتصاديا.
في السياق، أكدت ممثل جمعية عائشة للمرأة، هبة الدنف، أ أنه يجب مناقشة أوضاع النساء الاقتصادية في غزة قبل الحديث عن موضوع عمل المرأة بالداخل المحتل.
واستعرضت الدنف المعطيات التي نشرها البنك الدولي والذي توقع فيها انكماش الاقتصاد بنسبة 3% بفعل العدوان، وحسب تحليل جهاز الإحصاء الفلسطيني المركزي، أظهر أن المشاريع النسوية تضررت بنسبة 90%، وتلك المشاريع محصورة بإعداد وجبات غذائية وتطريز وصالونات تجميل، وتصوير ومونتاج.
وأشارت إلى ارتفاع معدلات البطالة للمرأة بشكل غير مسبوق، رغم أن المرأة الفلسطينية تعيل أسرًا، مؤكدة أن المطلوب من وزارة العمل اتخاذ تدابير لحماية المرأة في سوق العمل.