- معن بشور
من الصعب أن تذكر اسماء ثلة من المناضلين المشهود لهم بصلابتهم، إلاّ وتذكر بينهم المناضل والقائد الفلسطيني العروبي التقدمي الكبير عبد الكريم حمد قيس (أبو عدنان) الذي رحل عنا في مثل هذه الأيام قبل ثلاثين عاماً..
ومن الصعب أن تذكر أسماء لكوكبة من القادة الفلسطينيين والعرب الذين بقوا قابضين على جمر قضيتهم، رغم كل المصاعب والعقبات، إلاّ وتذكر بينهم المناضل المتجذّر في قضيته، الرفيق أبو عدنان..
عرفت عنه قبل أن اتعرف عليه، حين كان يمضي في سجون السلطة اللبنانية وأقبية التعذيب فيها الأسابيع والأشهر والسنوات مع رفيق دربه الأخر أحمد اليماني (أبو ماهر)، وكانا يومها من القادة الأوائل في صفوف حركة القوميين قبل أن يصبحا من القادة الأوائل في صفوف الثورة الفلسطينية، أولهما كان قائداً مؤسساً في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، والثاني كان قائداً مؤسساً في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
وحين تعرّفت إلى أبي عدنان اكتشفت في شخصيته معدناً نادراً من الرجال، سواء على المستوى الوطني والقومي والأممي، أو على المستوى النضالي والأخلاقي والسلوكي الراقي، فكان كبيراً دون أن يفقد تواضعه، وكان بارزاً لكنه لم يفقد بساطته، وكان غنياً بعطائه النضالي والوطني لكنه لم يفقد شظف العيش بكرامة وهي ميّزة كل مناضل..
واليوم إذ يحيي رفاقه وأخواته الذكرى الثلاثين لرحيله في مدافن الشهداء في العاصمة اللبنانية التي لم يفارقها منذ أن جاء إلى مخيمات لبنان من الجليل الأعلى عام 1948، وأصرّ على البقاء فيها يوم خروج قوات الثورة الفلسطينية منها بعد غزو 1982، وبعد ملحمة بيروت وحصارها، فانهم يكرسون تقليد الوفاء الذي ما افتقدته حركة أو حزب أو جماعة إلا وانتكست، وما حرصت عليه إلاّ واعتزت.
الرحمة لأبي عدنان ولكل مناضل رحل ولكل شهيد ارتقى..
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت