نظمت فصائل العمل الوطني والإسلامي في قطاع غزة، يوم الإثنين، مؤتمراً وطنياً جامعاً في الذكرى الـ (53) لإحراق المسجد الأقصى المبارك، بمشاركة المئات من أبناء الشعب الفلسطيني، ومن قواه الوطنية، ومن المجتمع المدني وممثلي الفعاليات الشعبية والمجتمعية.
مزهر: سيبقى المسجد الأقصى منصة عابرة للأديان والجغرافيا ويتوحّد خلفها الجميع
وقال نائب الأمين العام للجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين جميل مزهر خلال المؤتمر الوطني، إنّ "هذا المؤتمر يأتي في ذكرى مرور 53 عاماً على جريمة إحراق المسجد الأقصى، لنؤكّد على شعار " القدس هي قلب فلسطين والعروبة النابض" ودرة التاج والعاصمة الأبدية لدولة فلسطين، والتي من أجلها نُقدم أرواحنا ودمائنا وأعز ما نملك".
وتابع مزهر في كلمة فصائل العمل الوطني والإسلامي: "في صباح يوم الخميس الموافق 21/8/1969 تعرّض المسجد الأقصى لجريمة كبرى مُخطط لها، حيث أقدم أحد الصهاينة المدعومين من العصابات الصهيونية على حرق أجزاء كبيرة من المسجد الأقصى، في إطار المخطط الصهيوني المستمر الهادف للإجهاز على كل رمز من رموز الهوية الوطنية الفلسطينية، وكل شاهد على الوجود الفلسطيني، على أرضٍ أرادها الإرهاب الصهيوني أرض بلا شعب، لشعبٍ هندسته نزعات الإرهاب ووظائف الاستعمار الاستيطاني الامبريالي، غلفتها بهلوسات تلمودية هدفت لخلق إطار ديني وفكري لعصابات جمعت من مختلف أنحاء العالم".
ولفت مزهر إلى أنّ "هذه الجريمة لم تكن سوى استمرار لمسلسل الإجرام الصهيوني الذي استهدف الهوية والوجود الفلسطيني على الدوام، كما لم تكن سوى استهداف لركن من أركان الهوية والوحدة الوطنية الفلسطينية، فهذا المكان توحّد خلفه الفلسطينيون على اختلاف معتقداتهم الدينية، فكانت معركة البوابات الحديدية شاهداً على هذه الوحدة، حينما كان يسجد المُسلم ليقف المسيحي مرتلاً مزامير الإنجيل، وهذا الاستهداف الذي حاول من خلاله العدو تحويل صراعنا من صراع وجودي لصراعٍ ديني في محاولةٍ لتزييف طبيعة وحقيقة هذا الصراع وجوهره، وعلى الدوام كان الرد الفلسطيني المزيد من الوحدة خلف معلم وركن من أركان الهوية وشاهد تاريخي على حقيقة الوجود الفلسطيني، الذي كان ولا زال وسيبقى متجذراً، فمرت الاحتلالات وظل الشعب الفلسطيني، وحوَلت الحملات الصليبية الاستعمارية الأقصى لإسطبل خيل، فلا سقط الأقصى، ولا انتفى الوجود الفلسطيني الكنعاني من أرضه".
وشدّد مزهر على أنّ "هذه الجريمة لم تكن بمعزل عن جرائم الاستعمار الصهيوني التي استهدفت مدينة القدس منذ هبة البراق ولم تنتهِ ليومنا هذا، في كل حي وبيت وشارع وقرية ومدينة ومخيم، في معركة الوجود التي يخوضها شعبنا دفاعاً عن هويته الوطنية والعروبية. والتي كانت ولا زالت القدس بمسجدها الأقصى وكنيسة القيامة هدفاً دائماً لمخططات الإرهاب الاستيطاني، وفي هذا السياق، لن نذكركم بما قاله بايدن "لست بحاجة إلى أن تكون يهوديًا كي تكون صهيونيًا"، فكم من مسيحي متصهين، وكم من مسلم مطبع أشد تصهينًا من المسيحيين واليهود، وكم من يهودي لا يعترف بحق هذا الكيان بالوجود".
ورأى مزهر أنّ "الأقصى والقدس كانت على الدوام منصةً وقضيةً وثابتاً وبقعةً يتكثف بها الصراع في طبيعته الوجودية، يتوحد خلفها الفلسطينيون على اختلاف أديانهم ومشاربهم الفكرية والدينية، يعتبرها الفلسطيني جزءاً لا يتجزأ من هويته الوطنية، ومعلماً وجودياً وشاهداً تاريخياً على ملكية الأرض والتاريخ لأصحاب هذه الأرض، وروادها منذ كنعان وليس انتهاءً بالجعبري ومنصور والنابلسي، وفرسانها وحماتها أسرانا البواسل وفي المقدمة منهم يعليها الأسرى المضربين عن الطعام".
كما أكَّد على أنّ "مدينة القدس بأقصاها وقيامتها شاهد وجودي ومكون رئيسي للهوية الوطنية، والذي لا يقبل الاقتلاع ولا التهويد، وستبقى جذوة الكفاح مستمرة حتى التحرير والعودة، وكنس آخر مستوطن إرهابي عن أرضنا، وسيبقى الأقصى معلماً فلسطينياً وعروبياً وعنواناً للوحدة، ومنصةً عابرةً للأديان والجغرافيا، يتوحد الجميع خلفها".
ولفت إلى أنّ "تسريب الأراضي أحد أهم أدوات الاستيطان والتهويد التي بات يستخدمها عدونا للنيل من وجودنا وهوية القدس العربية، وهو ما يتطلب إجراءات شعبية وقانونية ووطنية بحق كل من تثبت إدانته أو تورطه في عمليات تسريب الأراضي، باعتباره خيانةً عظمى للدم والوجود الفلسطيني"، مُشددًا على أنّ "المخاطر التي يتعرض لها شعبنا الفلسطيني، والتي تتكثف في الاعتداءات اليومية الممنهجة على المسجد الأقصى تتطلب منّا أن نكون على قدرٍ من المسؤولية، نغادر خلافاتنا، ننهي انقسامنا، نتوحّد ونوحّد شعبنا خلف قضاياه الوطنية الكبرى، وآن الأوان لحوار وطنيٍ جاد ومسؤول، لوضع برنامج وطني شامل يحمي أهلنا ووجودنا في القدس، ويتخذ كافة الإجراءات الكفيلة بالدفاع عنهم، وتعزيز صمودهم".
مزهر: آن الأوان لحوار وطنيٍ جاد ومسؤول لوضع برنامج وطني شامل يحمي أهلنا ووجودنا في القدس
وجدّد مزهر التأكيد، على أنّ "القدس التي وحدتنا خلف المقاومة، وتُشّكل الظهير لها، تتطلب منّا أن نُطوّر قدرات المقاومة وادواتها النضالية، ما يستوجب العمل على تطوير الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة وصولاً لتشكيل جبهة مقاومة موحدة تُدير تكتيكات المقاومة والقتال، باعتبارها الجسم المقاوم المُعبّر عن وحدة المقاومة في الميدان. كما أن تعزيز وحدة الحاضنة الشعبية والتصدي لمحاولات العدو والخصوم لاستنبات الصراعات والخلافات داخلها يعزز من صمود أهلنا في القدس، ويشد من عزائمهم".
كما أردف بالقول: "في ذكرى جريمة حرق المسجد الأقصى، نذكّر العالم بالمحارق التي ارتُكبت بحق شعبنا منذ وعد بلفور المشؤوم، مروراً بالنكبة ودير ياسين وصبرا وشاتيلا والمئات من المجازر والمحارق"، داعيًا "المجتمع الدولي للكف عن الكيل بمكيالين والتعامل بازدواجية المعايير فشعبنا وقواه ستبقى تدافع عن الرواية الوطنية والتاريخية وعن الظلم التاريخي الذي لحق بشعبنا، فالاحتلال إلى زوال، وهذه حتمية تاريخية".
وأكَّد مزهر في ختام كلمته على "مواصلة النضال دفاعاً عن القدس والمقدسات، وعن الحقوق والثوابت الوطنية حتى تحقيق أهداف شعبنا في التحرير والعودة، وإقامة دولة فلسطين من نهرها إلى بحرها وعاصمتها القدس".
هذا وأكد عضو قيادة إقليم قطاع غزة في حركة حماس زكريا أبو معمر في كلمة له خلال المؤتمر مساندة حركة حماس والفصائل الوطنية كافة لمطلب ذوي شهداء عام 2014، وطالب السلطة والمنظمة باعتمادهم، مبينا أن هذا حقهم مثل جميع شهداء شعبنا، وليس منّة من أحد.
وفي كلمة أسر الشهداء، ثمّن القيادي في حركة الجهاد الإسلامي أحمد المدلل دعم وإسناد شعبنا وقواه لذوي الشهداء الأكرم منا جميعاً، مؤكدا أن هذه ضريبة الجهاد والمقاومة ندفعها بنفوس راضية.
من جهته أكد رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد في القدس المحتلة د. ناصر الهدمي على صمود وثبات أهل القدس في مدينتهم، وعدم خضوعهم للاحتلال وإجراءاته العنصرية.