- المتوكل طه
***
أتذكّرُ كَحلاءَ العينينِ،
السمراءَ،
المملؤةَ،
ملساءَ القدمينِ ودَرْماءَ الكعبينِ،
وحالِكةَ الشَعْرِ الأكْرتِ،
عبلاءَ الأردافِ،
الباسمةَ طوالَ الوقتِ،
ومَنْ تُلقي أظْرفَ ما تحفظُ من نُكَتٍ للنِسْوَةِ..
تلك المرأةُ ؛ كانت تأمرُ كلَّ عَروسٍ أنْ تأكلَ فاكهةً
وخضاراً ، قبل العُرْسِ بأسبوعينِ ...
وأنْ تشطفَ فَمَها بالمِلْحِ الخَشِنِ،
لِتَلْمعَ مِرآةُ الأسنان...
وتمضغَ، ليلةَ دُخْلَتِها ، الزعترَ والحَبقَ الرّيانَ ...
وأن تضعَ قُرُنْفُلَها الفوّاحَ على التلَّيْنِ ،
وتحتَ الإبْطَيْنِ، وفوق النَّهرِ المُخْضلِّ
لتعبرَ مثلَ البستانِ العابقِ ، فوقَ
سريرِ الأَخْذِ...
وَتُقْبِلَ مثلَ الموجةِ في بحرِ الرُّبانِ ...
وأنْ تَتَفتَّحَ مثلَ الزهرةِ ، بين أصابعهِ العشرينَ،
إلى أنْ يتقاطرَ منها اللَبنُ السَائِغُ ،
وَيُغَرِّدَ عصفورُ الأحضان.
وما فتئتْ في ليلِ الأفراحِ ؛
تُزَجِّجُ،
تجلو،
وتُطَيّبُ قمصانَ السوسَنَةِ،
تُعلّمها الرّقصَ،
وتدْلُقُ في أُذنيها جَمْرَ الوَعْدِ،
وكيف سيأخذُها القنّاصُ إلى الرَّعدِ،
وكيف ستخلعُ عنها أثوابَ البَرْدِ،
وتلبسُ ألسِنَةَ الصَّهْدِ..
وتبقى معها في غرفتِها بضعَ ليالٍ،
لتكونَ الأحلى في الأقمارْ..
ومنذ ليالٍ.. رحلتْ تلك المرأةُ ،
فبكتْ كلُ بناتِ البلدةِ،
وتَحَسَّسْنَ الصبّارَ الموعودَ ..
فَمَنْ ينزعُ أشواكَ الوردةِ؟
مَنْ يسكبُ ناراً في الرّئةِ الظمآنةِ؟
مَنْ سيعلّمُ تلكَ الفَرسَ تعاليمَ المِزمار؟
ومَنْ سيَفُضُّ الخَفَرَ عن الجسدِ الرّنان؟
وقد رحلتْ سيّدةُ الحَبَقِ المرشوشِ
على الأنهارْ؟
سلاماً يا أفراحَ الحُزْنِ،
سلاماً يا باعثةَ الحُسْنِ،
سلاماً يا أُمَّ الرّيحان
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت