د. طلال الشريف
لست أنا من أزال موانع التدخل في شؤون الأحزاب بل هم جميعا أي الاحزاب وخاصة فتح وحماس من أزال كل الحواحز عن خصوصياتهم بالتدخل في خصوصيات غيرهم من الأحزاب الآخرى.
رغم أنها كانت قواعد قديمة توافق عليها الجميع بعدم التدخل في شؤون غيرهم من الاحزاب على الملأ ولم تكن الأحزاب تتدخل في شؤون الأحزاب الأخرى الداخلية علانية لكن يبدو أن مواقع التواصل الاجتماعي فرضت ثقافتها وغيرت الكثير.
لو استنظفنا من بعض الثقافة الجديدة التي تشكلت البعيدة عن الجنوح في السب والشتم والتخوين والتكفير والتعهير والتجريح فإن
الساحة الفلسطينية أصبحت مفتوحة على النقد الواسع كما تصرف الجميع أو كما أرادها الجميع أو بالأحرى كما وصلت تلك الخصوصيات لتصبح عموميات، أى نحن في عصر فلسطيني جديد من التدخل فيما كان قانون غير مكتوب لزمن طويل بين الاحزاب الفلسطينية بأن أهل الحزب أدرى بقياداتهم من الآخرين وبات الباب مفتوحا على الغارب للجميع لنقد أو تأييد أو تفضيل شخصية داخل أي حزب على الاخرى وفي العلن وأنا أرى أن هذا تطور مهم ولازم في حالتنا الفلسطينية بعد انسداد آفاق تحقيق التحرر والإستقلال وحالة الأحزاب المرتبكة والفاشلة في ادارة السياسة الداخلية والخارجية والعلاقات البينية رغم وصفي لها بالولدنة السياسية التي جعلت الخاص عام ولا عزاء للأحزاب وعمليات التثقيف والتعبئة غير الحكيمة لعناصرها، وسواء كانت تلك الظاهرة نوعا من التطور أو نوعا من التدهور فهي أصبحت قاعدة تمارسها كل الأحزاب وحتى المستقلين والمواكن العادي غير اامحزب إن كان مازال لدينا مستقلين وغير محزبين.
إذا وبناءا على الثقافة الجديدة يجوز للجميع من الآن فصاعدا، أي لكل مواطن الحق ومن بعد توضيح ذلك في المقدمة أن يقول رأيه في دواخل أي حزب سياسي فلسطيني وتقييم شخصياته كما يرى ذلك المواطن في بحثه عن أفضل ما يمكن تقديمه لحالتنا الفلسطينية بعد أن كان التقييم للقيادات داخل أحزابها على قاعدة انتخابات داخلية ومؤتمرات تنتج ما يراه أعضائها أفضل.
الجميع يتحدث في شؤون فتح وشخصياتها وصراعاتها لأنها تحكم ولأنها تقود ومن حق الجميع أن يتحدث عن شؤون حماس وشخصياتها لأنها أيضا تحكم وتقود وهذا ينطبق على كل الاحزاب حتى غير الحاكمة مادامت كلها تتصدر وتمارس العمل العام.
الآن نتحدث بتفصيل أكثر وأنا أصف الظاهرة وأن من حقي كمواطن فلسطيني أن أقول رأيي وتوجهي نحو أي شخصية فلسطينية تعمل في العمل العام سواء كانت حزبية أو مستقلة.
مثلا الجميع يتحدث عن مؤتمر فتح وعن تصعيد حسين الشيخ كهدف للمؤتمر الثامن لفتح والبعض يفضل شخصيات أخرى وهذا حق أي مواطن أن يقول رأيه ويحذر من خطورة ما بحسين الشيخ كما يقال مثلا من عيوب سياسية بالدرجة الأولى وسلوكية وفساد أخلاقي وإداري انتهازي بالدرجات التالية.. ومن حق المواطن أن يفاضل بينه وبين شخصيات فتحاوية كمروان البرغوثي الأسير والمحكوم بالمؤبدات رغم انه كان الأسرع في التطبيع الذي تراجع عنه واستدار للعمل المسلح وهذه نقطة مهمة قد تعتبر سلبية أن ينتقل القائد من قناعة لقناعة أخرى ثلاثمائة وستون درجة ، وكذلك مقارنة حسين الشيخ ومثلا جبريل الرجوب وأدواره السيئة في عدم الحفاظ على الاسرى والسجون والمطلوبين في فترات سابقة والتفرقة المناطقية والتمييز التي مارسها في عمله الرياضي بين غزة والضفة الغربية ومقارنة أخرى مع قيادات أخرى مثل محمد دحلان الذي فصل بمؤامرة عباسية وتواطؤ زملائه في اللجنة المركزية وعيوب ادارته السابقة أبان انقلاب حماس وما وجه له من تهم لم يدن في أي منها من القضاء والتي عوضها باستردار علاقاته بالجمهور الفلسطيني ومساعدة أهل قطاع غزة بكل السبل وفي الضفة الغربية ومخيمات لبنان والطلبة في كل المجالات دون تمييز ونجاح دحلان في عقد تفاهمات مع حماس وخاصة ملف المصالحة المجتمعية وتنفيذ مشاريع صحية ودعم بناء المستشفيات في غزة وتقديم الخدمات والاجهزة الطبية وتوفير التطعيمات وقت ندرتها ولزومها وتقديم خدمات اغاثية عدة دون تمييز بين المواطنين كما فعل الرجوب مثلا من تمييز جغرافي في الرياضة، ومقارنة بين أي من هؤلاء وبين شخصيات أخرى مطروحة مثل العالول وتوفيق الطيراوي وناصر القدوة والنظر من المواطن الفلسطيني لعيوب وحسنات كل قائد متقدم للتنافس على قيادة الشعب الفلسطيني في فتح وفي غيرها ومن حق الجميع تناول أي شخصية عامة دون تجريح أو تلفيق أي نحو النقد البناء وحرية المواطن فيمن يعجبه ومن لا يعجبه ..
ومقابل ذلك من حق الجميع أن يحذر مثلا من خطورة سياسات وادارة خالد مشعل والمطالبة بعدم عودته لقيادة حماس لأنه مثلا قاد حماس حين كان مسؤولا عن الانقلاب وما آلت إليه الحالة الفلسطينية بمجمل خساراتها وضعفها وسياسة الانقسام المسؤول هو عنها ويفضل عليه مثلا اسماعيل هنية الذي استعاد شعبية حماس التي وصلت للحضيض بعد الانقلاب ومن حق الجميع أو من يرى أن السنوار حقق لحماس انجازات في العلاقة مع مصر وابقاء المعبر مفتوحا وتواصله مع أطراف فتحاوية مثلى التيار الاصلاحي سهلت عملية المصالحة المجتمعية وذلك بالاتفاق على تفاهمات مع تيار الاصلاح دحلان جلبت حلولا ولو غير مكتملة تماما في ملف المصالحة المجتمعية ومنع الثأر والدم بين كثير من العائلات في قطاع غزة وتقديري ان هنية والسنوار حققا أكثر من نصف شعبية حماس بعد الانقلاب الذي قاده مشعل وأضاع شعبية حماس ، و كما في حالة هنية الذي ظل مواظبا على علاقته مع الجمهور وكان يجوب الشوارع سيرا على الاقدام ليل نهار ويسلم على الناس ويزور بيوتهم ويشاطرهم الاحزان والافراح ويأكل من طعامهم في الوقت الذي كان مشعل يتخمل الحياة المخملية في قطر وهلم جرا..
هذه الظاهرة وهي النقد وتقييم الشخصيات من قبل العامة تتعمق في المحتمع وتحل محل تقييم تلك الشخصيات فقط داخل أحزابها بانتخاباتها الداخلية وتضاف لنقد أي حزب وسياساته كما كان سابقا وعليه يحق للجميع توجيه النقد كما نرى ولا مانع من نقد الجميع مشعل وحسين الشيخ وغيرهم من قيادات الأحزاب ومن يقررون مصير شعب.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت