كشف تقرير لموقع صحيفة "القدس" الفلسطينية تفاصيل جديدة حول قرار حركة حماس استئناف العلاقات مع الجمهورية العربية السورية.
وجاء في تقرير موقع "القدس" دوت كوم - :"لم يكن بيان حركة حماس الذي نشر منذ أيام، ووصف بأنه "غير عادي"، سوى حلقة أولى فعلية نحو اتجاه الخطوات المعلنة عن عودة العلاقات بين الحركة والنظام السوري الذي اشترط هو الآخر أن يكون هناك اعتذارًا واضحًا وصريحًا من الحركة عن فترة القطيعة التي بدأت عام 2012 مع تصاعد الاحتجاجات الشعبية في البلاد ضد نظام بشار الأسد."
وأصاف التقرير : قبيل ما عرف باسم "الربيع العربي" ومع استقرار حماس بقوة في سوريا لسنوات، كانت العلاقة قوية ما بين الحركة والنظام السوري، حتى اندلعت ما عرف باسم "الثورة الشعبية" في آذار 2011، وبعد عام من تمدد هذه "الثورة" في مناطق مختلفة من سوريا وسقوط مزيد من الضحايا المدنيين آنذاك، أجرت الحركة التي تعد جزءًا من الإخوان المسلمين، الكثير من النقاشات الداخلية برئاسة خالد مشعل ونائبه حينها موسى أبو مرزوق وهم من كانوا أصحاب الثقل في الرأي داخل الحركة إلى جانب آخرين، وقرر المكتب السياسي بدعم مجلس الشورى في شباط 2012 مغادرة دمشق إلى قطر بعد اتصالات مع الأخيرة التي وافقت على احتضان قيادة الحركة على أن لا يكون للحركة أي نشاطات عسكرية وأن تكون سياسية فقط وضمن محددات واضحة."
تابع التقرير "وكانت تلك اللحظة الفارقة في تاريخ العلاقات مع النظام السوري، لها تأثيرات على الحركة التي كانت تستخدم دمشق كمحطة مهمة في عملها السياسي والعسكري، فكانت تمتلك أماكن خاصة بها لتطوير قدراتها العسكرية واحتضان عناصر كتائب القسام من قطاع غزة الذين كانوا يصلون سوريا للحصول على دورات تدريبية وغيرها، فصنعت جيلًا كبيرًا يملك من العلم العسكري الكثير، وكان غالبية ذلك بدعم وحضور إيراني سواء بالمال أو الخبرات وغيرها، حتى خسرت كل هذه المميزات مع مرور الوقت، إلا أنها كسبتها في غزة التي باتت تتمتع بقوة عسكرية وبوجود مهندسين يشرفون على تطوير القدرات العسكرية لحماس."
وجاء فيه أيضا : وعلى خلفية ذلك، مرت حماس بخلافات مع إيران التي كانت تأمل من الحركة أن تقف إلى جانب النظام وتقاتل معه، لكنها فضلت عدم التدخل والوقوف موقف الحياد وحتى محاولة الوساطة التي فشلت فيها، فخرجت على مضض، وهي تأمل أن تعود قريبًا، لكن الغياب طال، وتعقد المشهد مع مرور السنوات من خلافات بشأن سوريا، ثم اليمن، حتى ظهر في إحدى المرات موسى أبو مرزوق القيادي في الحركة يشتكي عبر تسجيل صوتي مسرب من توقف دعم إيران وعدم إرسال أي أسلحة وغيرها."
وحسب التقرير، ظهر مؤخرًا خالد مشعل وهو رئيس المكتب السياسي في إقليم الخارج حاليًا، وتحدث في مقابلة متلفزة مع قناة الجزيرة القطرية عن أسباب خروج حماس من سوريا، وتحدث عن سببين الأول أن الوضع الأمني في دمشق لم يكن مريحًا لمواصلة قيادة الحركة كما كان سابقًا، والثاني شعور النظام السوري بالاستياء من موقف حركته وعدم الرضا لأنها وقفت بين القيادة والشعب ولا تريد أن تقف مع جهة ضد أخرى، مؤكدًا أن ذلك أثر على العلاقة مع إيران ومرت في فتور وتراجع ولكنها لم تنقطع."
ووفقا للتقرير، هذا ما قاله مشعل علنًا، لكن سرًا فهناك الكثير من الأسباب الأخرى التي دفعت حماس للخروج، وحتى أن بعض قادتها كانوا تحت مقصلة التهديد من النظام بعد مشاركة عناصر من حماس، بل بعض القيادات الميدانية الذين كانوا يقودون العمل العسكري للتنظيم في سوريا، في الاشتباكات المسلحة خاصة في منطقة مخيم اليرموك وغيره إلى جانب "الثوار"، وقتل بعضهم، ولا زال البعض الآخر معتقل حتى الآن ولا يعرف مصيره، وكان منهم أبو أحمد المشير أحد مرافقي مشعل الذي لم يعرف مصيره إن كان حيًا أو ميتًا، فيما لا زال مأمون الجالودي الذي كان أيضًا مرافقًا لمشعل معتقلًا في السجون السورية، وغيرهم.
بعد سنوات، ومع تغيير المكتب السياسي وقيادته في دورتين مختلفتين، الأولى عام 2017 بتولي إسماعيل هنية رئاسة الحركة، سعى الأخير إلى ترتيبات داخلية جديدة في حماس ومحاولة الانفتاح في العلاقة مع مختلف الأطراف، وأكمل الدورة الأولى بتحقيق تقدم في العلاقات مع بعض تلك الأطراف، ولكن مع بدء الدورة الثانية وخاصة بعد ما وقع من عدوان وحروب إسرائيلية خاصة في مايو/ أيار 2021، وما سبقه، ودخول الحركة في بعض الظروف المتعلقة أحيانًا بتشديد الحصار وتراجع الدعم المالي وغيره من ظروف سياسية أخرى، وكذلك الأزمة مع المملكة العربية السعودية، وفي بعض الأحيان مع مصر رغم تحسنها في معظم الفترات، عملت قيادة حماس مع بداية دورتها الانتخابية الجديدة في أغسطس/ آب 2021، على الاستمرار في خطة الانفتاح على جميع الأطراف وتعزيز العلاقات مع إيران بشكل أكبر، ولعل مشاركة هنية في جنازة قاسم سليماني في يناير/ كانون الثاني 2020، مهدت الطريق لذلك، ومن ثم زياراته المتكررة إلى لبنان، ولقاء حسن نصرالله أمين عام حزب الله، وتوطيد العلاقات. كما ورد في التقرير
ونقل "القدس" دوت كوم، عن بعض بعض المصادر قولها "إن ما دعم موقف هنية في الانفتاح بهذه العلاقة، هو المجلس العسكري لكتائب القسام الذي رأى في إيران وحزب الله سبيلًا للاستمرار في دعمه، وإمكانية العودة في العلاقات مع سوريا قد يمهد لتوطيد هذه العلاقة وعودة تدريجية لما كانت عليه الحركة التي كانت تستفيد من وجودها في دمشق، مشيرةً إلى أن هناك أسباب أخرى تتعلق بالظروف السياسية مثل الحضور في أوساط أهالي الشتات مع عودة فلسطينيي المخيمات في سوريا إلى منازلهم."
ووفقًا للمصادر، فإن" غزة كانت عاملًا حاسمًا سواء بقيادتها السياسية أو العسكرية من أجل عودة هذه العلاقة مع سوريا، ولكن في الضفة والخارج كان هناك تباينات في الموقف قبل أن تحسم الأغلبية لصالح قرار عودة العلاقات مع نظام بشار الأسد."
وأشارت المصادر إلى" أن قيادة حماس بغزة كانت باستمرار تدفع المتحدثين باسمها لإصدار بيانات ومواقف تدين الهجمات الإسرائيلية على سوريا، في إطار محاولة مغازلة النظام في دمشق."
مع بداية العام الجاري، ومع اتخاذ القرار داخل حماس، بدأ حزب الله اللبناني وخاصة أمينه العام حسن نصرالله، بجهود وبدعم من فصائل فلسطينية منها الجهاد الإسلامي وجهات إيرانية، في محاولة التوسط بين حماس والنظام السوري، لكن وفق مصادر مطلعة تحدثت لـ "القدس" دوت كوم، لم تعقد أي لقاءات على مستوى قيادي كبير بين الجانبين، ولكن الحزب اللبناني كان يقود جهود الوساطة ويحاول تقريب وجهات النظر، وما دعم ذلك موقف حماس من الحوثيين في اليمن وظهور هنية في أكثر من مناسبة بإلقاء خطابات في مناسبات كان الحوثيون وكذلك جهات إيرانية يشرفون عليها.حسب التقرير
استمر حزب الله في جهود الوساطة، وضغط النظام السوري باتجاه ضرورة أن تصدر حماس اعتذارًا علنيًا وواضحًا، وهو ما فهم بنجاح محدود لهذه الوساطة بعد بيان الحركة الذي صدر في الخامس عشر من الشهر الجاري، وأثار جدلًا واسعًا.كما ورد في التقرير
وقبل خطوة صدور بيان حماس، أكد قيادات في الحركة أن هناك انفتاح من أجل عودة العلاقة مع النظام السوري، وهذا دفع مجموعة من علماء المسلمين المحسوبين على جماعة الإخوان المسلمين للقاء هنية في اسطنبول وتسليمه رسالة "نصح" بأن يراجعوا قرارهم، ووعد رئيس المكتب السياسي لحماس بذلك، ولكن البيان الذي خرج شكل مفاجأة كبيرة لتلك المجموعة، ولجموع المناصرين لجماعة الإخوان وحتى للفلسطينيين من داخل وخارج الحركة.حسب التقرير
ولوحظ لأيام تجاهل وسائل إعلام النظام السوري لما ورد في البيان، قبل أن تنشر صحيفة الوطن السورية التابعة للنظام، مقالًا على صدر صفحاتها الأولى للكاتب المعروف بولائه للنظام فراس ديب، حول الإخوان المسلمين ووصفهم بـ "المجرمين"، ويتطرق للمصالحة مع تركيا، وما ورد في بيان حماس، الذي وصفها بالتنظيم وأنه يجب التعامل معها على هذا الأساس وليس دولة لها سفراء وغيرها، واتهمها بالتآمر على سوريا، ملمحًا لرفض النظام عودة العلاقات. كما جاء في التقرير
ولم تتطرق سوريا بأي شكل لبيان حماس، على وسائل الإعلام، فيما يبدو أن الحركة الفلسطينية تأمل في تطوير العلاقات من خلال جهود الوساطة المستمرة.
وبقيت حماس منذ البيان ولعدة أيام "ترند" على تويتر ومختلف شبكات التواصل الاجتماعي، ولا زالت النقاشات مستمرة خاصة على مستوى النخب المعروفة بتأييدها للحركة في الخارج من علماء دين وصحفيين وكتاب وغيرهم، حتى من الصحفيين والدعاة المصريين الذين لا يحسبون على جماعة الإخوان، مثل الشيخ محمد الصغير الذي غرد قائلًا: "عودة حماس إلى نظام الأسد منكر يجب إنكاره وخطأ لا يمكن تبريره ولا خير فينا إن لم نقلها ولكن هذا لا يهدم بطولات حماس ولا تضحياتها".
فيما نصح النائب الكويتي السابق وليد الطبطبائي، في تغريدة له، حماس بتصحيح خطواتها بعد أن أضاعت البوصلة بهذا القرار.
بينما غرد محمد المختار الشنقيطي، الموريتاني المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، وأستاذ الشؤون الدولية بجامعة قطر: " من سوء التقدير الاستراتيجي الذي بنت عليه قيادة حماس مصالحتها مع السفاح الأسد اعتقادها بأنه انتصر على شعبه وسيعاد تأهيله دوليًا، والواقع أنه إما أن يسقط أو يظل دكتاتورًا مدحورًا لا يفيد نفسه ولا غيره أو يعاد تأهيله دوليًا على حساب حماس والقضية الفلسطينية، وفي الحالات الثلاث تخسر حماس".
فيما اعتبر الكاتب الأردني/ الفلسطيني ياسر الزعاترة المعروف بتأييده لحركة حماس والإخوان،أن هذا القرار يعكس خللًا في البوصلة وفي التقدير، فضلاً عن تجاهل مشاعر الغالبية من الشعب الفلسطيني؛ ومنهم أبناء الحركة، مضيفًا: "بؤس يستحق وقفة من العقلاء".
أحمد منصور الصحفي الشهير في قناة الجزيرة والمعروف بميوله الإخوانية، تحدث في تغريدة عن مكاسب وخسائر حماس من هذا القرار، معتبرًا أنها كسبت إيران ومن يدور في فلكها، ولكنها خسرت معظم أهالي السنة في العالم من علماء ومفكرين وكتاب ومؤثرين وغيرهم.
فيما عبر الصحفي مدير القناة السابق ياسر أبو هلالة والمعروف أيضًا بميوله الإخوانية، عن رفضه لما جاء في البيان، وخاصة بما يتعلق بإشادته بالنظام السوري ومواقفه دون الإشارة لاعتقاله وتعذيبه لعناصر وقيادات حماس مثل الخالودي.